تناقش لجنة فرعية منبثقة عن اللجان النيابية المشتركة ثلاثة مشاريع قوانين تتعلق بالبيئة ابرزها مشروع القانون المتعلق بنوعية الهواء.
يسجل العديد من الملاحظات على مسودة القانون بصيغتها الحالية، كونها اعدت قبل عدة سنوات، ما جعل العديد من موادها غير متناسبة مع الواقع الحالي، لكن المفارقة ان وزارة البيئة لم تنتظر اصدار القانون وباشرت الى اطلاق استراتيجية وطنية لادارة نوعية الهواء 2015-2030 ، بحسب ما يقترح القانون المذكور، وهي خطوة لا بد ان تسجل بشكل ايجابي ، كون الإستراتجيات تسبق القوانين والقرارات، التي يفترض ان تتوائم مع الإستراتيجية وليس العكس.
اطلقت هذه الاستراتيجية في كانون العام 2017 بتمويل من الإتحاد الأوروبي، واعدها كل من كابريسيا شبارخ وشربل عفيف وكريستيان ناجل وهم مختصون بنوعية الهواء، وجورج متري، وهو خبير في حرائق الغابات.
وتشير التقديرات الواردة في تقرير للبنك الدولي إلى أن كلفة الآثار الناجمة عن تلوث الهواء على صحة الإنسان في لبنان في عام 2008 قد وصلت إلى 151 مليون دولار أميركي سنوياً. كما أظهرت دراسة أجريت بين العامين 2008 و2010 في الجامعة الأميركية في بيروت، بالإشتراك مع جامعة القديس يوسف وبالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية، أن تكلفة تلوث الهواء في بيروت بلغت 10 ملايين دولار أميركي في عام 2001؛ ولا شك أنه يمكننا التوقع بأن هذه التكاليف قد ارتفعت إلى حد كبير في الوقت الحالي نظراً إلى الزيادة المتوقعة في الإنبعاثات.
أعدت وزارة البيئة عام 2005 مشروع قانون حماية نوعية الهواء. وتنص المادة 1-12 من هذا القانون على ان “تقّر إستراتيجية وطنية لإدارة نوعية الهواء المحيط بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير البيئة، بعد استشارة وزارات الصناعة، الطاقة والمياه، الأشغال العامة والنقل، الصحة العامة، والزراعة”.
بالإضافة إلى معالجة القضايا المتعلقة بنوعية الهواء، تسلّط هذه الإستراتيجية الضوء على ضرورة تعزيز الحد من خطر اندلاع حرائق الغابات في لبنان كوسيلة لمنع الحرائق الكبيرة والتخفيف من آثارها البيئية والصحية. وتنص الاستراتيجية على اهمية الحاجة لإيجاد نظام متكامل للتوقع المسبق بخطر اندلاع الحرائق تنسجم مع الإحتياجات، لتحسين إدارة مخاطر الحرائق على النحو المبين في الإستراتيجية الوطنية لإدارة حرائق الغابات، التي اقرت في مجلس الوزراء في العام 2009.
وفقاً لدراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، لبنان هو من البلدان الأكثر تضرراً جراء تلوث الهواء المحيط في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. غير أن الدراسة تذكر أيضاً أن آثار تلوث الهواء على صحة الإنسان قد تكون حتى أكبر بكثير من التقديرات المذكورة.
وتناولت دراسة صدرت في منتصف العام 2015، أعدها مريم نخلة وفرح وهبة ونيلي زيادة وماهر عبود وآخرون، العلاقة بين دخول المستشفيات لحالات طارئة متصلة بأمراض في الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية وتلوث الهواء في بيروت. وكشف الباحثون والباحثات عن وجود تأثير كبير للجزئيات على دخول المستشفيات لحالات طارئة متصلة بأمراض في الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية. وتنسجم نتائج هذه الدراسة مع تلك التي توصلت إليها مختلف الدراسات الأخرى في سائر أنحاء العالم.
تقول الإستراتيجية المتعلقة بادارة نوعية الهواء ان هناك العديد من المنافع والتكاليف التي جرى تحليلها. وحددت نسبة هذه المنافع مقارنة بتكلفة الحد من تلوث الهواء للسنوات 2006 – 2025، وتبين ان المنافع تتجاوز إلى حد كبير تكلفة تعزيز تدابير رصد نوعية الهواء وتطبيقها.
يتم تخفيض تكاليف تدابير الحد من تلوث الهواء بشكل أكبر من خلال تنفيذ تدابير للتصدي لتغير المناخ. يصح ذلك بشكل خاص عند التعامل مع المؤثرات المناخية قصيرة الأمد (بما في ذلك الكربون الأسود والأوزون والميثان). غالباً ما تسفر بعض التدابير، مثل تحسين كفاءة الطاقة، عن تحقيق وفورات صافية.
يصف الفصل الأول من الإستراتيجية خلفيتها وأساسها القانوني. أما الفصل الثاني فيقدم لمحة عامة عن الوضع الراهن لإدارة نوعية الهواء في لبنان، بما في ذلك تقييم للوضع الراهن لنوعية الهواء في لبنان والإطار المؤسسي والقانوني المتصل بإدارة نوعية الهواء وخطر حرائق الغابات. كما يصف الفصل الثالث الرؤية والأهداف الطويلة الأمد التي ينبغي تحقيقها من خلال تنفيذ الإستراتيجية بحلول العام 2030. ويقدم الفصل الرابع الآليات المقترحة للتنفيذ والرصد والتقييم، فضلاً عن تشارك المعلومات المتصلة بالإستراتيجية.
ويتبين من المؤشرات المقترحة لتطبيق الاستراتيجية ان هناك العديد من الاستحقاقات التي ينتظر تنفيذها، على سبيل المثال قيام مجلس الوزراء أو الوزراء المعنيين بإصدار المراسيم التطبيقية ذات الأولوية المطلوبة لتطبيق خطة العمل ، لكن هذا الأمر لن يحدث في المدى القصير نظراً الى احتمال عدم المصادقة على مشروع القانون قبل موعد الانتخابات النيابية. كما يفترض بحلول العام 2018 إصدار منهجية لعينات نوعية الهواء عبر قرار لوزير البيئة. ومع بداية العام 2018، يفترض إصدار جميع الكشوفات والتقارير الذاتية البيئية بحسب منهجية عينات نوعية الهواء الخاصة بوزارة البيئة. وبحلول العام 2020، يفترض اعتماد معايير الإتحاد الأوروبي في إجراءات الميكانيك لإصدار شهادات الترخيص، وإصدار جميع قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بمعايير جودة الوقود بناء على المؤسسة الوطنية للمقاييس والمواصفات – ليبنور، وتنفيذ ما لا يقل عن إجراء واحد للحد من المخاطر في مطار رفيق الحريري الدولي بيروت بالتماشي مع مبدأ توزيع المصادر، واعتماد أهداف تحسين نوعية الهواء في الخطط القطاعية لدى ما لا يقل عن قطاعين.
بالطبع تبقى جميع هذه المؤشرات والمواعيد التي حددت لتنفيذها رهن الاستقرار السياسي وعمر الحكومات ومزاج وحماسة الوزراء، والى حين اقرار القانون في مجلس النواب القابع في ادراج مجلس النواب منذ ست سنوات، تبقى الاستراتيجية المتعلقة بإدارة نوعية الهواء غير قابلة للتطبيق في العديد من بنودها.