البيئة ليست شعارا نتذكره ونطلقه في المناسبات، ولا “موضة” أو طلات إعلامية، ولا حديث صالونات ونوعا من الترف لتمضية الوقت والترويح عن النفس، وإنما هي فعل نضال يومي في قلب الجرح وعلى ضفاف الوجع، ودعوة مفتوحة لملاقاة المعاناة، عملا وإرادة، تضحية في سبيل تكريس ثقافة ووعي جماعي، وتأسيسا لغد ومرتجى.
هذه الانطباعات والأفكار حضرت في مدينة صور، وسط حملة لتنظيف أحد شواطئها، تلبية لدعوة من شباب المدينة لاقت تجاوبا أبعد من صور، طاول القرى والبلدات المجاورة، جمعيات أهلية وبيئية، ممثلو بلديات وناشطون وتلامذة مدارس انضووا في ورشة عمل واحدة لرفع النفايات وفرزها لتكون قابلة لإعادة التدوير، مع توجيه أكثر من رسالة، يبقى أهمها أن النظافة مطلوبة من رواد الشاطىء، من زوار وضيوف مدينة صور وأبنائها، كي لا تكون ثمة حملات نظافة مستقبلا مردها إلى استباحة الشواطىء بالنفايات.
دعوة ونداء
فقد أطلق شبان من مدينة صور في جنوب لبنان دعوة ونداء لتنظيف شواطىء المدينة حرصا منهم على نظافة مدينتهم، خصوصا بعد تراكمت المخلفات التي يتركها رواد البحر في عدة أماكن شاطئية، ونفذ شباب صور اليوم حملتهم الرابعة عند شاطئ “الخراب” بالتعاون مع ناشطين متطوعين في العمل الاجتماعي والبيئي من المدينة والجوار، ومشاركة كل من: “جمعية الجنوبيون الخضر”، “جمعية أليسار الشبابية”، “جمعية غرين ايريا الدولية” “جمعية صور الإنسان”، “جمعية شباب قانا”، “كشافة الرسالة الإسلامية”، “جمعية ملتقى الشباب الثقافي”، “جمعية شباب قانا”، “لجنة حقوق المرأة”، “الأكاديمية البحرية للغوص”، كاتب العدل في صور صخر عرب، وحضور لافت ومسؤول من بلدية العباسية بشخص رئيسها السابق خليل حرشي، والرئيس الحالي علي عزالدين وعضو المجلس البلدي فايز حجا، فضلا عن وجوه بارزة في العمل الاجتماعي في المدينة.
حملات أسبوعية
تخللت الحملة الى جانب رفع النفايات وفرزها مباشرة، دعوات للمحافظة على النظافة في المدينة واحترام الطبيعة والبيئة البحرية، وعدم إساءة استعمال الشاطئ عبر ترك رواد البحر مخلفاتهم وراءهم، ليتمكنوا في المستقبل من استخدام الشاطئ والنزول لمياه البحر بشكل آمن، ولفت المشاركون في الحملة الى ضرورة وضع مستوعبات في الأماكن التي يتم تنظيفها ومراقبتها بشكل دائم من البلدية منعا لتراكم النفايات فيها، ومن الأهالي الذين يتشاركون المسؤولية مع الجهات المعنية في المحافظة على مناطقهم واحيائهم.
وختم المشاركون يومهم بالتأكيد على مواصلة الحملات التي ستستمر بشكل أسبوعي، وسيحدد مكان الحملة التالية لاحقا.
مع المشاركين
حسن قرعوني ناشط من مدينة صور، قال لـ greenarea.info: “لدينا تمن على الأهالي والمواطنين والمدارس للعمل بجدية على بناء جيل واع ومدرك لما يهدد بيئتنا”، ورأى أنه “من المعيب جدا أن يتكرر مشهد النفايات المرمية أينما كان”، وأشار قرعوني إلى أن “اللوم لا يقع على المواطن فحسب، وإنما هناك تقصير من البلديات وعليها أن تلتفت إلى قضية النظافة بشكل أكبر، وقد أصبحت في حدود بعيدة كارثية، وقد لمسنا في أكثر من مرة تقصيرا واضحا، ولا نعلم ما إذا كان متعمدا أم لا”، ودعا “الجميع للتعاون والتكاتف في سبيل هدف واحد هو مصلحة مدينة صور”.
