فيما يتنافس المرشحون جنوبا وبقاعا مستحضرين “إنجازاتهم” تمهيدا لخوض الاستحقاق النيابي، ما يزال نهر الليطاني يئن من تجاهل وإهمال، وما تزال “خارطة الوجع” ماثلة لم تتغير على امتداد ضفتيه من المنبع إلى المصب، من أقصى البقاع إلى شاطىء البحر جنوبا.
لا الدراسات نفعت ولا الطلات الإعلامية والحملات، ولا الأموال المرصودة دفعت باتجاه بدء المعالجة الفعلية، فيما يموت الناس من أمراض ولا من رف له جفن إلى الآن، فقط صراخ لا يسمن ولا يغني من جوع، باستثناء بعض التعاميم تصدر من آن لآخر، وبعضها من باب رفع العتب ليس أكثر.
وما يزال الليطاني مستباح، تحول إلى مجراه مخلفات الصرف الصحي والصناعي، حتى صدر أكثر من تعميم يحذر المزارعين من ري مزروعاتهم بمياهه، وفي ذلك تأكيد على نسب التلوث العالية والخطيرة.
وفي جانب آخر، ثمة من يرى في النهر منطقة مستباحة، ولا يتورع عن إفراغ حمولة مياه الصرف الصحي المتجمعة في الحفر الصحية في العديد من القرى والبلدات، وهذا ما تم كشفه مؤخرا في بلدة العباسية – قضاء صور، وبدأت الأمور تسلك طريقها نحو ضبط هذه المخالفات، وهذا ما لمسناه من خلال بلدية العباسية، وبالتوازي من خلال “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني”، ما يمكن اعتباره مؤشرا إيجابيا، وإن كان المطلوب أكثر بكثير.
حرشي
وفي هذا السياق، أكد رئيس بلدية العباسية خليل حرشي لـ greenarea.info أنه “من خلال اهتمامي بالشق البيئي ومتابعتي المستمرة، دائما أشدد على قمع المخالفات ولا سيما منها تلك المتعلقة بالتلوث والنظافة العامة”.
وكانت البلدية قد أصدرت بيانا بهذا الخصوص عبر موقع “بلدتي الجنوبية”، وهو موقع يعنى بقضايا بلدة العباسية، ولفت إلى أن “البلدية سطرت محضر ضبط بحق الذي أفرغ الصرف الصحي لدى مخفر العباسية منذ اسبوع”.
وأضاف حرشي: “كما تم الادعاء من قبل مدير عام مصلحة الليطاني الدكتور سامي علوية، وتم توقيف كل من العامل السوري ورب العمل اللبناني بناء على إشارة المدعي العام البيئي”، مؤكد أن “البلدية ستتابع الموضوع، ولن تتوانى عن تسطير محاضر ضبط، وتاليا والادعاء على كل من تسول له نفسه التهاون والتعدي على البيئة ومخالفة قوانين النظافة العامة، وذلك لأهمية الموضوع البيئي في حياتنا وضرورة المحافظة على مقوماتها لأننا بالتالي نحافظ على ديمومة الحياة واستمراريتها”.
علوية
وفي سياق متصل، كتب مدير العام ورئيس مجلس إدارة “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” الدكتور سامي علوية على صفحته على موقع “فيسبوك”: “لا حل للمشاكل البيئية والصحية الا اذا صدرت قوانين زاجرة تمنع البلديات من انشاء مكبات النفايات وحرقها، وتلزمها بمعالجة الصرف الصحي”.
وأضاف: “يمكن لمن يرغب معرفة منسوب التخلف البيئي البحث في أرشيف الاخبار على شبكة الانترنت لمشاهدة قيام بعض الوزراء بافتتاح شبكات (مجارير) تصب مباشرة في النهر”.
وقال علوية لـ greenarea.info: “اننا ومن بموقع مسؤوليتنا رفعنا إلى المدعي العام البيئي دعوى جزائية بحق أحد المواطنين بعد أن تحققنا من أنه صاحب الشاحنة، إضافة إلى عامل سوري الجنسية يعمل لحسابه، وكانت قد أقدمت بلدية العباسية على تسطير محضر بحقه، وجاء ذلك بعد اقدامهما على تفريغ صهريج مياه صرف صحي تم سحبه من إحدى الجور الصحية ورميه في قناة ري تابعة لمصلحة الليطاني، وقد تم توقيف الفاعلين قبل يومين وحجز الشاحنة”.
حوكمة رشيدة
واضاف: “إن هذه الظاهرة ليست بجديدة، فالبعض امتهنها كمهنة له في غياب المحاسبة والمراقبة، وعليه نحن نرى أننا أمام ظاهرة يجب التصدي لها وردعها، ومن أجل أن نقوم بواجباتنا في هذا المجال على البلديات أن تكون عونا لنا عبر التبليغ عن كل الممارسات غير القانونية لمعاقبة الفاعلين والمرتكبين”.
وحذر علوية عبر greenarea.info من أن “هذه الممارسات وغيرها من التعديات على أملاك المصلحة (مياه الليطاني) سنواجهها بحزم”.
وعن مجمل التعديات القائمة على النهر، قال علوية: “هناك ما تعود أملاكه للمصلحة وهذا من مسؤوليتنا المباشرة، أما تعود ملكيته لوزارة الطاقة والمياه، فهي الجهة المخولة بالادعاء بشأنه، ومن هنا نرى ضرورة أن تكون هناك حوكمة رشيدة لإدارة حوض الليطاني، لتتمكن المصلحة من قمع مجمل المخالفات والتي تؤثر بالنتيجة على عمل المصلحة وأملاكها ومعداتها بشكل أو بآخر”.