أكّد التقرير السنوي لــ”مُؤتمر ميونيخ” للأمن في دورته الــ54 والذي حمل عنوان “إلى حافة الهاوية – والعودة؟”، أن الحرب في سورية ستَستمر لسنوات، وربّما لعُقود، وأن احتمالات تَطوّرها إلى حَربٍ عالميّة بين القوّتين العُظميين وارِدة في ظِل الحَرب الباردة المُتفاقِمة.
المفارقة المضحكة هنا، أنه مؤتمر للأمن العالمي، وجميع الدول التي تشكل الاستعمار الجديد الذي يخرب العالم (فرنسا-المانيا –بريطانيا –الولايات المتحدة الاميركية…..الخ) أكدت في خطابها خلال المؤتمر أنها ستزيد مستقبلاً من قدرتها الدفاعية (سيبلغ الإنفاق العسكري للاتحاد الأوروبي حوالى 386 مليار دولار بحلول عام 2024) ، والمفارقة الأخرى أن دولاً استعمارية مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، تدعي حرصها على الأمن العالمي ، تقدمت، في اليوم التالي لانتهاء “مؤتمر ميونيخ” بمسودة قرار الى مجلس الأمن الدولي لإدانة إيران على تقاعسها في منع وصول صواريخها البالستية للحوثيين. مسودة القرار هذا، تشمل تجديد عقوبات الأمم المتحدة على اليمن لعام إضافي، ذلك يعني بالضرورة المزيد من القتلى والمشردين والجوعى في اليمن (يوجد في اليمن اليوم أكثر من سبعة عشر مليون جائع، وملايين الأطفال المرضى على مشارف الموت). !!!
وكانت ذات الدول قد أظهرت كذبها وزيف إدعائها في ما يخص إعادة إعمار العراق، فمنذ أيام انتهى مؤتمر “إعادة إعمار العراق”، الذي عقد في الكويت، بغية جمع 100 مليار دولار …إلا أن المبلغ الذي تم التبرع به في المؤتمر لم يتجاوز ال30 مليار دولار، لدرجة أن صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، وصفته بالمؤتمر الفاشل، فقد تبرعت كل دول الاتحاد الاوروبي بمبلغ 1,3 مليار دولار، أي ما يقارب ثمن النفط الذي تم نهبه في اسبوع واحد من العراق (أعلنت وزارة النفط العراقية في بيان لها يوم 10 شباط/فبراير أن: بغداد باعت أكثر من 108 ملايين برميل من النفط الخام من الحقول الواقعة وسط البلاد وجنوبها، محقّقةً إيرادات ناهزت سبعة مليارات دولار) انتهى المؤتمر ولايزال مليونان ونصف المليون عراقي مشردين، ومدن العراق الكبرى في خرابٍ عظيم !!!
صحيح أن التقرير السنوي الجديد لــ”مُؤتمر ميونخ للأمن” طرح ذات الطروحات التي كانت في الأعوام الماضية ، في ما يتعلق بقضايا المناخ والهجرة. وصحيح أنه شَجَبَ بشكل صريح انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من اتفاقية باريس بشأن المناخ، وعدم اعتبار تغير المناخ خطراً أمنياً ضمن استراتيجية الأمن القومي الأخيرة.
وصحيح أنهُ ذَكَرَ بأن الأعوام 2017 و2015، و2016 كانت الأعوام الثلاث، الأكثر حراً، منذ أواخر القرن التاسع عشر، وأنها أيضاً أكثر الأعوام التي شهدت مجموعة من الكوارث الطبيعة (العواصف، الجفاف والفيضانات). وبالرغم من أن التقرير، ربط ظاهرة تغير المناخ بالصراعات التي ساهمت بدورها في الهجرات والمجاعات.
بالرغم من كل ذلك، غير أن شيئاً لم يتغير على أرض الواقع، فلا تزال الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت انسحابها من “اليونسكو”، واتفاق المحيط الهادئ، ومن اتفاقية باريس للمناخ، والتي تهدد بالانسحاب من الإتفاق النووي مع إيران، تلوّث الهواء في كوكب الأرض برمته، ولايزال ترامب الذي طلب ، تخصيص مبلغ 686.1 مليار دولار للنفقات العسكرية، في السنة المالية 2019، يدّعي أن التغير المناخي ما هو إلا خدعة اخترعها الصينيون، كما لا تزال دول الاستعمار الجديد، تبيع السلاح لمجموعات ارهابية تعمل على تدمير البلدان النامية والفقيرة، ومن ثم ترسم، بالتعاون مع صندوق النقد، والبنك الدولي، أحلاماً وردية عن إعادة إعمار تروجها بين الدول الفقيرة، وليس أخرها حلم (مؤتمر) “إعادة إعمار العراق ” الذي لم يجني منه الشعب العراقي سوى الأضغاث، لأنه قد نشهد الكثير من المؤتمرات، عن أحلام لإعادة إعمار ليبيا، اليمن، تونس وسوريا، وكلها دولاً اجتاحتها رياح “الربيع العربي” الفاسدة.
عقد الذين يتسلحون و يدمرون العالم، مؤتمراً للدفاع والأمن في “ميونيخ” عنوانه العريض العالم على حافة الهاوية، إتهموا فيه أصدقاء الشعوب من روسيا، إيران، كوريا الشمالية، فنزويلا وكوبا وغيرها بأنها تُزعزع الإستقرار العالمي، فيما يستمرون في دعم الإرهاب حول العالم وتدمير، أمم الأرض ومن ثم يمنون أهلها بأحلام وردية (مؤتمرات) عن إعادة الإعمار.