لا نعرف كيف نستقبل قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 16 أيار الجاري، لجهة الموافقة على انضمام لبنان الى معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية CMS؟ ولا كيف نقيم هذه الخطوة ونفعل إجراءات ضبط فلتان الصيد رغم الخطوات المتخذة في هذا المجال؟

لا شك أن هذه الخطوة تعتبر ذات أهمية قصوى في ما لو تم الإلتزام فعلا بمضمون وبنود المعاهدة، وهنا تتبدى التساؤلات الآنفة الذكر، فالخوف، كل الخوف، أن يكون مصير المعاهدة كسابقاتها، ومنها على سبيل المثال “اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط من التلوث”، التي وضعت لبنان في دائرة الضوء كواحد من أكثر الدول الملوثة للبحر المتوسط، فيما لم تبادر الدولة لاتخاذ إجراءات تماشيا مع أهداف الاتفاقية، فتلوث الشاطىء اللبناني يطاول العديد من دول حوض المتوسط، وبدلا من أن ترفع الاتفاقية لبنان إلى مصاف الدول التي تحترم التزاماتها الاقليمية والدولية، فإذا بها تؤتي خلاف المأمول منها، فضائح وكوارث!

 

أهمية المعاهدة

 

تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن قرار مجلس الوزراء جاء متزامنا مع الاحتفال بـ “اليوم العالمي للطيور المهاجرة” World Migratory Bird Day الذي يُحتفل به في العاشر من أيار من كل عام.

وتأتي أهمية الانضمام الى هذه المعاهدة الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة انطلاقاً من أنها المعاهدة الدولية الوحيدة التي تركّز على الحفاظ والاستخدام المستدام لأنواع الحيوانات المهاجرة البرية والمائية والطيور وعلى موائلها. وتوفّر المعاهدة التي تم توقيعها في مدينة بون الألمانية عام 1979، ودخلت حيّز التنفيذ في العام 1983، منبراً عالمياً للحفاظ على الحياة البرية وبيئاتها الطبيعية على النطاق الدولي.

وبحسب “جمعية حماية الطبيعة في لبنان” SPNL، يُثبت لبنان من خلال انضمامه الى هذه المعاهدة اهتمامه والتزامه بالحفاظ والاستخدام المستدام للأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية، لا سيما وأن لبنان يشكل معبراً هاماً للطيور المحلّقة، إذ تعبر أجواءه مرتين في السنة ملايين الطيور خلال هجرتها من أوروبا وآسيا الى افريقيا في فصل الخريف، وخلال عودتها الى مناطق تكاثرها في فصل الربيع.

 

الأنواع المهاجرة

 

وترتبط هذه المعاهدة ارتباطاً وثيقاً باتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي التي انضم إليها لبنان بموجب القانون رقم 360 الصادر عام 1994، وكان لبنان قد صادق على اثنتين من الاتفاقيات المنبثقة عن معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية، هما: اتفاقية الطيور المائية المهاجرة الأورو-آسيوية/الافريقية AEWA (القانون رقم 412 تاريخ 5/6/2002)، واتفاقية حفظ حوتيات البحر الاسود والبحر الابيض المتوسط والمنطقة الأطلسية المتاخمة ACCOBAMS (القانون رقم 571 تاريخ 11/2/2004)، كما وقّع لبنان في العام 2014 على مذكرة تفاهم حول المحافظة على الانواع المهاجرة من الطيور الجارحة في افريقيا واوروبا وآسيا المندرجة ضمن معاهدة CMS.

 

وزارة البيئة

 

وفي السياق ذاته، أعلن وزير البيئة طارق الخطيب، يوم أمس، أن مجلس الوزراء وافق في على انضمام لبنان الى معاهدة المحافظة على الأنواع المهاجرة من الحيوانات الفطرية.

لكن ما لم يتطرق إليه الخطيب، هو عدم قدرة وزارته على ضبط فلتان الصيد البري، فتجربة الموسم الماضي مع إقرار قانون الصيد الجديد، وفتح الموسم خلال فترة محددة، جاءت مخيبة للآمال، وقد واكب greenarea.info الكثير من المخالفات، وساهم في إنقاذ ومعالجة طيور مهاجرة ممنوع صيدها، وقام مع ناشطين بإعادة إطلاقها، فضلا عن توثيق مجازر بحق الطيور الجارحة والمهاجرة في مناطق عدة، واقتصر دور الوزارة على الادعاء على المخالفين، ولم نجد خطوات رادعة من قبل سائر أجهزة الدولة المعنية، بما يرقى إلى مستوى الجرائم والمخالفات المرتكبة.

ما يهم في هذا المجال، وبعد التوقيع على المعاهدة، أن يحترم لبنان التزاماته الدولية، وألا يطلق ناشطون وهيئات أوروبية نداءات إلى رئاسة الجمهورية تطالب بوقف قتل طيورها المهاجرة، فالمعاهدة ترتب على لبنان تعهدات لجهة ضبط وتنظيم هذا القطاع، أكثر بكثير مما شهدنا الموسم الماضي.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This