فيما يفتش البيئيون والمهتمون بالحياة البرية عن الذئب الرمادي في لبنان، في محاولة لإعادته إلى مناطق اختفى منها، ليعيد للنظم البيئية في الغابات المتبقية عافيتها وتوازنها، نفاجأ أمس بأن يدا تطاولت على هذا الكائن النادر والمهدد بالانقراض وأردته ببندقية صيد.

وكالعادة لم يتوانَ الجاني عن “عرض عضلاته” على مواقع التواصل الاجتماعي، مبررا فعلته بـ “حماية” الناس من هذا الكائن “المفترس”، بشكل ينافي المنطق ولا يمت بصلة إلى الحقائق العلمية الدامغة، وهي تؤكد أن “الذئب الرمادي”  Gray Wolf – اسمه العلمي Canis lupus – أنه “عندما يقوم البشر بصيدها بين الحين والأخر، فإنها تميل إلى تفادي الاحتكاك معهم، إلى درجة أنها تتخلى عن فريستها عندما تشعر بدنو إنسان منها”، وفقا للبروفسور فاليريوس غيست Valerius Geist والأستاذ الفخري في العلوم البيئية من جامعة كالغاري في ألبرتا – كندا، والذئب شأنه شأن أي حيوان آخر إذا ما تعرض لهجوم فهو يدافع عن نفسه.

 

مهدد بالانقراض

 

وفي هذا المجال، عرضت أمس إحدى الصفحات البقاعية على مواقع التواصل الاجتماعي منشورا، جاء فيه “اصطاد الشابان محمد وابراهيم زهرة ذئبا وخنزيرا بريا في جرود بلدة خربة روحا صباح هذا اليوم (أمس)”، فعلى الرغم من ازدياد الوعي حيال الحيوانات البرية المهددة بالإنقراض في لبنان، إلا أن كثيرين ما زالوا يمعنون في رصد الذئاب وقتلها والتقاط الصور وعرضها بهدف التباهي والتفاخر.

كما وعرضت الصفحة صورا للشابين مع الذئب، وبدا واضحا أنه ينتمي إلى الفصيلة المعروفة في لبنان، أي الذئب الرمادي، وتوالت التعليقات التي شجبت بمعظمها هذ الفعل، وأوضح كثيرون أن اصطياد الخنزير البري مباح لكثرته ومسموح صيده، لا بل يُشجع على صيده دون تحديد العدد، لما يسببه من ضرر على المزروعات والمحاصيل وتخريب الاراضي الزراعية، أما من ناحية الذئب، فقد شجب العديد من المتابعين قتله، كونه من الحيوانات اللاحمة المهمة جدا لاستمرار الحياة البرية، فضلا عن أنها من الحيوانات المهددة بالانقراض.

والجدير بالذكر أن أحد الشابين أجاب على التعليقات، وحاول تبرير فعلته بأن الحرج والبلدة قريبان والذئب يهاجم الماعز، قائلا: “هيدا بالحرج عنا وعم يهدد المواشي وارزاق الناس وهناك قرب بالمسافة بين البلدة والحرج”، ثم عاد وبرر بشكل آخر على أحد التعليقات المستنكرة، فقال: “لا تفكروا إنو فرحنا بصيدته لكن وقت الوهلة لم يكن هناك وقت للتفكير والتحليل والتحريم ولطالما صادفنا قطعانا من الذئاب وخاصة بموسم التزاوج ولم نصطادهم لكن المكان الذي تواجد فيه هذا الذئب على أطراف البلدة، أعود واجدد تفهمي للبعض”، أما عن السبب الحقيقي لإقدامهما على قتله ربما توضحه الصورة الملتقطة والمعروضة!

 

ضحية الأساطير والخرافات

 

ولا بد من التأكيد مجددا أن الذئاب لا زالت ضحية الحكايات والأساطير والخرافات القديمة، إلا أن البعض لا زال يصر على ترويج الإشاعات حولها لتبرير قتلها، مع العلم أن الحيوانات هذه تؤثر البقاء في بيئتها وهي تخاف من الانسان وتنأى عنه، ولا تهاجمه إلا دفاعا عن النفس، أي إذا ما استشعرت الخطر.

لم توجد الذئاب صدفة، ففي البرية منظومة بيئية متكاملة، واللواحم هي عقدة حجر البرية، كما أن الذئب من أكثر اللواحم أهمية في الحياة البرية اللبنانية الى جانب الضباع، الثعالب، الغرير، ابن آوى وغيرها، والذئاب الرماديه أو العربية  Canis lupusتنتمي الى فصيلة الكلبيات تعيش الذئاب إجمالاً في مجموعة تُسمّى قطيعاً، إلا أنه يُمكن العثور على ذئاب منفردة بالبرية في بعض الأحيان، لكن القطعان تبقى أكثر شيوعاً، وغالباً ما تكون الذئاب المنفردة أفراد طاعنة في السن تمّ طردها من القطيع، أو يافعة تبحث عن منطقة خاصة بها، وقد عاشت على الأرض قبل مئات الآلاف من السنين ونجت من الانقراضات الكبرى، إلا ان اعدادها بدأت تتراجع نتيجة انحسار الموائل وتعرضها للقتل ،

ولا بد من الإشارة إلى أن تراجع اعداد الضباع والذئاب أدى الى ازدياد أعداد الخنازير البرية، والآن ومع تفاقم ازمة النفايات وتكاثر اعداد الخنازير البرية لم يدرك الكثيرون بعد أهمية المحافظة على هذه الحيوانات وحمايتها، ويهمنا أن نؤكد بأن الذئب لا يهاجم القرى، لكن في موسم الثلوج يضطر للبحث عن فريسة، وعلى المواطنين في القرى الجردية القيام بتحصين حظائر حيواناتهم لحمايتها لا أكثر ولا أقل.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This