خاضت الوفود الممثلة للدول المشاركة في قمة المناخ ال23 في العاصمة الألمانية بون محادثاتٍ شائكة بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من إتفاق باريس (كوب21 ) الهادف إلى الحد من الإحتباس الحراري، في حين أعلنت سوريا الغارقة فى حرب دامية انضمامها إليها لتصبح بذلك الدولة الــ197 والأخيرة التي تنضم بعد نيكاراغوا.

ولكن هل كان يعلم المندوبون الذين مثلوا مئتي دولة في تلك القمة أن سوريا التي إنضمت مؤخراً الى إتفاقية باريس، لا تزال في المرتبة ال47 من بين البلدان التي تنتج أحد أهم غازات الدفيئة التي تتركز في الغلاف الجوي في شكل متزايد ( CO2) ، وذلك بنسبة لا تتجاوز الــ0,3 في المائة، بينما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى، بما نسبته 23 في المائة من مجموع الإنبعاثات العالمية.

المرجع في ترتيب البلدان موجود على الرابط التالي:

https://ar.wikipedia.org/wiki/قائمة_الدول_حسب_انبعاثات_ثاني_أكسيد_الكربون

قبلها شاركت سورية في أعمال قمة الأرض الأولى التي انعقدت في مدينة ريو دي جانيروالبرازيلية عام 1992  وصادقت على الإتفاقيات الثلاث المنبثقة عنها في ما يتعلق بالتنوع الحيوي والتغيرات المناخية والتصحر.

أضف الى ذلك أن سوريا وقّعت في عام 2006 على اتفاقية كيوتو (Kyoto Protocol)   بشأن تغير المناخ، الهادفة إلى مكافحة ظاهرة الإحترار العالمي، وقتها ادعت الولايات المتحدة الأميركية أن الإتفاق(كيوتو) ظالم بحقها، ومنصف للدول النامية الكبيرة كالصين والهند(شيء يدعو للسخرية).

الجدير ذكره هنا أن الجمهورية العربية السورية قد صادقت منذ عام 1975على اتفاقية الـيونسكو (UNESCO)، حول حماية التراث العالمي(الذي يتعرض 62 موقعاً منه لأثار التغير المناخي ومئات المواقع الأخرى في العالم تتعرض للتخريب نتيجة الحروب)، ويوجد في سوريا ستة مواقع مصنفة في قائمة  التراث الإنساني العالمي، وحسب تقارير المنظمة ذاتها فالمواقع الستة،  معرضة كلها للخطر منذ عام 2013، نذكر منها :

مدينة دمشق القديمة:

أحدثت قذائف الهاون التي طالت الجامع الأموي تشويهاً في لوحات الفسيفساء التاريخية القيمة الموجودة في الرواق المعترض.في حين تضررت كنائس عدة داخل دمشق القديمة من قذائف الهاون(الارمن والزيتونة)، فيما أصابت قذائف أخرى البرج في المدخل الشرقي وقاعة العرش في قلعة دمشق.

مدينة بصرى القديمة:

تاريخياً، كانت من أهم مدن العالم، ففي عام 106م أصبحت عاصمة للولاية العربية التابعة للإمبراطورية الرومانية، ومركزاً للكرسي الأسقفي بعد تبني الإمبراطورية الرومانية الشرقية المسيحية رسمياً. خلال الحرب تم تدمير سرير بنت الملك كاملاً)  يعود هذا البناء للقرن الأول الميلادي ، ويعد أهم الأقسام الأثرية في المدينة(.

مملكة تدمر:

دمجت أعمدة  تدمر في فنها المعماري وهندستها طوال القرنين الأول والثاني بين التقنيات اليونانية الرومانية والتقاليد المحلية وتأثيرات بلاد فارس ويبلغ عمرمدينة “تدمر” الرومانية ألفي سنة، ويكفي هنا أن نذكر ان “داعش” فجرت ثلاثة مدافن برجية في مدينة تدمر الاثرية ( مدفن جمباليك- 83 ميلادي، ، مدفن إلاله بل- 103 م. ومدفن كيتوت يعود الى عام 44 م).”لابل هي  المدافن الأجمل والأكمل بين كل المدافن التي تشتهر بها تدمر”.وسبق أن فجر التنظيم الارهابي المذكور معبد “بعل شمون” في مدينة تدمر الأثرية.

