تداعيات الإحترار المناخي لا تتزال تتوالى يوماً بعد يوم، وإن لم تأت بشكل أعاصير أو فيضانات أو حرائق غابات، فقد تأتي بشكل أمراض أو إنقراضات جماعية أو حتى ولادة أنواع معينة من الحياة على وجه الأرض. وفي حين أن  الحشرات تستهلك الآن ما يصل إلى 10 في المائة من غذاء العالم،  ولكن ذلك ربما يزيد إلى نحو 20 بالمئة بحلول نهاية القرن، ما لم يتوقف تغير المناخ!!

هذا التغيّر الذي حذر علماء المناخ من أن الأرض تتجه سريعا نحو “نقطة اللاعودة” ما لم يُتخذ إجراء فوري. ووفقا لدراسة جديدة كبرى نبّه الباحثون إلى أنه إذا لم تتصرف الحكومات بشكل حاسم بشأن الاحتباس الحراري قبل عام 2035 فسيكون من غير المرجح أن نتمكن من الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين، وأنه إذا وصل الاحترار إلى هذه النقطة فمن المحتمل أن يؤدي إلى كارثة مناخية قد تجعل أماكن كثيرة من العالم غير قابلة للعيش.

بالعودة إلى الحشرات، فقد كشفت دراسة جديدة أن من المرجح أن يعني عالم أكثر دفئا حشرات أكثر وأشد جوعا تأكل المحاصيل وطعام أقل على موائد البشر . وتنظر الدراسة التي ترأسها المؤلف كيرتس دويتش، وهو عالم متخصص في المناخ من جامعة واشنطن،  في الاضرار التي تتسبب فيها الحشرات مثل حفار الذرة الأوروبي، أو حفار الأرز الآسيوي مع ارتفاع الحرارة. وتوصلت إلى أن العديد من هذه الحشرات سوف تزيد في عددها في الأوقات الرئيسية للمحاصيل. وسوف يؤدي الطقس الأشد حرارة أيضا إلى الإسراع في التمثيل الغذائي لديها حتى أنها ستأكل أكثر، وفقا لما ذكره الباحثون في مجلة “ساينس”، وتستند توقعاتهم إلى محاكاة بالكمبيوتر للحشرات ونشاط الطقس.

وكشف سكوت ميريل، المشارك في الدراسة، وهو أستاذ البيئة في جامعة فيرمونت ان “سيكون هناك الكثير من فقدان المحاصيل، ولذا لن يكون هناك الكثير من الغلال على المائدة”. ويحسب الباحثون خسارة إضافية تبلغ نحو 53 مليون طن (48 مليون طن متري) في القمح والأرز والذرة من الحشرات الجائعة، إذا ما ارتفعت درجة الحرارة 2.7 درجة (1.5 فهرنهايت) عما هي عليه الآن.

وتخلص الدراسة إلى أنه في هذا السيناريو الأكثر دفئا سوف تقفز خسائر الذرة والقمح والأرز من الحشرات في أميركا بنحو الثلث عن المعدلات الحالية. أما أضرار الحشرات بالأرز الروسي فسترتفع ستة أضعاف. وستشهد 9 دول هي كوريا الشمالية ومنغوليا وفنلندا وقرغيزستان وجورجيا وبوتان وأرمينيا والمملكة المتحدة والدنمارك، على الأقل ضعف خسارة القمح بسبب الحشرات.

في هذا الإطار، فإن واجب الحكومات فعلاً التوجّه نحو التفكير الفعلي بحلّ جذري لقضية الإحترار المناخي، فقد أفادت الدراسة الثانية،  بأن الموعد النهائي لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض الذي يصل إلى 1.5 درجة قد مرّ بالفعل، ما لم نلتزم بإجراء جذري الآن. ويأمل الباحثون أن يصبح الموعد النهائي الصارم لحظة مهمة لاتخاذ إجراءات بشأن المناخ.

ونبّه هينك ديجكترا -أستاذ بجامعة أوترخت في هولندا وأحد مؤلفي الدارسة- إلى أنه لم يتبق سوى القليل من الوقت قبل أن تصبح أهداف قمة باريس للمناخ (للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة أو درجتين مئويتين) غير قابلة للتطبيق حتى في ظل الإستراتيجيات الجذرية للحد من الانبعاثات.

وأشارت صحيفة إندبندنت التي أوردت الدراسة إلى أن كل العمل يعتمد على انتقال العالم نحو مصادر الطاقة المتجددة في السنوات المقبلة، وأنه لتحديد الموعد النهائي استخدم الباحثون النماذج المناخية المتاحة، وحاولوا فهم السرعة التي يجب أن تحدث بها هذه العملية للحد من الآثار الكارثية التي قد يؤدي إليها ارتفاع الحرارة درجتين مئويتين، بحساب أنه ينبغي البدء في اعتماد الطاقة المتجددة بصورة فعلية قبل عام 2035.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This