اختتمت أمس في مونتريال – كندا اجتماعات الدول الاطراف في بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وياتي هذا الاجتماع بعد عام على توصل ما يقرب من 200 دولة لاتفاق تاريخي يقضي بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة القوية، الهيدروفلوروكربون، في خطوة من شأنها أن تمنع ما يصل إلى 0.5 درجة مئوية لظاهرة الاحتباس الحراري بحلول نهاية هذا القرن، وذلك في الاجتماع الذي عقد للدول الاطراف في البروتوكول في كيغالي – راوندا العام الماضي.
ويعد تعديل بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون بمثابة أكبر مساهمة قام بها العالم نحو الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية “أقل بكثير من” درجتين مئويتين، وهو الهدف الذي تم الاتفاق عليه مؤتمر المناخ الذي عقد في باريس عام 2015. ويشيع استخدام مركبات الكربون الكلورية فلورية في التبريد والتكييف كبدائل للمواد المستنفدة للأوزون، وتعد حاليا أسرع الغازات المسببة للاحتباس الحراري نموا في العالم، فانبعاثاتها تزداد بنسبة تصل إلى 10 في المائة سنويا. بل هي أيضا واحدة من أقوى، الغازات التي تسبب مزيد من الحرارة في الغلاف الجوي للأرض مقارنة بثاني أكسيد الكربون. وقد كان الدافع وراء النمو السريع للمركبات الكربون الكلورية فلورية في السنوات الأخيرة هو تزايد الطلب على التبريد، لا سيما في البلدان النامية مع الطبقة الوسطى التي تنمو بسرعة والمناخات الحارة. وينص تعديل كيغالي على إعفاءات للبلدان ذات ارتفاع درجات الحرارة المحيطة للتخلص التدريجي لمركبات الكربون الكلورية فلورية بوتيرة أبطأ.
جدول أعمال اجتماع الدول الاطراف في مونتريال يحفل بالعديد من القضايا الحساسة على رأسها النظر في سجل الدول التي صادقت على تعديل كيغالي،و الموافقة على القائمة المؤقتة لتكنولوجيات تدمير مركبات الكربون الهيدروفلورية؛ والتقريران الماليان للصندوقين الاستئمانيين لاتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال، وميزانيتا الصندوقين. وتنفق هذه الميزانيات على الأنشطة المتعلقة بالتخلص التدريجي من استهلاك مركبات الكربون الهيدروكلورية فلورية (HCFC).
وسيبدأ نفاذ تعديل كيغالي في 1 كانون الثاني/يناير 2019، شريطة أن تكون الأطراف في البروتوكول قد أودعت لدى الأمين العام للأمم المتحدة بحلول ذلك الموعد 20 صكاً على الأقل من صكوك التصديق على التعديل أو قبوله أو الموافقة عليه. وفي حال عدم الوفاء بشرط تحقيق إيداع 20 صكاً من صكوك التصديق بحلول ذلك التاريخ، سيبدأ نفاذ التعديل في اليوم التسعين الذي يلي هذا الموعد. وقبيل بدأ اجتماع مونتريال كانت ثمانية أطراف قد صدقت على تعديل كيغالي، وهي: بالاو وتوفالو وجزر مارشال ورواندا وشيلي ومالي وولايات ميكرونيزيا الموحدة والنرويج.
وتقدر كلفة الحد من مركبات الكربون الكلورية فلورية بمليارات الدولارات على مستوى العالم. وليس معلوماً بعد الرقم الذي توصل اليه اجتماع مونتريال هذا العام، حيث تطرح الاوراق التحضيرية للمؤتمر مبلغ اجمالي قدر بحوالي750 مليون دولار، وتركزت حول الاتفاق على المبلغ المحدد للتمويل الإضافي، وستكون المنح المقدمة للبحوث وتطوير بدائل معقولة للمركبات الكربونية الفلورية الهيدروجينية بمثابة الأولوية الأكثر إلحاحا.
ومن المقرر ان تبدأ الدول المنضوية ضمن هذا البروتوكول التخلص التدريجي لمركبات الكربون بحلول عام 2019. وستتبع البلدان النامية هذا الإجراء بتجميد مستويات استهلاك مركبات الكربون الكلورية فلورية في 2024، مع تجميد بعض الدول من استهلاكها في 2028، وبحلول أواخر عام 2040، ومن المتوقع أن تستهلك جميع البلدان ما لا يزيد عن 15-20٪ من خط الأساس الخاص بهم.
ويتم حاليا استكشاف مواد بدائل لمركبات الكربون الكلورية فلورية التي لا تستنفد طبقة الأوزون ولها تأثير أقل على المناخ، مثل الأمونيا أو ثاني أكسيد الكربون. كما يجري تطوير تقنيات تبريد فائقة الكفاءة، وفعالة من حيث التكلفة ، والتي يمكن أن تساعد في حماية المناخ سواء من خلال الحد من انبعاثات مركبات الكربون الكلورية فلورية أو باستخدام طاقة أقل.