عندما تكون ثمة إرادة طيبة يصبح بالإمكان جبه الصعوبات ومواجهة بعض أزماتنا، وفي مقدمها النفايات، هذا ما أكدته حملة “مسعفون بيئيون” في منطقة الميناء – طرابلس من خلال نضالها اليومي من أجل ترسيخ مفاهيم بيئية، فلم تتبنَّ الشكوى وانتظار الدولة، فبادرت ونجحت، وحققت ما لم يكن أحد يتوقعه، فغدت مثالا حيا يمكن تعميمه ليس في الشمال وحسب، لا بل في كل المناطق، وإلى أبعد من حدود لبنان.
لم يكن يتوقع القيمون على الحملة أن تصبح تجربتهم الفتية محط أنظار العالم من فرنسا إلى جمهورية مصر العربية، ولا أن يحتضنها المجتمع المحلي ويؤمن سبل دعمها وتطويرها، وهذا ما يستحق التنويه، ويؤكد أن العمل الجاد في حاضرة المعاناة والذي لا يتطلع إلى حملات إعلامية كهدف، كما هو الحال مع الكثير من مؤسسات المجتمع الأهلي، لا بد وأن يثمر إنجازات معمدة بعرق التعب والسهر والمثابرة.
كبارة: تفاعل كبير
انطلاقا من أهمية هذه التجربة التقى greenarea.info مؤسس حملة “مسعفون بيئيون” الناشط سليم كبارة الذي عرض لانطلاقة الحملة هذا الصيف، لافتا إلى أنها “حملة مطلبية وعملية على الأرض تقوم بعملها التوعوي عبر حملاتها إلى جانب عمليات تنظيف شاطئ الميناء في طرابلس في محاولة لإعادة السلاحف الى هذا المكان الذي كان ملاذا لها لتضع فيه بيوضها، وللدفاع عن البحر وثروته السمكية”.
ورأى أن هذه الحملات “هي حاجة في ظل الوضع المتردي لشواطئنا، من شأنها أن تحرك المجتمع المحلي وتحثه على احترام بيئته كما انها تضع المعنيين أمام مسؤولياتهم”.
بلا بلاستيك
وقال كبارة: “بدأنا بحملتين تحت عنوان (بلا بلاستيك) قمنا خلالهما بجمع كميات من البلاستيك والزجاج وارسالها الى معامل التدوير، وقد شاركنا الاطفال في هذه الحملات واقتصر عملهم فيها على تجميع أغطية البلاستيك المنتشرة بشكل كبير على الشاطئ والتي نخطط من خلال تجميعها الى تحويلها للوحة فنية سنعلن عنها لاحقا”.
تفاعل محلي وفرنسي
ما تجدر الإشارة إليه، بحسب كبارة، أن “التفاعل كان كبيرا خلال الحملة الأولى وقد لاحظت ذلك بعد الارتفاع الكبير والملحوظ لعدد متابعينا عبر (فيسبوك) في لبنان والخارج، كما قامت النائب ديما جمالي بتقديم آلية نقل لخدمتنا تبرع بجزء من ثمنها السيد عمر حرفوش، وجاء ذلك استجابة لطلبنا عبر (فيسبوك) لتأمين نقل النفايات التي نجمعها، ولكن الاجمل جاء عند دعوة السيد حرفوش لأعضاء من مجلس الشيوخ الفرنسي ومراسلة “أورونيو” euronews آن ليز بورج Anelise Borges الذين زارونا خلال جولتهم في طرابلس، وأثنوا على ما نقوم به بحضورهم إلى الشاطئ ودعم حملتنا في 28 آب (أغسطس) الماضي وتكريمي بميدالية من مجلس الشيوخ الفرنسي كمطلق للمبادرة”.
من لبنان إلى مصر
وعن انجازات هذا الصيف، قال كبارة: “لقد تفاعل معنا أيضا شبان من دولة مصر، أعجبوا بما نقوم به، وأبدوا رغبتهم بنقل التجربة الى مصر، وبالفعل انطلقت المبادرة في مصر في 31 آب (أغسطس) 2018 في حملة تنظيف أطلقها الشاب وفيق مصطفى والشابة سارة أحمد في المنطقة الممتدة بجانب سور عمرو بن العاص في القاهرة، وفي الاسكندرية أطلق الشاب هاني العاقل ومحمد مجدي أيضا مبادرة مسعفون بيئيون مصر في 7 أيلول (سبتمبر) 2018 دعت الى تنظيف الشاطئ والى تفعيل الانضمام والمشاركة لحماية البيئة والتنوع الأحيائي في شواطئ الاسكندرية، وستتابع (مسعفون بيئيون – مصر) حملاتها باستمرار، بعد أن لاقت ترحيبا كبيرا من المواطنين والناشطين الذين تبنوا الفكرة ومضوا في تنفيذها”.
وأضاف: “أسعدنا أيضا أن تقوم بلديتا طرابلس والميناء و(شركة لافاجيت) بوضع مستوعبات للفرز في عدة مناطق، وتعمل البلديتان على التوعية والارشاد لاستعمال المستوعبات والفرز من المصدر”.
اليوم العالمي لتنظيف الأرض
وعن نشاط اليوم العالمي لتنظيف الأرض الذي شاركت فيه حملات من مختلف المناطق اللبنانية، أشار كبارة الى أن “حملة (مسعفون بيئيون) انطلقت أمس تحت شعار الماراتون البيئي الثالث، وقد شارك فيه اكثر من 100 متطوع انضموا الينا من جمعيات عدة، منها كشافة التربية الوطنية فوج مدرسة النموذج للبنين، جمعية هيك لبنان أحلى، وشبان من جبل محسن والتبانة، وشاركتنا البلدية أيضا، كما لفت انتباهنا أن حوالي عشرين طفلا مشاركا قاموا بعمليات الفرز المباشر، حتى الشبان الذين حضروا من مناطق شعبية عبروا عن ثقافة عالية تنم عن اطلاع ودراية بموضوع الفرز، الأمر الذي يؤكد أن لبنان بكامل أطيافه قادر على الفرز وعلى حل مشاكله وتعميم نماذج مشرفة على العالم ككل، وليس فقط ضمن جغرافيا الوطن”.
