يهدد التغير المناخي، الحياة على كوكب الأرض بشكل جدي ومتسارع، ويعتبر الوقود التقليدي المستخدم لإنتاج الطاقة الأكثر ضرراً إذ ينجم عن عملية حرقه مجموعة كبيرة من الغازات الدفيئة، التي تعد أحد أكثر مسببات الإحترار العالمي. لكن لا يمكن تجاهل إحتياجات البشر المتزايدة إلى الطاقة، وبالتالي تعاظم كميات الوقود الأحفوري وكل أنواع الوقود التقليدية لتبلية تلك الحاجات، إلا أن ذلك ليس سبباً مقنعاً للإستمرار في تدمير التنوّع الحيوي على سطح الأرض. لذلك رأى العلماء ضرورة التوجه إلى مصادر الطاقة النظيفة أو المتجددة بمصادرها الثلاث (الهواء-الماء –الشمس ) لمواجهة خطر الإحتباس الحراري الرهيب الذي سيداهمنا بالموت يوماً ما.
ماذا فعلو وماذا فعلنا؟
تعتمد آيسلندا على الطاقة النظيفة في توليد الكهرباء و تدفئة المنازل، بنسبة 100في المائة تقريباً فهي بذلك تحتل المركز الأول بين الدول الصديقة للبيئة، تليها النروج في المرتبة الثانية والتي تعتمد في توليد الطاقة على المصادر الطبيعية وخاصة (الكهرومائية) وذلك بنسبة 97 في المائة من إجمالي احتياجاتها للطاقة. أما المرتبة الثاثة بين دول العالم فتحتلها السويد حيث تستخدم مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 50 في المائة ومن ثم تأتي دولاً كالبرتغال واسبانيا وألمانيا وإن بنسب أقل. أما على مستوى العالم العربي فتحتل الإمارات المرتبة الأولى حيث تعتمد مدينة مصدر(مدينة صغيرة تأسست عام 2008 بالقرب من مطار أبو ظبي -الإمارات العربية المتحدة ) بشكل كامل على الطاقة المتجددة. وبالاخص على الطاقة الشمسية.
في سوريا، فضلاً عن بعض المشاريع الصغيرة هنا وهناك والتي طالما أوقفتها وعرقلت تطورها الحرب الرهيبة التي تواجهها البلاد، وعداك عن بعض القرى والبلدات الصديقة جداً للبيئة (بملكة – حزوّر- رأس الكتان راجع مقالتي: https://greenarea.com.lb/ar/217562/قرية-سورية-نموذجاً-حياً-لحراس-الطبيعة/)، تسعى الحكومة جدياً لإيجاد مصدر جديد للطاقة الكهربائية، وذلك بسبب النقص الكبير في كمية الطاقة نتيجة التدمير الرهيب الذي تعرض له القطاع على أيدي المجموعات الإرهابية. فقررت وزارة الكهرباء نشر الألواح الشمسية على أسطح 330 مدرسة في مدينة دمشق، بهدف توليد 10 كيلوواط لكل مدرسة منها. وفي السياق نفسه قامت كلاً من محافظة حلب ومحافظة طرطوس بنشر ألواح شمسية لإنارة مصابيح الشوارع الرئيسية،في الأحياء الكبرى وبعض الحدائق العامة. إلا أن المشروع الأكبر للطاقة البديلة على مستوى سوريا، هو مشروع محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية باستطاعة تبلغ 1.26 ميغاواط، ما يكفى لإنارة 500 منزل و توفير ما يقارب 500 طن وقود تقليدي(ملوث) سنوياً، المشروع تم تدشينه في منطقة الكسوة بريف دمشق.
أما ما يلفت الانتباه أكثر هو أن عدداً كبيراً من الشركات الدولية التي تدق باب إعادة الإعمار في سوريا، تطرح مشاريع الطاقة النظيفة كخيار جديد لدى السوريين في العملية المقبلة. ففي معرض الطاقة المتجددة الذي رعته وزارة الكهرباء مؤخراً، قدمت أربع وأربعون شركة متخصصة أفكارها ومشاريعها لتوليد الطاقة النظيفة، وبعض تلك الشركات عرض تكنولوجيات معالجة وتنقية وتحلية المياه، إضافة الى أنظمة الطاقة الكهربائية وأخرى تختص بالتدفئة والتهوية والتبريد والتكييف التي تحتاجها عملية إعادة الإعمار”.
كذلك فقد عَجَ معرض دمشق الدولي في دورته الأخيرة، بشركاتٍ أتت لتقدم أفكارها مع وسائل وأجهزة لتوليد طاقات نظيفة ستسخدمها في إعادة إعمار ما تهدم من سوريا. أما وزارة الكهرباء السورية وعلى أرض المعرض ذاته، فقد عرضت في جناحها، نموذجاً لسيارة تعمل على الطاقة الشمسية تمشي بسرعة 40 كم/الساعة، قابلة للتطوير في المستقبل لتمشي بسرعة 100 كم /الساعة.
إنقاذ كوكب الأرض من الغازات الدفيئة، مسؤولية الجميع، ويتطلب التوجه الجدي نحو الطاقات البديلة، المتجددة والنظيفة كما يتطلب أن يستوعب الرئيس الأميركي فكرة أن التغير المناخي “حقيقة” وليس كذبة صينية.