تسلمت سوريا رئاسة “مؤتمر نزع الأسلحة في جنيف”، للمرة الثالثة منذ انضمامها إليه عام 1996. وسط معارضة دول الإستعمار الجديد- القديم (الولايات المتحدة الاميركية، بريطانيا وفرنسا) ومعها دول أُخرى تابعة لحلف الناتو، بحجة أن الدولة السورية استخدمت السلاح الكيماوي ضد شعبها) كذبة فبركتها الولايات المتحدة وصدقتها).
وبذات الحجة، وفي بيانين متتالين، عارضت كلاً من “منظمة مراقبة الأمم المتحدة” (UN Watch)، وما يدعى بــ”الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” (تشكل في الدوحة، عام 2012) لصاحبه أحمد الجربا، تسمية سوريا كرئيس لذلك المؤتمر.
عملياً، ليس مُستغرباً أن تعارض المنظمة التي تراقب عمل الأمم المتحدة، لكون مؤسسها هو موريس أبرام اليهودي الذي شغل منصب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى في الفترة مابين (1986-1989)، وكونها تلقت مساعداتٍ سخية من الملياردير الكندي إدجار برونفمان، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، من عام 1981 حتى عام 2007 ، ولأن ديفيد هاريس (المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأميركية) أعلن في عام 2001 ، أنها أصبحت مملوكة بالكامل لــ” اللجنة اليهودية الأميركية”.
ليس غريباً على منظمة تتدخل بشكل مباشر وغير المباشر في الشأن الداخلي لكلٍ من الصين، فنزويلا، كوبا، البرازيل،روسيا، الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان، بحجة أنها تراقب إنتهاكات حقوق الانسان، وكأنها الوكيل الشرعي لشعوب تلك الدول، وهي تدعم وتشرعن، في مفارقةٍ كبيرةٍ، إحتلال اليهود للأراضي الفلسطيني، واستخدام الولايات المتحدة الأميركية ووكالائها، للأسلحة بمختلف أنواعها ضد الشعوب البريئة في كل القارات.
وكان “هيليل نوير”، المدير التنفيذي للمنظمة اليهودية (المخترع الأول لمنصب المفوض السامي لحقوق الإنسان)، ومعه رئيس ما يدعى الائتلاف الوطني السوري المعارض، قد دعيا في بيانين متتالين (يفصل بينهما يوم واحد) مجموعة من الدول الأعضاء في المؤتمر ولا سيما الدول الغربية ودول أوروبا الشرقية وطبعاً دول نواطير الكاز، لمقاطعة المؤتمر، خلال الفترة التي تشغل فيه سوريا منصب الرئاسة، بحجة أن “النظام في سوريا قد قتل شعبه بالسلاح الكيماوي، ولايحق له أن يترأس مثل هكذا ملتقى عالمي”، علماً أن المنظمة ذاتها ترفض الإعتراف بأن الدولة السورية في عام 2013، رضخت لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 تاريخ 27 سبتمبر/أيلول 2013، والذي يقضي بتدمير كل ترسانة الأسلحة الكيماوية في سوريا، كما تنكر أن جميع الأسلحة الكيماوية التي كانت تملكها سوريا، قد انتهى تدميرها تحت إشراف “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”، بتاريخ 30 يونيو/ حزيران 2014، وأنه تم إعلان سوريا دولة خالية من الأسلحة الكيميائية.
في كل مرةٍ تنتصر سوريا، تبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها عن ذرائع لتبرير تدخلها وضربها لمواقع داخل الأراضي السورية، وذرائع أخرى كي تبرر تغذيتها للفصائل الإرهابية، التي استباحت لفترة من الزمن، معظم المدن السورية، ودمرت البيئة والحياة الطبيعية، على طول البلاد وعرضها.
تلك الدول الاستعمارية، تُغَيّر عقبَ كلِ نصرٍ يُحققه الجيش السوري أو الدبلوماسية السورية، أشكال تدخلها بالشأن الداخلي لبلادنا، عبر منظمات دولية غير حكومية، فمرةً عبر منظمة حقوق الإنسان ومرةً عن طريق منظمة أطباء بلا حدود، وفي ذات السياق استخدمت منظمة الخوذ البيضاء (صاحبة مسرحية الأطفال المصابون بالسلاح الكيماوي) فكان لها جميعاً دوراً لايخفى على المتابع للحرب السورية، في تشويه حياة الإنسان السوري.
تستجلب وتستحضر في كل مرة تنتصر فيها سوريا على أعداء الشعوب، منظمات صهيونية بغطاء سلمي “إنساني” وهذه المرة بعد النصر الدبلوماسي لسوريا في “مؤتمر نزع الأسلحة في جنيف”، استنجدت بمنظمة مراقبة الأمم المتحدة UN Watch)) ومعها الإئتلاف السوري المعارض، كي تقدما الدعم المباشر لها، لتعيد هي الأخرى فبركة سيناريو يشبه الى حد بعيد ذلك الذي حدث في العراق، فتُدمِر سوريا عن بكرة أبيها، داعيةً بعدها الى مؤتمرات دولية ترعاها بنفسها، لإعادة إعمار البلد…
كيف لا، وهي تنظر الى أمم الأرض، على أنها مجموعة من الحجارة يمكن تدميرها وإعادة إعمارها، في أي وقتٍ …ناسيةً أن سوريا هي كتلة حضارات متمازجة لايمكن إعمار الحجر فيها بمعزل عن البشر .