ستظل صورة الفتى الفيجي تيموسي ناولوسالا Timocy naulusala (12 عاما) في كلمة ألقاها، بلغة إنكليزية متقنة، من على منصة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ في مدينة بون الألمانية COP23، حاضرة تلاحق رؤساء الدول والمفاوضين، وسيظل صدى كلماته البسيطة مدويا: “تدمر منزلي ومدرستي ومصدر مأكلي ومشربي وعيشي، وعمت الفوضى حياتي، ورحت أتساءل عن السبب وعما ينبغي علي فعله”.
إجراءات خجولة
كلمات هزت مشاعر الحضور، البعض بكى تأثرا، والبعض الآخر وقف تقديرا لمعاناة هذا الصبي الأسمر، أما الجميع فصفق على وقع معاناة سكان جزيرة فيجي التي انعقد المؤتمر برئاستها، كلمات وصلت إلى قلوب المؤتمرين، فهل تحرك عقولهم لتجنيب الكوكب كارثة محققة، ولتبقى فيجي على خارطة العالم، فلا تغدو أثرا بعد عين؟ وهل يتآزر العالم وبسرعة، ليؤمن دفعا لمفاوضات المناخ أبعد مما خلص إليه مؤتمر بون؟
لم يرتقِ “كوب 23” إلى ما يبدِّد الهواجس الكبيرة، واقتصرت نتائجه على اتخاذ بعض الإجراءات، وصفها مراقبون بـ “الخجولة”، لا سيما بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها من الآن وحتى العام 2020، في مجال إصلاح النظام الزراعي، والتزام متجدد بخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، علما أنه في ما يتعلق بالنقاط الرئيسية الأخرى في مجال مكافحة تغير المناخ، فإن التقدم المحرز لم يكن كبيرا، بما يرسم ملامح الأمل على وجه الفتى ناولوسالا.
الخطب والمحادثات لن تحل المشكلة
مع تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي، وارتفاع الحرارة بمعدل درجة مئوية واحدة منذ الحقبة ما قبل الثورة الصناعية، اشتدت موجات الجفاف والحر والعواصف والأعاصير الكارثية، ومن بينها “إعصار وينستون” 2016 الذي قلب حياة ناولوسالا رأسا على عقب، وروى كيف باتت المياه تطمر “جزيرته”، إثر ارتفاع مستوى مياه المحيط وبدا التأثر واضحا على وجهه عندما تطرق إلى الإعصار المدمر الذي قلب حياته رأسا على عقب العام الماضي.
ودعا ناولوسولا في كلمته متوجها لمئات من المندوبين بمن فيهم 25 رئيس دولة وحكومة لـــ “فتح أعينهم على تأثير تغير المناخ”، لافتا إلى أن “لعبة اللوم والإنتظار قد انتهت”، مؤكدا أنه “يجب أن نكون أقل توجها نحو الاقتصاد، ودعونا نكون اكثر توجها نحو البيئة”، وأن “الخطب والمحادثات لن تحل المشكلة ولكن التوجه نحو عمل أكثر فاعلية هو المطلوب”.
وقال نولوسالا: “قريتي التي كانت جميلة مرة أصبحت قفارا قاحلة فارغة… تغير المناخ هنا وباقٍ ما لم تفعلوا شيئا حيال ذلك”.
شهادة الفتى الفيجي ليست مجرد كلمات حركت مشاعر الحضور فحسب، وإنما صرخة وجب مواكبتها لنستحق حياةً تتطلب من العالم المحافظة عليها، كي لا يغمرنا “طوفان” ولا نجد سفينة إنقاذ، إذ يبدو إلى الآن أننا عاجزون عن منع الكارثة، ولا حتى الحد من مفاعيلها المنتظرة، إذا لم نبادر إلى العمل كي لا يسبقنا المناخ ويحل الدمار!