يبقى لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي دور أساس في تعميم الوعي البيئي، وهذا ما يتطلب من أي وسيلة إعلامية إيلاء العلوم والمعارف أهمية تعزز هذا الوعي، خصوصا وأننا نعيش في زمن تبدلت فيه الكثير من المفاهيم والقيم مع ثورة التكنولوجيا والمعلومات، وهذا ما يفرض تحديات كبيرة لجهة مراكمة رأي عام من أجل توفير سبل الحماية للأنواع والنظم الإيكولوجية المهددة.

كلنا يعلم أن الإعلام مسؤولية مهنية وأخلاقية قبل أي شيء آخر، وهو في الوقت عينه مسؤولية علمية لا يمكن معها الارتجال وإطلاق المواقف جزافا إن لم تكن مستندة إلى بينات واضحة، هي نتاج سنوات طويلة من الجهد والتعب بذلهما العلماء وأهل الاختصاص، أما تبني فكرة مشوهة ونشرها على أنها “الحقيقة” فذلك تجديف يُـــجانب الحقيقة ويشوه العلم في آن معا الأمر الذي يؤثر سلبا على الجمهور ويجعله يتبنى افكارا خاطئة.

 

اشاعة مفاهيم تبرر التعدي عليها

 

صُدمنا بالأمس بعد أن نشرت مدونة تهتم بأخبار مدينة صيدا خبرا مع صور لرجل (الحاج أبو محمد) مع صديقه (الحاج أبو توفيق) دون ذكر اسم العائلة، وقالت أنهما ذهبا زيارة إلى “زيرة صيدا” للسباحة، ولم يخطر ببال أحدهما أنه “سيعود جريحا إلى منزله”.

وذكرت أنه “أثناء وقوفه (الحاج أبو محمد) بالماء شعر أن شيئا عضه برجله ليتفاجأ أنها سلحفاة كبيرة الحجم قد هاجمته وعضته”، وأُرفقت بالخبر صور تظهر قدم الحاج أبو محمد ولم يبدُ عليها أي جرح، فقط كدمة صغيرة، وهذا يؤكد أن ثمة مبالغة لإثارة هلع الناس، وتصوير السلاحف على أنها مهاجمة، ولا نعرف لأي غرض.

 

تداول اخبار عن قتل السلاحف

 

وأضاف الخبر “لقد روى عدد من الصيادين أنهم قد قتلوا عدة سلاحف بسبب خطرها المتزايد عليهم وعلى رواد زيرة صيدا”.

هذا الكلام الخطير، دفعنا في “جمعية Green Area الدولية” للتحقق من الموضوع وللأسف أكد أحد المواطنين تحفظ عن ذكر اسمه أنه “فعلا تم تداول خبر قتل السلحفاة الأسبوع الماضي” مقابل “زيرة صيدا” من قبل بعض الصيادين، بعد أن شاع خبر بأن هذه السلحفاة تعض رواد البحر، وهذه الواقعة وضعنا تفاصيلها في عهدة وزارة الزراعة للتحقيق والقيام بالمقتضى القانوني، وإذا ثبتت واقعة قتل أي سلحفاة بحرية أو التعدي عليها عمدا، وتحت أي ذريعة، سنطالب وفقا للقانون وزارة البيئة بأخذ صفة الادعاء على كل من يقدم على مثل هذا الفعل، دون إسقاط المسؤولية المعنوية عن كل من يروج إعلاميا لإشاعة الخوف عند رواد البحر وتشويه للحقائق عبر تصوير السلاحف على أنها كائنات مهاجمة ومزعجة الأمر الذي نرى فيه تحريضا صريحا على قتلها والاعتداء عليها، وهذا ما بدا واضحا في التعليق الأخير “مع حرصنا الشديد على الحياة البحرية، إلا أن صحة الناس تبقى أهم من التيرتلز”، فيما تعمل إحدى الجمعيات الصديقة للمدينة جاهدة على حماية البيئة البحرية في المنطقة.

 

تدخل الإنسان

 

وفي هذا السياق، يهمنا في “جمعية Green Area الدولية” أن نؤكد على ضرورة حماية هذه الكائنات البحرية وغيرها، نظرا لما لها من دور حيوي في منظومة بيئية متكاملة،ولما توليه هذه الكائنات من خدمات مجانية تساهم في استدامة الحياة في البحار والمحيطات التي يعتمد عليها كوكبنا لإستمراره ، أخذا في الاعتبار أن سلاحف البحر ليست طارئة على بحر لبنان، والبحر هو مداها الحيوي والطبيعي وسبقت بوجودها الإنسان بملايين السنين على هذه الأرض .

كما أن تغير سلوك بعض السلاحف ينجم عن عوامل عدة بعضها مازال غير مؤكد وهي موضع أبحاث ودراسات يجهد فيها العلماء، وبعضها مفهوم وواضح سببه تدخل الإنسان، إن لجهة إزعاجها عبر الاقتراب منها كثيرا ومحاولة رفعها من الماء، وإما عبر إطعامها، وهذا ما يحدث تحديدا مع السلاحف التي تعيش بالقرب من الأماكن التي يقصدها رواد البحر في لبنان، ولا يجوز تعميم حالة ما على جميع السلاحف التي تعتبر من الكائنات المسالمة واللطيفة.

كما انه يجدر بالذكر أن جمعيات دولية ومحلية عملت جاهدة على حمايتها وحماية موائلها على الشواطىء حيث تضع بيوضها، وأنشأت الكثير من الدول المتحضرة محميات لضمان تكاثرها خصوصا وأن بعض الأنواع أصبحت مهددة بالإنقراض عالميا.

ويهمنا أيضا أن نؤكد أن البحر هو المكان الطبيعي لهذه الكائنات غير العاقلة وأن الإنسان هو الدخيل العاقل، ولقد سمعنا مرارا وتكرارا بأن السلاحف تعرضت للقتل والإبادة من خلال ممارسات بعض البشر ولم نسمع يوما أن سلحفاة تسببت بموت إنسان، ولهذا تقع مسؤولية إحترام بيئتها وحمايتها على الإنسان وليس العكس.

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This