فيما لم تتمكن الدولة على مدى سنوات من حماية نهر الليطاني والدفع باتجاه معالجة مشكلة تلوث هذا النهر، على الأقل لناحية رفع التعديات التي لا تكبد الدولة أعباء مالية كبيرة، وتبقي على هيبتها خصوصا لجهة تطبيق القوانين، وفيما لا تزال هذه القضية أقرب ما تكون إلى منصة لإطلاق المواقف والمزايدة والتوظيف السياسي، بدا واضحا أن “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” تمكنت من تحريك المياه الراكدة، في محاولة منها لتصويب العمل، وتحديد الأطر الممكنة آنيا للعمل وفق معطيات علمية وعملانية، بدأنا نتلمس نتائجها مؤخرا، لا سيما بعد تعيين الدكتور سامي حسن علوية رئيسا لمجلس الادارةومديرا عاما لـ “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني“.

غير أن هذه القضية بأسبابها ونتائجها أكبر من أن تتحملها الجهة المنوط بها إدارة هذه المؤسسة، فالمشاكل متشعبة ومتداخلة، وصلاحياتها محددة، ما يتطلب من سائر الجهات المعنية في الدولة والبلديات أن تبادر للقيام بدورها أيضا، إن لجهة رفع التعديات على أملاك المصلحة، وإن لجهة التنسيق على أكثر من مستوى، تمهيدا لتبني خطة وطنية تضع حدا لسائر التجاوزات التي لا تطاول الليطاني فحسب، وإنما سائر الأنهر في لبنان.

علوية

وفي هذا السياق، في إطار متابعته لقضية الليطاني والوقوف على آخر التطورات على صعيد المصلحة، التقى greenarea.infoالدكتور علوية، فتوقف بداية عند دور الإعلام، قائلا: “كنت ولا أزالمنفتحاً على الإعلام، لكن لاحظت خلال المدة البسيطة التي تسلمت فيها مهامي كمدير مصلحة، أن البعض لا يوصل الرسائل ويورد الكلام بشكل غير صحيح، وأستغرب هذا الأمر، كما أستغرب أيضا أن يجمع كثيرون على تقصير الدولة ويرسخوا هذه الفكرة على انها كذلك، وأنه لا يمكن تصويب الخطأ، ورأى أن “النمطية لا تفيد بحل المشكلة“، وتمنى على بعض الإعلام أن يتابع وينظر إلى العمل الذي نقوم به، وأن يصوب على الأخطاء إذا كانت هناك أخطاء، مع عدم إنكار حقيقة أن هناك عملا نقوم به”.

                   الحوكمة ودور المصلحة

وقال: “ثانيا، ما لاحظته أن المصلحة الوطنية لنهر الليطانيكانت غائبة عن السمع قانونيا واخلاقيا، ولا تقوم بدورها وواجباتها، وثالثا، نحن كمصلحة تم إنشاؤها بموجب قانون 1954 الذي حدد صلاحيات مصلحة الليطاني، والآن ثمة وجهة نظر سابقة تعتبر أنالمصلحة محصورة صلاحياتها باستثمار مياه النهر، يعني فقط مياه بحيرة القرعون بالري والكهرباء، وهذا أمر غير صحيح، ولكن يجب ألا ننسى أن نصوصا قانونية لاحقة أعطت المصلحة دورا ولو بسيطا، أي ليس الذي نحلم به، وأيضا القانون 63 الذي تحدث عن الحوكمة وعن إدارة المصلحة للحوض والدراسات المطلوبة في هذا المجال، وفي الفترة السابقة كان ثمة انشغال كلي عن موضوع الحوكمة، واقتصر وقتذاك دور المصلحة على حضور اجتماعات مجلس الوزراء (بصفتها أمين سر لجنة).

وردا على سؤال، قال علوية: “عند اجتماعنا مع البنك الدولي،طالبنا كمصلحة بالحوكمة والشروع بإجراءات إدارة الحوض وكيفية التعاطي مع الحوض، وكيف يجب أن تكون هيكليتنا، وفعلا شاركنافي إعداد دفاتر الشروط (Tor).

وسيعود وفد من البنك الدولي لمناقشة هذه الأمور في تموز (يوليو) لتذهب المشاريع إلى التلزيم، ومن ثم يأتي موضوع التعديات، فإذا أنجزت الخطة الحكومية واستمرت بشكل ممتاز، وتم تركيبمحطات وما زال التلوث مستمرا، فماذا نكون قد فعلنا؟”.

