يمتاز اللبنانيون، على الرغم من المشاكل البيئية العديدة التي يعانون منها، بالوعي البيئي العالي، بحيث لا يتوانوا عن تنفيذ مشاريع من شأنها المحافظة على ما تبقى من بيئتهم المميزة، وبالتالي الحد من التلوّث والمشاكل التي تعاني منها.

وفي هذا السياق، برزت العديد من المشاريع، منها ما نفذ  في مدينة صيدا ، وهو مشروع “حدائق تحت الماء” السياحي، حيث تم إنزال دبابات ومدافع قديمة تابعة للجيش اللبناني، إلى قاع البحر لإنشاء هذه الحدائق.  في ثلاثة أماكن بعيدة عن مجرى التيارات البحرية الجارفة.

وتتركز الأماكن المقترحة لهذه الحدائق في الجهة الشرقية الشمالية، من الزيرة وهي عبارة عن جزيرة صغيرة نتجت عن هزة أرضية، كانت قد تعرضت لها مدينة صيدون الفينيقية عام 147 قبل الميلاد.

IMG-20180731-WA0020

أهداف المشروع

لا تقتصر أهداف هذا المشروع، على التخلّص من المعدات القديمة التابعة للجيش، بل تتعداه إلى أهداف أكثر عمقاُ من ناحية البيئة والسياحة على حد سواء. في هذا المجال، يوضح رئيس نقابة الغواصين المحترفين محمد السارجي لـ  greenarea.info  “نحن نعمل على أحياد إصطناعية مرجانية . وهذه التجربة تعتمد في دول العالم منذ عشرات السنين، من أجل تحقيق هدفين: الأول هو لتنشيط الثروّة السمكية، لأن السمك يعشق الحديد ويستقر فيه ، وبالتالي تعزيز الأسماك المحلية وتكاثر السمك في المنطقة.  والثاني هو  إغناء التنوّع البيولوجي في البحر.”

يستطرد السارجي في الإطار عينه، “أما بالنسة إلى البشر فالفائدة تكمن في خلق مراكز سياحية في البحر للغوص، إن كان غوص على القناني (جهاز تنفس تحت الماء) scubadiving ،  أو غوص على النفس الحر. كذلك من الممكن في وقت لاحق، تشجيع سياحة البحر من خلال توفير مراكب فيها زجاج في الأسفل، كتلك الموجودة في شرم الشيخ والعقبة وكل دول العالم، يستطيع من خلالها  السياح رؤية هذه الدبابات والآلات والأسماك الموجودة فيها “.

إذن فائدة المشروع بيئيّة وإقتصاديّة، هذ ما أكده السارجي “بالتالي نستفيد من هذا المشروع كسياحة وإقتصاد في المدينة. وتجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أنّ مدينة صيدا  قد عانت مطولاً ولا زالت من التلوّث ، ونحن حتى الآن غير راضين عن نظافة شواطئنا، لذلك نريد أن ننفذ مشاريع إيجابية التي توقف التلوّث  وتنشط الثروة السمكية والسياحة”.

 

مشاريع مماثلة

هكذا مشاريع لا تعتبر الأولى من نوعها في لبنان، بل سبق ونفذ العديد منها، في أكثر من منطقة لبنانية. هذا ما يوضحه السارجي  “لقد تم تنفيذ هذه التجربة في العقبة وفي الشمال اللبناني  خلال العام 2012، في جامعة البلمند هي وأندية الليونز،  حيث تم وضع إثني عشر آلة عسكرية، بينها دبابات وملالات وسيارات جيش، بحيث أنهم إمتلئوا بالطحالب البحرية،  الحشيش، الجي، الإسفنج ، والأسماك”. وهناك إمكانية أيضاُ، لتنفيذها في مناطق أخرى غير صيدا، كما يؤكد السارجي ” سنساهم  في تنفيذ مشاريع مماثلة، في جزر النخيل في طرابلس، كسروان ، جونيه ، بيروت وصور”.

وفي هذه الناحية، يشير السارجي “هذه الحدائق تعمل عادة في الأماكن الطحلة والميتة، التي تحتوي على مشاكل من أجل تحسينها، ويمكن لها أن تنفذ في أي مكان وقد تكون مصنوعة، إما من مادة الباطون أو الحديد.  فكلتا المادتين مفيدتين في هذه الحالة”.

أما فيما يتعلق بالمشاريع المستقبليّة، يوضح السارجي ” نحن كنقابة غواصين محترفين في لبنان، ساهمنا وسنساهم في أي مشروع مماثل على كافة الشاطىء اللبناني. كذلك سنحاول أن ندفع بإتجاه الحصول على تبرعات من الوزارات،  التي لديها أشياء يمكن أن توضع في البحر، لنصنع منها أحياد إصطناعية مرجانية وحدائق تحت الماء”.

IMG-20180731-WA0030

… وأخرى مستقبليّة

هناك الكثير من المعدات التي تستهوي المعنين، بحيث يستفاد منها في هكذا نوع من المشاريع. وفي هذا المجال، يقول السارجي “إن وزارة النقل في لبنان، لديها الكثير من السكك الحديدية غير المستخدمة المهترية، جراء مكوثها  في الشمس. وعلى سبيل المثال،  لجأت نيويورك منذ عشرين سنه، إلى وضع حوالي 2200  قطار في البحر.  مما يعني أنّه من الممكن أن نستفيد بحوالي 20 أو ثلاثين منها، فيتم توزيعها على كافة الشاطىء اللبناني. مما يشجع السياحة البحرية في كل لبنان، ويستقطب سياح من كافة دول العالم، مثلما يأتي اليوم السياح إلى صيدا بحجة رؤية الدبابات”.

يتابع في الإطار عينه، ” الأمر الذي ينشّط السياحة في البحر بشكلٍ عام ، وصيدا بشكلٍ خاص. وهذا الأمر يجب أن ينفذ وانا أشجع الدولة على ذلك”.

ويختم السارجي بالقول “يعتبر هذا المشروع في صيدا الأكبر، بالنسبة إلى المشاريع المماثلة، بحيث يحوي على 10 دبابات و4 ملالات، على أمل تنفيذ هكذا مشاريع في عدد أكبر من المناطق، من أجل إرضاء الجميع. خاصة وأن شاطئنا يعتبرصغير نسبياً 200 كلم، ونحن كلنا بلد واحد وشعب واحد، وما يتم تنفيذه على الشط هو لكل الشعب اللبناني. فنحن كغواصين ننتقل من شط إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى بحيث لا نستقر في أماكن محددة”.

 

في ظل تراخي الدولة وعدم قدرتها، على حل المشاكل البيئيّة الكبيرة، فناهيك عن الأصغر. يبقى الأمل البيئي معلقاً على الفعالين في هذا المجال، من نقابين، وجمعيات ومنظمات، من أجل الحفاظ  أو على الأقل الحد من التلوّث الذي  طغى على كافة مرافق البيئة اللبنانية.

IMG-20180731-WA0034

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This