تُعرب حكومة الولايات المتحدة الأميركية وبشكلٍ مستمر عبر مندوبتها لدى الأمم المتحدة “نيكي هيلي” عن قلقها الشديد والعميق “من قصف الغوطة ومنع سكانها من الحصول على المساعدات الإنسانية، وتركهم دون طعام وماء ودواء”.

تُعرب عن قلقها على أطفال الغوطة، فيما لا تقلق على أكثر من أربعة ملايين طفل سوري، وُلدوا منذ بدء الحرب، وعلى ضعف هذا العدد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والتشرد والأمراض ( الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي، السل وحمى التيفوئيد والحمى المالطية ،الكوليرا، الليشمانيا الجلدية، الدفتيريا).

لا تقلق على الحياة الطبيعية في سوريا، التي دمرتها الحرب، بدءاً من الغطاء الأخضر( خسرت سوريا نتيجة هذه الحرب أكثر من ستونَ ألفَ شجرةٍ) ، مروراً بفقدان الموائل الطبيعية ووصولاً الى اختلال فظيع في التنوع البيئي.

هؤلاء يقلقون جداً من أن الجيش السوري يضرب مواقع الإرهاب في الغوطة، ولايعترفون أن جميع الفصائل الإسلامية الإرهابية منعت ولا تزال خروج المدنيين من المنطقة.

يقلقون من الدعم الروسي للجيش السوري، وهم في نفس الوقت يخططون لإنفاق 1.25 تريليون دولار، على مدى العقود الثلاثة المقبلة لاستبدال وتحديث ترسانتهم النووية…. بالتأكيد الترسانة تلك، لن تنشر السلام والزهور والفرح في العالم.

قلقهم واضح جداً على أطفال الغوطة، ولكنهم يتعامون عن أن هناك أطفال في كفريا والفوعة، نبُل والزهراء، وآخرون في محردة وسقيلبية، متجاهلين في قلقهم أنه لايزال هناك آلاف الأطفال المخطوفين والمحتجزين في سجون الإرهابيين المدعومين أساساً من قِوى القلق العالمي، وكل ذلك يحدث في ظل سكوت منظمات الأمم المتحدة المترهلة.

 

يقلقون من حصار إرهابييّ الغوطة، الذين أمطروا العاصمة دمشق بالقذائف، ربما لأنهم يعتبرون أهل باب توما والقصاع، ليسو مدنيين أبرياء، ويتعامون عن كل ما دُمر وسُرق من آثار في سوريا، وخير مثال يطرح هنا، ما حل في قلعة أفاميا التي تقع على بُعد 60 كم شمال غرب مدينة حماة (سُرِقت لوحات فسيفسائية من متحف أفاميا تعود في عمرها إلى العهد الروماني)  وسرير بنت الملك في بصرى الشام (دُمر دماراً كاملاً) وتدمر (تم قصف معبد بل الذي  بُني عام 32م) .

يَقلَقُ، يومياً، كلَ مَن أزهق أرواح عشرات آلاف اليمنين، ودفع بأكثر من عشرين مليون مواطن يمني الى حافة المجاعة (حسب تقارير مارك لوكوك مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية).

 

ويقلقُ، كلَ من لوّثَ التُراب والهواء والماء في العراق، ونهبَ ثرواته، وتسببَ بمقتلِ أكثرمن مليوني شخص، كما يقلق الذين دمروا ليبيا وانهكوا تونس وغزوا بنما وهايتي ويضغطون على الشرفاء في كوبا وفنزويلا.

لهؤلاء الذين يقلقون كثيراً نقول: لا يوجد مصدر قلق واحد في العالم، سواكم.

ليس من أحد يدعم ويموّل الإرهابيين وتجار السلاح ومُخربي هذا العالم، سواكم.

فأنتم، بشركاتكم الرأسمالية العملاقة، المسبب الرئيسي للتغير المناخي، ولم يدمر الموائل الطبيعية ويتسبب بإختلال الوسط الحيوي والبيئي في العالم، سواكم.

وأنتم من سرق ثرواتنا وآثارنا ويحاول إحداث تغير ديموغرافي حقيقي، من خلال تهجير القليل المُتبقي من السكان الأصليين لسوريا، أصحاب الحضارات العريقة ،من سريان وكلدان واشوريين.

نعم أنتم ولا أحد سواكم.

وأنتم من أخرج أربعة آلاف مدرسة حكومية في سوريا من الخدمة فارتفعت بذلك  نسبة الأمية وانتشر التخلف، وكذلك بسببكم شاع العنف بجميع أشكاله (العائلي والمدرسي والمجتمعي)فاغترب الإنسان السوري عن ذاته.

دعمكم للارهاب في بلادنا هو من دمّر ثلثي مشافي سوريا (60 من اصل90)، وحرم مئات آلاف الاطفال من اللقاحات والأدوية والعلاجات.

أنتم من أمعن في تجارة الأعضاء البشرية، وأعاد الرق الأبيض والأسود، أنتم من كسر قلوب آلاف الأمهات على أولادهن الشهداء، وليس غيركم.

أخيراً نقول : تباكوا ماتشاؤون، فنحن نعلم أن من دمر سوريا لن يعيد إعمارها، فالبلاد يعمرّها الذين بنوا الجامعات والسدود، والذين سلحوا الجيش السوري الوطني، والذين يستقبلون الشباب السوري في جامعاتهم، والذين يمدوننا منذ أيام الإتحاد السوفيتي بالسلاح، الغذاء والدواء، وليس من يفرض العقوبات عليها.

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This