رئيس بلدية العباسية السابق خليل حرشي، قال: “القوانين موجودة وعلى الجميع الالتزام بها وتطبيقها، وعلينا أن لا نرفع الشعارات فقد، وإنما علينا العمل لجماية الشاطىء بما هو متنفس لجميع الناس، ونحن اليوم هنا انطلاقا من إيماننا بأن الشاطىء من (البقبوق) إلى الرشيدية، هو امتداد واحد يهمنا في صور والجوار ويعنينا جميعا”، وختم حرشي ” أتمنى من أهلنا وناسنا وكل من يقصد هذه المنطقة المحافظة على البيئة التي نرى فيها سلامتنا وسلامة أولادنا”.
إيهاب قرعوني من كشافة الرسالة، قال: “شاركنا في أكثر من ست أو سبع حملات في الشاطىء، وبشكل أسبوعي في الحديقة المجاورة لاستراحة صور، وكنا قد بدأنا منذ أربع سنوات بالمشاركة في الحركة الأهلية للنظافة مع بلدية صور والجمعيات في المدينة في تنفيذ هذه الحملات التي نرى فيها ضرورة لنشر الوعي والثقافة البيئية السليمة”.
فادي سويدان من “الجنوبيون الخضر”، قال: “من جهتنا نرى من خلال استمرار الحملات أن هذا التعاون بين المشاركين أثمر نجاحا بدا واضحنا من خلال المشاركة التي تزداد أسبوعا بعد أسبوع”، وأكد أن “استهدافنا لشاطىء صور ما هو إلا تعبيرا عن انتمائنا لهذه المدينة وضرورة حماية البيئة بشكل عام”، وأضاف: “أما التنظيف وإن كان من مسؤولية جهات معينة، فإننا نقوم به لرمزية المشاركة لما لها من أثر إيجابي في تعميم الوعي بشكل عام”، وأضاف: “أما التنظيف وإن كان من مسؤولية جهات معينة، فإننا نقوم به لرمزية المشاركة لما لها من أثر إيجابي في تعميم الوعي ونشر ثقافة بيئية سليمة لطالما عملنا عليها في الجمعية”.
دينا حلاوي من الحملة الأهلية في صور، قالت: “نتوجه من خلال Greenarea.me بنداء إلى جميع أهالي صور في كافة الأحياء للاستعداد للمشاركة معنا في حملات مستقبلية ستشمل المناطق المهملة بين البيوت وفي الأحياء تتضمن حملات توعية”.
ربيع خضرا من “شباب صور” تمنى على “جميع الأهالي الالتحاق بالحملة من كافة الفئات العمرية، نظرا لضرورة استمرار وإنجاح هذه الحملة”.
ورأى عضو محلس بلدية العباسية فايز جحا أنه “في وقت بدأنا نعمل على تعميم ثقافة الفرز من المصدر من غير المقبول أن نرى النفايات ملقاة عند الشواطىء، ولا سيما في صور المدينة التي يقصدها السياح من لبنان والخارج”، ودعا البلديات إلى “وضع مستوعبات في أماكن التجمعات منعا لتراكم النفايات”، وقال: “لفت انتباهي غياب المدارس، وهم من يفترض استهدافهم في هذه الحملات”.
صلاح حلاوي من “شباب صور”، قال: هناك علامة استفهام كبيرة، إذ كيف لمدينة تضم 63 جمعية أهلية ولا نرى إلا قلة منها تعمل على الأرض”، ولفت إلى “اننا دعونا لهذه الحملات تعويضا لتقصير بدا واضحا للجميع من خلال انتشار النفايات في المدينة وشواطئها، ولحرصنا على ان تبقى مدينتنا صور قبلة المدن المتوسطية”.