خاضت صور في الأيام الأخيرة حملة واسعة تحت شعار لا لردم بحر صور بعد أن تحوّل مشروع” ردم جزء من شاطئ صور و تلزيم منطقة الجمل لشركة خاصة بهدف الاستثمار” إلى مادة إضافية لخلاف واقع بين شريحة معارضة من الصوريين وبلديتهم، والشغل الشاغل الذي تناقلوا صوره وأخباره وحشدوا الجمعيات الأهلية والبيئية والمواقع الإلكترونية المناصرة والرافضة على حد سواء هذا وقد برز هاشتاغ أطلقه رئيس جمعية الجنوبيون الخضروشباب صور #لا_لردم_شط_صور، وسط دعوات لزائري المدينة وقاطنيها بالمشاركة في الدفاع عن حقهم بالشاطئ وعدم تحويله إلى مشاريع سياحية مع نشر صور تظهر جمال الشاطئ.
#لا_لردم_شط_صور
بداية تفاجأ الصوريون بهذا المشروع، على خلفية تأكيد عضو بلدية صور الدكتور غسان فران، أن رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق أطلع المجلس البلدي على طلبه الموجه إلى مجلس الانماء والاعمار للعمل بمشروع ردم البحر على الكورنيش الجنوبي بمحاذاة جادة الرئيس نبيه بري، بمساحة تقدر بين 5 و7 أمتار بحجة إقامة ممر للدراجات الهوائية، بدوره فران عارض المشروع مبررا بأنه لم يتم مناقشة المشروع مع المجلس الحالي وأن أعمال الردم ستشمل الشاطئ التاريخي للمدينة، الذي تآكل سابقاً بفعل سرقة الرمول في فترة غياب الدولة وأن الشاطئ الآن أصبح ملاذاً لرواد المنطقة.
فران :تهديد لتاريخ صور
كماأن المنطقة الممتدة من الجامعة الإسلامية حتى رأس الجمل تعتبر منطقة أثرية تحتوي على بقايا مدينة صور الغارقة تحت الماء وان أي عملية ردم للشاطئ الجنوبي من شأنه أن يؤثر على المعالم الأثرية والتاريخية هذا بالإضافة الى انه لا توجد أي دراسة للأثر البيئي أو المسح الأثري للمشروع.
حزب الله يعترض
حملة الاعتراض هذه كان حزب الله شريكا بها اذ ان نائب المدينة نواف الموسوي أكد أن صور ستشهد تحركات احتجاجية وقال “سأكون في مقدمتها للوقوف ضد المشروع” وأشار الى أن “حصر المشاريع الانمائية والسياحية في شارع واحد في المدينة، وترك الشوارع الأخرى من دون اهتمام هو أمر مستغرب” .
الجنوبيون الخضر والجمعيات الأهلية في المواجهة
بدوره رئيس جمعية الجنوبيون الخضر هشام يونس شدد “أن موقف الخضر المعارض يمثّل شريحة واسعة من المجتمع الصوري وأنه موقف أغلبية أهالي المدينة وناشطوها من مجموعات مختلفة، فهناك وعيّ كبير لحجم الضرر الذي من شأنه ان يُحدثه المشروع، كذلك لأن الشاطئ الجنوبي يشكّل متنفسا لأهالي صور والمنطقة على الواجهة الجنوبية حيث لا يوجد “خيم سياحية” تتقاضى بدلات خدمة، وبالتالي هو موقع شعبي ومفتوح للعامة، كما أن الردم هو استمرار لانتهاك هوية المدينة الطبيعية والثقافية، وتغيير معالمها الطبيعية،
ذلك أن إضافة أي عنصر إلى محيطها الحيوي ستكون له تداعيات بيئية واسعة، فالأشغال تستوجب إعداد تقريرين الاول لتقييم الأثر البيئي، الذي نص عليه قانون حماية البيئة 444، خصوصاً أن الشاطئ هو امتداد لشاطئ محمية صور الطبيعية من جهة، ومنطقة رأس الجمل الطبيعية من جهة أخرى، أي أنه يقع في الوسط، حيث تنشط السلاحف البحرية المهددة بالانقراض وأنواع بحرية عديدة أخرى والتقرير الثاني إعداد تقييم للأثر التراثي لموقع الارث الثقافي العالمي، وفق اتفاقية حماية مواقع الارث الثقافي والطبيعي العالمي، خصوصاً أن لجنة آثار صور أدرجت الشاطئ ضمن قائمة مواقعها منذ العام 1979، وأوصت بإقامة منطقة حماية بحرية حوله.
بالتالي، فإن المشروع يُخالف كل القوانين البيئية التي صادقت عليها بلدية صور.
بلدية صو في مؤتمر صحفي
بدوره رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق عقد مؤتمراً صحفياً ، وذلك بحضور أعضاء بلدية صور، رئيس جمعية تجار صور ديب بدوي، رؤساء وممثلي الجمعيات الأهلية والإعلاميين.