                  البلديات والجهات المعنية

وعن دور البلديات، قال علوية: “البلديات ترفع الصوت، ولكنها ما تزال ترمي نفاياتها وصرفها الصحي، وتضخ ملايين الأمتار المكعبة إلى النهر، وهذا هو السؤال الأهم، ومن ثم هناك المصانع الملوثة الموجودة بنطاق البلديات، وهذا الأمر يدل على أن هناك من استقالوامن دورهم، ومن بينهم الوزارات المعنية، وهنا أتساءل، كيف أن هناكمصنعا يلوث، ونظل نعطيه قرارات مهل ونتيح له العمل ورمي مخلفاته، ونحن في نفس الوقت ندفع أموالا لتكرير المياه، فما هو هذا الانجاز العظيم، فما معنى أن يتم تركيب محطة تكرير لبلدة صغيرة، في حينتظل مئات المصانع ترمي نفاياتها“.

وقال: “يجب التصويب نحو العمل الحقيقي، ولا يكفي أن ننتظرمحطات التكرير، هذا الأمر لا يفيد، يجب وقف التعديات أولا، وأنيتزامن ذلك مع تركيب المحطات، وأنا أشك حاليا أنه في المدى القريب سيتم تركيب المحطات، بسبب أن إجراءات القروض والانفاق والتلزيم تتطلب سنوات لإنجازها، لذلك الآن نحن نعمل ونرفع الصوت لإيقاف الملوثين عند حدهم، وأيضا في مؤسسات المياه التي تعتبر نفسها فقط مؤسسات مياه، علما انها تجبي فاتورة المياه صرف صحي، واسمها مؤسسات المياه والصرف الصحي، فليتفضلواوليزيدوا التعرفة على الصرف الصحي ليمولوا مؤسسات المياه،ويقوموا بدورهم تجاه موضوع الصرف الصحي، وهذا شق اساسي، ولم يأت أحد ويسأل أين هي مؤسسات المياه في معالجة الصرف الصحي؟”.

نمارس دورنا بشكل أكبر

وقال علوية: “اليوم نحن كمصلحة وطنية لليطاني نعتبر أنفسناأكبر المتضررين من جراء التلوث، وبذات الوقت مقولة ان نهر الليطاني مات“، والتي رفعت بهدف الاستعطاء وجمع الاموال على ظهر الليطاني من البعض مرفوضة، ونؤكد بأن نهر الليطاني مستمر كباقي الانهار، ومختلف البلدان تعاني انهارها من التلوث، ونحن واجبنا أن نؤمن الخطة ونضع أيدينا بأيدي بعض لتحقيق هدفنا بشكل صحيح، ونحن اليوم نمارس دورنا بشكل أكبر وليس مجرد أمانة سر لجنة تحضر اجتماعات فقط، انا تقدمت بمذكرات داخلية إلى المصالح المختصة ولا سيما الثروة المائية والتجهيز الريفي،ليتفضلو ويحضّروا جدول اعمال ويتابعوا أعمال اللجنة المنشأة بقرار مجلس الوزراء بصورة علمية، وليكون هناك تكامل للجهود، وغدا سأدعوهم لاجتماع بحضوري للجلسات شخصيا، وبصورة دورية كل شهر، لنتمكن مع انطلاق الحكومة الجديدة من أن نبدأ بالعمل”.

التعدي على املاك المصلحة

وردا على سؤال، قال علوية: “نحن وفي إطار الحوكمة بدأنا بدراسة هيكليتنا الادارية، واستحداث وحدات معنية بموضوع الحوكمة المائية وإدارة حوض الليطاني، وهذا سيصبح واقعا، لنتمكن من أن نتشارك بإدارة الحوض، كل المؤسسات والوزارات وهذا ما يحد نحنا هيدا يحددلنا دورنا، وقلنا أن هذا الأمر بحاجة لقانون في مجلس النواب“.

وأضاف: “أيضا هناك ما هو أخطر علينا من التعديات على النهر، وهو التعدي على أملاك المصلحة الوطنية لحوض الليطاني، تعدٍعلى أقنية الري وتعدٍ على استملاكاتنا، وأيضا برمي النفايات ووجود المكبات، وهنا نرفع الصوت، ولم نسكت، وتقدمنا بدعاوى قضائية على كل الناس وإخبارات لكل النيابات العامة، وكتب لكل المحافظين ولإتحادات البلديات، ومؤخرا مجموعة من الناس تحاول أن ترمي نفاياتها بقناة ري القاسمية، يعني أنهم يسعون لتحويل استملاكنا لمكب ليجلبوا النفايات ويلوثوا مياه الري“.

وفال علوية: باشرنا بالإجراءات وقدمنا كتابا لمحافظ لبنان الجنوبي وكتابا لاتحاد بلديات صور وكتابا للنيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، وننتظر أن تتحرك الإجراءات القانونية،وهناك اجراء اتخذ أيضا على المشروع 900، لأن هناك تعدٍ من قبلمرملة تحاول تغسل رمولها، وتقدمنا بشكوى إلى النيابة العامة،وتواصلنا مع البلديات“.

