كبيرة هي الأخطار المهدِّدة للتنوع البيولوجي في بحرنا المتوسطي، وهي لا تقتصر على دولة بعينها، ولا تنحصر في سبب واحد فحسب، فثمة عوامل عدة مجتمعة لا يمكن إغفالها في سياق الإحاطة بكل ما يواجه هذه الثروة الطبيعية، من تغير المناخ مرورا بالأنواع الغازية أو المجتاحة وصولا إلى استنفاد موارد البحر.

ويبقى العامل الأخير الأخطر، أي ذلك الناجم عن النشاط البشري،كالصيد الجائر من جهة، وصيد أنواع محظور صيدها عالميا، كونها إما معرضة للانقراض أو أنها تواجه تهديدات قد تفضي إلى تراجع أعدادها، ما يضعها في دائرة الخطر.

 

مجزرة أسماك قرش

 

ما استوقفنا في هذا المجال، يتخطى بحر لبنان، فقد رصد موقعنا greenarea.info عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما بعض الصفحات المختصة بالبحر المتوسط مجزرة طاولت ما بين 40 و 50 سمكة قرش، على الشاطىء الممتد ما بين مدينتي مصراتة وسرت في ليبيا، وبدت الصور صادمة، فهذا الكم من الأسماك يؤكد حجم هذه الكارثة، وتاليا نتائجها على مستوى التنوع البيولوجي، خصوصا وأن مثل هذا التعدي تترتب عليه نتائج على معظم النظم الإيكولوجية في المتوسط.

وفي التفاصيل، وبحسب أحد الصيادين من مدينة مصراتة الذين شهدوا هذه المجزرة، وآثر عدم ذكر اسمه لاعتبارات خاصة، فإن “هذه الأسماك علقت بشكل عرضي في شباك صيادي مصرتة، وتم سحبها إلى الشاطىء”، وأشار إلى أن “لحمها مرغوب ومستساغ في ليبيا”، وأكد أن “لا قانون يمنع صيدها في ليبيا”.

 

عبدالنبي: من الأنواع المهددة

 

الباحثة والحائزة على ماجستير بيولوجيا بحرية من “جامعة عمر المختار” في مدينة البيضاء سارة علي عبدالنبي، قالت لـ greenarea.info: “ينتمي لعائلة CARCHARHINIDAE، ويوجد من هذه العائلة تسعة أنواع في البحر الأيض المتوسط”، لافتة إلى “وجود نوعين آخرين لكنهما ما يزالان موضع شك”، وأكدت أن “كل هذه الأنواع تتشابه في ما بينها على نحو كير”.

وأشارت عبدالنبي إلى أنه “من الأنواع المهددة بالانقراض وغالبا ما تعلق في شباك الصيادين بشكل عرضي”، ورجحت أنه “ليس ثمة قانون في ليبيا يمنع صيد هذه الأنواع وعليه يجب مراجعة القانون الليبي للتأكد من ذلك”.

وقالت عبدالنبي أنه في “ليبيا لا يعرف باسم (القرش)، وإنما يطلق عليه اسم (كلب البحر)”.

 

توازن البحار والمحيطات

 

تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن أغلبية هذا النوع من القروش تقع فريسة شباك الصيد التجارية، ويُصطاد بالقصبة للتفاخر، ما أدى الى اصطياده على نحو واسع، فانخفضت أعداده حتى بات وجوده مهددا، ولذلك تم وضعه على قائمة الحيوانات المهددة جدا بالانقراض.

واستهدفه الانسان لاعتقاده بأنه قرش مهاجم ولكن ما لا يعلمه كثيرون عنه انه يضمن نظافة وتوازن البحار والمحيطات، فهو يجوب البحار وينظفها من الحيوانات المريضة والضعيفة والنافقة، ومن المهم ان نعلم عنه انه ليس وحشا رغم خطورته، لذلك على الانسان فقط التعامل معه بحذر واحترام والامتناع عن السباحة في المناطق التي يتواجد فيها.

ان الصورة التي كوَّنها الناس عن هذا الحيوان متأثرة الى حد كبير برواية “الفك المفترس” Jaws التي نُشرت في السبعينيات من القرن الماضي، وصوِّرت فيلما سينمائيا سرعان ما حقق شهرة كبيرة‏ ساهمت في الترويج لقتل القرش الابيض، باعتباره مجسدا للشر.

يهاجم القرش الابيض أحيانا البشر عندما يختلط عليه الأمر فيظنه كلب بحر أو فقمة عندما يمارس رياضة التزحلق على اللوح. يعض ويهرب، ولذلك ينجو الانسان من الموت، فضلا عن أن لحم الانسان لا يحتوي على الدهون التي يحتاجها هذا القرش، فلا يستسيغ طعم اللحم البشري كما لا يستطيع هضمه.

ينتشر هذا النوع من اسماك القرش في المحيطات المعتدلة في البحر الابيض المتوسط، وهذا يعني وجوده في مناطقنا في الاعماق، ويعتبر نادرا في المياه المدارية، وقد أصبح مهددا بشكل عام في كافة البحار وبشكل حاد في البحر الابيض المتوسط.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This