إنسحب الرئيس الأميركي “ترامب”من إتفاق باريس للمناخ ( يهدف إلى احتواء الإحترار العالمي لأقل من 2 درجات وسيسعى لحده في 1.5 درجة)، عازياً ذلك الى أن بعض الدول تسعى الى إعادة توزيع ثروة بلاده في ما بينها، والحقيقة هي أنه تهرب من الإتفاق الذي ينص على منح مساعداتٍ مناخيةٍ للدول النامية سنوياً بقيمة 100 مليار دولار أميركي، كحدٍ أدنى، (طبعاً لم تحصل أية دولة نامية أو فقيرة، على دولارٍ واحدٍ من هذا المبلغ الضخم)، ولم يكتفِ السيد ترامب، بالإنسحاب من ذاك الإتفاق، و الكذب حول أسباب إنسحابه، بل شنَّ مع تحالف الدول الإستعمارية حروباً ضروسةً، باستخدام أدوات خارجية، إما بأموالٍ منهوبة أساساً من تلك دول النامية والفقيرة، أو بأموالٍ تأتيه من ثروات ممالك الرمال والوحل ونواطير الكاز.
فبينما كانت الفصائل الإرهابية المدعومة مالياً، من دول الخليج العربي تقتل يومياً الأبرياء في سوريا، كان الإعلام الغربي يتحدث عن تبذير فظيع في الهدايا التي قدمها الملك السعودي إلى الرئيس “ترامب” في زيارته الأخيرة الى الرياض ( قدّم الملك السعودي مسدساً نادراً من الذهب الخالص عليه صورة الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيفاً أيضاً من الذهب الخالص، يزيد وزنه عن 25 كغ مُرصّع بالألماس يصل ثمنه لحوالي 250 مليون دولاراً، ويختاً طوله 125 متر، يضم ثمانين غرفة وعشرون جناحاً ملكياً ومعظم أثاثه من الذهب الخالص .يصل ثمنه الى 800 مليون دولار، هذا عداك عن ساعات اليد (25 ساعة) من الألماس، قُدِرَ ثمنها بحوالي 200 مليون دولار….الخ).
وفي حين كانت العبوات الناسفة والسيارات المفخخة، تحول السوريين الى أشلاء، و تفتك العقوبات الإقتصادية بأبناء الطبقة الوسطى، محولة إياها الى طبقة معدمة، ينهشها الفقر والأمية والتخلف (انخفض إنتاج كافة المصادر التي يعتمد عليها الشعب السوري لتأمين غذائه الى مادون النصف) وبينما كان المرتزقة من فصائل “بلاك ووتر” وغيرها ينهبون النفط والآثار ويخربون المحميات الطبيعية وكل البنى التحتية في سوريا، كان الأمراء السعوديين يشترون مجوهرات تتكون من 301 من الأحجار الكريمة قُدر ثمنها بــ 60 مليون جنيه استرليني، لتقديمها كهدية عرس إلى نجل ولي عهد بريطانيا الأمير وليام، عند زواجه (بحسب صحيفة “ديلي ميرور” البريطانية).
كذلك و بعد أن أنهكت الحرب قطاع الزراعة والتجارة و الصناعة في سوريا، عبر حرق المحاصيل وسرقة النفط والغاز وتدمير ونهب المصانع وبيعها في تركيا باشراف لص اسطنبول “اردوغان”، وعد أمير قطر أثناء زيارته الأخيرة إلى أنقرة، بمساعدة الإقتصاد التركي (الذي بدأ ينهار)، بحوالي 15 مليار دولار أميركي.
يعلم الحلفاء من الدول الإستعمارية التي تشن حرباً على سوريا، الأهمية القصوى للرقة، فمساحة المحافظة أكبر بمرتين من مساحة لبنان وبأضعاف من مساحة قطر والبحرين، والرقة الحديثة تعوم على بحر من الذهب، كونها بُنيت فوق أطلال الرقة القديمة (عاصمة هارون الرشيد، وأحد أهم المراكز الإقتصادية والعسكرية في العصر البيزنطي)، ويعلمون أنه يوجد فيها سد من أكبر سدود العالم العربي، يروي مساحات شاسعة من حقول القطن والقمح، وأنها تتاخم كلاً من مدينة الموصل العراقية (مركز تجاري عالمي) وتركيا (بوابة العالم العربي الى أوروبا)، لذلك وفي إطار خطتها للسيطرة على ثروات سوريا، وإرتكازاً على عقيدة كولن باول “أنت دمرتها، أنت تملكها” قصفوها.
قصفوها، على مدى شهر(ألقت قوات التحالف حوالي ستة آلاف قنبلة على الرقة في شهر واحد آب/أغسطس العام الماضي، حسب تقارير “مجموعة الرصد الجوي للحروب”)، بحجة القضاء على “داعش”، فدمروا أكثر من 90 في المائة من المدينة محّولين إياها إلى أرضٍ خلاء، وبعد هذا كله أعلنت السعودية (بإيعازٍ من دول الإستعمار الجديد)، عن مساهمة مالية بمبلغ مائة مليون دولار لصالح قوات سوريا الديمقراطية “قسد” الإنفصالية ، والمدعومة من “التحالف” الدولي، الإستعماري الذي تقوده الولايات المتحدة، والمفارقة هنا أنه في غضون ذلك تراجعت الحكومة الأميركية عن تخصيص 230 مليون دولار لتمويل برامج إعادة الاستقرار(الإستعمار) في سوريا، مؤكدة أنها ستحولها “لدعم أولويات أخرى للسياسة الخارجية!!
أخيراً من نافلة القول، أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، لم ولن توافق على إنفاق سنتاً واحداً على عملية إعادة إعمار سوريا، فيما يُمعِن العُربان في إرسال فصائل الموت والرعب والإرهاب إلينا، ويرسلون هداياهم و ثرواتهم الى أعدائنا، ويبقى السؤال: هل صحيح أن لنا أخوة في بلاد العُرب، أم أن إخوتنا الحقيقيون هم الجنود والساسة الروس والإيرانيون ومقاتلي حزب الله؟