وتابع علوية: “في منطقة البقاع تقدمنا بشكاوى جزائية على بعض التعديات، ولا زلنا مستمرين بالمتابعة، والخطر الداهم يتمثل في أن مشروع الري في البقاع متوقف، خلافا لما هو عليه الأمر في الجنوب، وهذه التعديات تلوث مياه الري بالقاسمية والبرج الشمالي والبرغلية، وفي الشبريحا هناك ريغار صرف صحي يصب بقناة الري، وأيضا بناء غرف ضمن أملاك المصلحة، هذا بالاضافة إلى التعديات التي قام ويقوم بها اصحاب المنتزهات، وهذا الأمر جريمة لا يمكن السكوت عنها، لأننا نتحدث عن مياه ري وهذه مصيبة، ثم السباحة ببرك رأس العين، وبالنسبة لهذا الأمر سنتخذ اجراءً صارماونمنع السباحة، وايضا هناك بعض المحميات التي لم تلتزم“.

نحن جزء من مؤسسة كهرباء لبنان

وقال علوية: “كما اننا رصدنا موضوع التنظيف العشوائي على النهر من قبل أصحاب المنتزهات، مما يؤدي الى ارتفاع نسبة العكر،وهذا الأمر يجب أن يتوقف، ويجب أن يتم قبل بداية موسم الري تحت إشرافنا وإشراف وزارة الطاقة، مع منع الانشاءات بمحيط النهر، وقد تجاوب معنا بشكل كبير وجدي محافظ النبطية، أما موضوع غسيل الرمول حاليا فتوقف، وهذا ما لمسناه لمس اليد، وبالنسبة للكسارات، فهذا الموضوع سيطرح تساؤلات ليس على نهر الليطاني فحسب،وإنما على انشاءات مشروع 800، بحيث يجب الابتعاد ما لا يقل عن مسافة تتراوح بين 1000 و2000 متر، لأن أعمال التفجير سلحق الضرر بالمنشآت، وطلبنا ذلك من وزارة الطاقة“.

بحيرة القرعون

بالنسبة للقرعون، قال علوية: نحن اليوم بصدد تنفيذ مشروعالسيطرة على الطحالب في بحيرة القرعون، ولما كانت بحيرة القرعون بسبب تلوث المياه الوافدة إليها عرضة لتكاثر البكتيريا بشكل لا يمكن التحكم به، ما ينتج إنتشار الطحالب وحجب أشعة الشمس وإستنزاف الأوكسيجين من البحيرة، مسبباً روائح كريهة للمياه وإفراز مواد سامة، مما يجعل المياه غير صالحة للإستخدام لأغراض الريَ،بدأت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بالتعاون مع World Waternet ضمن المشروع الهولندي بوضع إحدى عشرة منصة عائمة مثبتة في البحيرة تقوم بقياس نوعية المياه وتعمل بنظام الطاقة الشمسية للحد من نمو الطحالب، وذلك من خلال إصدار موجات ما فوق الصوتية وهذه المحطات هي صديقة للبيئة، حيث أن الموجات ما فوق الصوتية الصادرة منها غير ضارة على البشر أو الأسماك والحيوانات، ويمكن إستخدام المياه بشكل آمن وطبيعي، وهذه التجربة نقوم بها بدون تكبيد مصلحة الليطاني ولا أي فلس“.

                            قطاع الزراعة

وأردف: “حاليا كل الناس يصوبون على مشروع تنظيف الليطاني، بينما المشكلة الكبيرة تتمثل في الاعتداء على القطاع الزراعي، فاليوم هناك تحول في تصنيف الاراضي المفترض انها زراعية، وتتحول لمعارض سيارات وغيره وهذا شيء خطير، ونحن ضمن إمكانياتنا نقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق كل مخالف،ونتحرك بجميع الإخبارات بينما هناك مسؤولية على عاتق البلديات المفروض أن تعمل وتمنع التعديات هي والاجهزة الامنية، ولا أخفي أنني وجهت للجيش كتابا للقيام بجولة على طول النهر بالطائرات، وهذا الأمر يساعد في رفع التعديات”.

                       توليد الطاقة الكهربائية

وفي موضوع الكهرباء، قال علوية: استحدثنا معملا جديداضمن مشروع 800 في عين الزرقا، والانتاج الكهربائي اليوم مستمر على قدم وساق، ونحن نجدد معاملنا ونطورها، وفي معمل عبد العال نجدد ونبدل المحولات والمعدات بالتنسيق والتعاون مع مجلس الانماء والاعمار، ومعامل الأولي وجون وعين الزرقا تعمل بطاقتها وبكميات المياه المتوافرة“.

وعن المعدات وتأثرها بالتلوث، قال: لم تتأثر بشكل مباشر، الا ببعض الروائح ومعاملنا تنتج 10 بالمئة من كهرباء لبنان، يعني نحناليوم جزء من مؤسسة كهرباء لبنان وعملنا لا يقتصر على المياه فحسب”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This