تجميد القرار
وأعلن أنه نزولاً عند رغبة الرئيس بري فقد تبنّت بلدية صور تجميد متابعة مشروع توسعة الكورنيش خاصة وأن دراسته أصلاً غير مكتملة ولم يتم تأمين التمويل له وبما أن مجلس الوزراء الحالي وقبل دخوله في مرحلة تسيير الأعمال قد أقرّ إعداد دراسة مداخل صور وتكليف من يلزم، لذلك سيتم إضافة هذا المشروع الى دراسة كونه يشكل المدخل الجنوبي للمدينة ليتم عرض نتائج هذه الدراسة على المجتمع المدني وأهالي المدينة وسيبنى حينها على الشيء مقتضاه بالتنسيق مع جميع محبي المدينة وقال: إن جميع هذه المشاريع تمت بناء لحاجات التنمية والتطوير وبناءً لرغبة أهالي المدينة ونزولاً عندها، مؤكداً أنه لم ولن يتم فرض أي مشروع يعارضه أهالي المدينة وقد سبق وتم تعديل مشاريع عدة نزولاً عند رغبتهم دون أي حرج أو خلاف أو جدال لا فائدة منه لقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر.
دبوق غايات رخيصة
لفت دبوق الى أنه تمّ نشر الأمور بشكل مغلوط في محاولة لإثارة الرأي العام وتحريك الغرائز لغايات رخيصة، مؤكّداً حرص البلدية على مصلحة المدينة وأهلها والإلتزام بتوجيهات حركة أمل ورئيسها دولة الرئيس نبيه بري راعي المدينة الأول والذي يولي المدينة اهتماماً خاصاً تمّ ترجمته عملياً على الأرض من خلال مشاريع التنمية التي شملت جميع القطاعات الحيوية .
وأكمل: للتوضيح فقط وخلافاً لما ذكر في الإعلام من قبل البعض ان المنطقة التي من المفترض أن تشملها الأعمال هي خارج منطقة جزيرة صور التاريخية وخارج أسوارها القديمة وبالتالي خارج نطاق الميناء الفينيقي القديم الذي يطلق عليه اسم الميناء الصوري.
لا مجال لتخصيص منطقة الجمل
وأوضح فيما يخص مشروع منطقة الجمل أن ملكية العقارات الموجودة هناك تعود للمديرية العامة الآثار ولخزينة الدولة وبالتالي لا مجال أبداً لتخصيصها والمشروع يهدف الى رفع مستوى المنطقة وتأهيل الطريق إليها وتأمين أفضل الشروط الصحية والبيئية المتاحة عبر تجميع المياه المبتذلة التي تنتجها الخيم البحرية الموجودة هناك وضخّها مباشرة الى الشبكة العامة المربوطة بمحطة معالجة مياه الصرف الصحي وكذلك يهدف الى تحرير مساحة من الشاطىء للإستعمال من قبل الناس الذين لا يرغبون بالجلوس في الخيم.
عز الدين “توسعة وليس ردم”
وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الاعمال الدكتورة عناية عز الدين خلال إحدى المقابلا أكدت أنه “لن يتم ردم شاطئ صور لجهة منطقة الجمل”، مشيرة إلى ان “هذه المنطقة مصنفة تراثية وأثرية ولكي تصنف ضمن التصنيفات السياحية العالمية السنوية، سيكون هناك مشروع لإعادة تأهيل الخدمات الصحية والبيئية بتمويل من وكالة التنمية الفرنسية وهو الأمر الذي اشتبه على البعض”.
وقالت: “لن يكون هناك ردم بل إعادة تأهيل عبر إنشاء غرفة للصرف الصحي ليتم شبكها مع محطة التكرير لتخدم كافة الشبكات في منطقة صور، وقد تم صرف ميزانية في مجلس الوزراء بقيمة 11 مليار ليرة لاستكمال الشبكة بكل منطقة صور وستصبح فعالة بعد شهر”، مضيفة أنّه “في ما يتعلق بكورنيش الرئيس بري، فكان يوجد مشروع لتوسعة الرصيف مع اخذ بضعة امتار من المساحة الرملية وليس الردم، وقد تم وضع ميزانية من أجل تحسين مداخل مدينة صور والسير فيها”.
وأوضحت عز الدين أنها تمنت على رئيس البلدية “بدل القيام بهذا المشروع أن يتم وضعه ضمن خطة شاملة وإيجاد أفكار صديقة للسياحة مع الحفاظ على الشاطئ وقد وعد الأخير بأخذ هذا الموضوع في الإعتبار”، مؤكدة انه “لن يكون هناك أي استثمارات خاصة”.
وإذ لفتت الى أن “شاطئ صور له رمزيته السياحية والاقتصادية ويجب المحافظة عليه”، أكدت “إرساء طريقة في التعاطي مع أي مشروع عبر التشاركية وأن يتبناه الجميع ليحقق نتائج ايجابية”.
الحراك البيئي في قضاء صور
نظم الحراك البيئي اعتصاما نهار أمس معترضا على مشروع ردم شاطىء صور الجنوبي وجاء الإعتصام مطالبا بإلغاء القرار وعدم الإكتفاء بتجميده وأكد المشاركون في الاعتصام ان اللقاء من مكان الحدث هو لأعلان الانتصار الاول في وجه مشروع ردم الشاطىء الجنوبي وهم مستمرون في متابعة جميع المخالفات البيئية وفِي مواجهة كل المشاريع التي قد تؤثر سلبا على جغرافيا مدينة صور الحضارية والأثرية .