مدينة حلب القديمة في عام 1986.

ذكرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن حجم الأضرار في المواقع الأثرية في مدينة حلب القديمة خلال سنوات الحرب في سوريا بلغ 60% من مدينة حلب القديمة قد تضررت بشكل كبير و 30% تم تدميره كليا.

فقد فجرت “التنظيمات الإرهابية نفقاً في مدينة حلب القديمة” تسبب “بانهيار جزء من سور قلعتها الشهيرة”. كما تضررت أبواب سور المدينة، (باب الحديد، وباب قنسرين، وباب أنطاكيا وباب النصر)، وتأثّرت الخانات (خان الوزير، وخان الجمرك، وخان الصابون، والمنازل التاريخية مثل بيت الوكيل، وبيت غزالة ودار زمريا، كما تعرّضت المكتبة الوقفية للتلف بسبب الحرائق ،عداك عن أن قذائف الهاوون قد تسببت بحريق ضخم أكل سوق حلب القديمة الذي يعود الى 4000 عام ويبلغ طوله حوالي 16 كيلو متراً.

قلعة الحصن

يرجع تاريخها إلى 900 عام، تحصنت فيها المجموعات الارهابية لمدة عامين عاثت خلالها خراباً فظيعاً .

المدن المنسية

واحدة من أكثر تجمعات المناطق الأثرية في العالم)  800 موقع وقرية أثرية(، تقع بين ريفَي إدلب وحلب، بُنيت في الفترة ما بين القرنين الأول والسابع للميلاد، نذكر منها البناء المعماري الخلاب لكنيسة مار سمعان العمودي والتي رصفت ارضها بالفسيفساء، تعرضت للتخريب بعد استخدامها كساحة تدريب من قبل فصيل مسلح يدعى “لواء التوحيد”، كما سببت القذائف ضرراً كبيراً بالواجهة الداخلية للدير والكنيسة.

كذلك قامت المجموعات الارهابية في الرقة بهدم تماثيل على شكل أسود، وفي دير الزور، وتحديداً في موقع مدينة «كاتليمو» الآشورية، تعرضت آثار الهيكل الآشوري للدمار. كما دارت اشتباكات ضارية حول قلعة المضيق في مدينة آفاميا، أما في دير سيدة صيدنايا العملاق، طاول القصف الجزء الأقدم منه الذي يعود الى عام 574م ، وهو الذي يعتبر من أقدم الأديرة المسيحية المأهولة في العالم، والاخطر من هذا كله أن تمثالاً ذهبياً لإله آرامي يعود الى القرن الثامن ق.م ويعدّ رمزاً من رموز سوريا قد سرقه تجار الحروب.

 

في قمة المناخ  في الأمم المتحدة المنعقدة في مدينة بون -ألمانيا ،  نشر الإتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة تقريراً جاء فيه :أدى تغير المناخ إلى تدمير ثلث مواقع التراث العالمي الطبيعي التي يبلغ عددها 241 موقعًا. صدر هذا التقرير في الوقت الذي دمرت فيه المجموعات الإرهابية الممولة من الولايات المتحدة ودول الخليج، مئات المواقع الأثرية في سوريا، بما فيها المواقع الست الوحيدة المدرجة على قائمة التراث العالمي الطبيعي.

مهما كان شكل  “إعادة الإعمار” التي ستجري للوسط الحيوي والطبيعة في سوريا، سيكون من المستحيل إعادة هذه المواقع الأثرية التي تشكل أحد أركان الطبيعة الأم، إلى ما كانت عليه؟

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This