تُتحفنا الصحافة الغربية منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الى سُّدَّةِ الحكم، بنشر خطب وتغريدات له، يطالب فيها ملوك الخليج العربي، علانيةً وبكل وقاحة، أن يدفعوا تكلفة تواجد القوات الأميركية في سوريا، وخطبٍ أخرى يصف فيها دول الخليج بأنهم بدون الولايات المتحدة ، “لاشيء، هم يملكون المال وعليهم أن يدفعوا”، مطالباً مملكة الرمال، بالتحديد، أن تدفع مبلغ أربعة مليارات دولار مقابل أن تفي واشنطن بالتزاماتها في سوريا، بما في ذلك إبعاد “الخطر الإيراني الروسي السوري”، عن الحدود مع دولة الكيان الصيهوني، وتُعلق تلك الصحافة على مواقف حكام الخليج العربي من أقوال وطلبات ترامب تلك، بسخريةٍ قائلةً: إن الملك السعودي المخبول تفاجأ بالرقم، إلا أنه فيما بعد دفع مذعناً.

يعلم مُحَرِّرُو تلك الصحافة “الغربية”، مدى التَّنَاقُض الرهيب في سياسة ترامب، وقراراته الفجائية غير المتوازنة، وكمية الوقاحة في خطبهِ، لدرجةٍ انهم رصدوا تصريحاته، فوجدوا أنه كرّرَالطلب  من دول الخليج أن تدفع ثم تدفع ثم تدفع، أكثر من ثلاثين مرّة منذ تولّيه الرئاسة وحتى نهاية نيسان الفائت، وذلك بحجة أنه سيحميها مما سماه المد الشيعي”الإيراني”، فما كان من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا تلقف تلك الحِجة لتزيد دعمها لكل أنواع وأشكال الإرهاب في وعلى سوريا، والذي بدورهِ ساهم في إحراق غاباتنا ونهب ثرواتنا وآثارنا ، وتشريد ملايين الناس من منازلهم، وتلويث الماء والتراب والهواء، وحرمان ثلاثة ملايين طفل من الوصول الى مدارسهم .

ولم تكن الأموال الإماراتية،التي فضح قصتها مؤخراً إبن حاكم إمارة الفجيرة راشد بن حمد الشارقي، في حواره مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية حين قال أن: “مخابرات أبو ظبي ضغطت عليَّ لتحويل عشرات ملايين الدولارات لأشخاص مجهولين في دولٍ أخرى”، سوى أموال لتمويل الإرهاب في سوريا واليمن وباقي الدول التي طَالَهَا الرَّبِيعُ الْعَرَبِيُّ.

نعم لقد لعبت دولة الإمارات، دوراً قذراً في الحرب على سوريا،  حيث شاركت القوات الخاصة الإماراتية بشكلٍ مباشر في معركة “الرقة” ، الأمر الذي أكده حينها وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر بقوله: “إن قوات برية سعودية إماراتية ستشارك مع قوات المعارضة السوري في معركة تحرير الرقة” (بحسب وكالة “أسوشيتد برس”)، وقبلها كانت تلك القوات قد شاركت في التدخل الذي قادته الولايات المتحدة في سوريا عام  2014،  ودعمَّها وتدربيَّها فِي السِّرِّ وَالْعَلِنِ، لقوات سوريا الديمقراطية الكردية الإنفصالية “قسد” .

ولا يخفى على أحد الدور الأساسي والكبير الذي لعبته المخابرات الإماراتية في دعم وتشكيل غرفة “الموك Military Operations Center” في الجبهة الجنوبية من سوريا  “درعا والقنيطرة”، والتي منها كان يخرج كل الدعم العسكري واللوجستي للجيش الحر، كما أنه لم يعد سراً أن  ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عقد صفقة مع “إيريك برينس” مؤسس “بلاك ووتر” الشهيرة بتاريخها الدامي،  لتشكيل قوات من مرتزقة أجانب قاتلت في سوريا واليمن.

وليس مستغرباً أن تقوم دولة كالإمارات العربية المتحدة بدعم الفصائل الإرهابية في سوريا، بحجة أنها تدافع عن نفسها من الخطر الايراني، مقدمةً بذلك  خدمة مجانية لدولة اسرائيل، والتي لها علاقات جيدة جداً معها، وذلك وفقاً لما سربته ويكليكس في إحدى البرقيات الدبلوماسية، والتي فضحت العلاقات الشخصية الحميمة بين وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان ووزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، في حين  كشفت وثائق أخرى مشاركة الإمارات في تهويد مدينة القدس المحتلة عبر شراء منازل العرب في القدس وبيعها للمستوطنين، أضف إلى هذا كله فضيحة أعلنت عنها وزارة الخارجية في كيان العدو الاسرائيلي، مفادها افتتاح ممثلية دبلوماسية لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة “إيرينا” التي تتخذ من أبو ظبي مقرا لها.ومثلها فضيحة بحجمِ مشاركة سلاح الجو الإماراتي مرتين متتاليتين، في مناورات جوية مشتركة مع سلاح الجو الإسرائيلي.

هذا الغرام العميق، بين الإمارات واسرائيل، يُبرر الدعم الإماراتي اللا متناهي للمجموعات الإرهابية التي سعت طوال ثمان سنوات لتدمير كل ماهو حي في سوريا، والذي يندرج في إطار الخدمات الجمة التي تقدمها دول الخليج عموماً للكيان الصهيوني، لذلك ستبقى تلك الدول في الميزان السياسي الدولي، مجرد أدوات، لتنفيذ مخططات إستعمارية في المنطقة، وريثما ينتهي دورها (نفطها وأموالها) ستُرمى إلى مزبلة التاريخ، فيما تبقى دمشق عروسةً مكللةً بالياسمين.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This