تنتشر الغابات الطبيعية في سوريا على مساحة حوالي ربع مليون هكتار و ويبلغ عدد الأنواع النباتية والشجرية فيها ما يقارب 500 نوعاً مختلفاً (حسب موقع الغابة وارتفاعها عن سطح البحر)، فهناك أشجارٍ حراجية عريضة الأوراق كالبلوط تغطي  57 في المائة من مساحة الغابة، والمخروطيات التي تغطي ما نسبته 29 في المائة، فيما يشكل السنديان بأنواعه والبطم تسعة في المائة، وأشجار اللزاب والشوح والأرز وتشكل خمسة في المائة من الغابة السورية ككل.  وتوجد في الغابة السورية أشجار معمرة كالسنديان التي يصل عمر بعضها الى 500 عام، إضافة لأنواعٍ من الأشجار العالية التي يصل طول بعضها إلى أكثر من 30 متراً، كما تنتشر في أرض الغابة أجناس من العشبيات مثل السراخس، السوسن، القريص وغيرها. وهناك أنواعاً أخرى من نباتات نادرة وأزهار كثيرة ومتنوعة، كما أنها مأوى ومرتع  للكثير من الطيور والحيوانات (أكثر من 225 نوعاً).

وقد عملت الدولة السورية ومنذ عام 1953  على تحريج مساحات واسعة، وتشجيع الأهالي على زراعة أنواع مختلفة من الأشجار(البطم، الاكاسيا، السرو، اللوز، الزيتون، الصنوبر بأنواعه  والآس)  بهدف إيجاد غابات جديدة فتكونت العديد من الغابات في مناطق كثيرة على امتداد الجمهورية العربية السورية مثل غابات بيت ياشوط و غابة الصنوبريات في ريف دمشق وغابات ظهر القصير في حمص، وغابة الأرز والشوح على سفوح جبل النبي متى في اللاذقية، وغابة جبل عبد العزيز في الحسكة، وغابة سد العين في السويداء.

التوسع العمراني، تسوية الأراضي لزراعة المحاصيل الأخرى، الإحتطاب، الرعي الجائر، بالإضافة الى الحرائق، أدت كلها الى إلحاق الضرر بالغابة وإتلاف بيئتها، حيث تقدر مساحة الغابات المقطوعة سنوياً على مستوى العالم  بــ 320 ألف كم2 ، وهي مساحة تتجاوز مساحة دولة بولونيا.

فيما أوردت تقارير وزارة الزراعة السورية، أن الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات، قد تسببت في دمار كبير طال مكونات الغابة  السورية، من نباتات، حيوانات وتُرب.  حيث قدرت عدد الأشجار التي تم قطعها بأكثر من 15000 شجرة صنوبر، ومثلها من أشجار البطم في محمية جبل عبد العزيز، بعضها يبلغ عمره حوالي ثلاثمائة سنة، وعشرات ألاف من أشجار الفستق الحلبي الغزيرة الانتاج في بلدة “مورك” – ريف حماة. والآلاف من الأشجارالمثمرة كالتوت الشامي، التفاح، الدراق، الكرز والجوز تم قطعها قرب منطقة الزبداني في موقع (عطيب – شميس الأحمر – الشعرة)، في حين طالت الحرائق الفظيعة مئات الهكتارات في كل من المواقع التالية:

حريق في منطقة كسب – اللاذقية وصل إلى محمية الفرنلق، وأتى على مايزيد عن  150 هكتاراً ، حريق في منطقة أبو قبيس، ومصياف -حماة أتى على مئات الدونمات من الأشجار الحرجية من الصنوبريات والبطم الأطلسي، فيما أصاب حريق كبير جداً غابات الزعينية في غرب جسر الشغور-ادلب، وهكذا حرائق هنا وأخرى هناك الى أن تدني مساحة الغابة السورية إلى ما نسبته 1.26% من مساحة أراضي البلاد.

الأضرار أيضاً طالت الحيوانات في الغابة السورية، على مختلف أنواعها ،حيث يقول المهندس الزراعي جلال المرقبي  لموقع Greenarea.me ” في فترة ماقبل الحرب، اعتدنا أن نشاهد في غابات وجبال اللاذقية الكثير من الطيور،السناجب، الأرانب  و الثعالب، كذلك بعض الغزلان، الضباع والذئاب وحيواناتٍ أخرى، أما اليوم، وبعد إحراق أجزاء واسعةٍ من تلك الجبال، فلم نعد نشاهد أي نوعٍ من هذه الحيوانات. حتى الزواحف والحشرات أصبحت قليلة”.

كذلك طالت يد الحرب خمسون مركزاً لحماية الغابات ومقتل أكثر من عشرون عاملاً، إضافة إلى أن عدد المفقودين من العمال بلغ 150 عاملاً.

 

يرى الباحثون أن الغابة السورية ستجدد ذاتها بسرعة كبيرة، إلا أنها ستستغرق على الأقل خمسة عشر عاماً، لإعادة تأهيلها بشكل شبهِ تام، وأن بعضها لن تستعيد أبداً، غطاءها النباتي الكثيف كما كان.

وفي ضوء ذلك، وقبل أن نحلم باستعادة المشهد الخلاب لغابات الفرنلق، ورائحة الأوكسجين المنعشة لغابات صلنفة ومصياف، اسمحوا لنا أن نتساءل: في تسابقها الشرس، هل لدى البلدان والمنظمات التي تسعى للحصول على حصة في عملية إعادة إعمار سوريا، استراتيجية معينة لإعادة “إحياء” آلاف الهكتارات من أراض ٍكانت أصلاً غابة غناءة مخميلة جذابة، قبل ما دُعي زوراً “ثورة”؟

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This