كارثيٌ هو المشهد العام للحياة السورية، جراء ما لحق بها من خرابٍ ودمارٍ وتشويه، نتيجة لحرب ضروس تدور رحاها، على طول البلاد وعرضها، منذ ثمان سنوات. ولعل العنصر البشري هو أكثر المتضررين، حيث انحدر كل شيء يمت لحياة الإنسان السوري، إنحداراً شديداً، خلال سنوات الحرب 2011-2018 (عملت قوى الحرب جاهدةً على تدمير المخزون الحضاري والمكون الثقافي وإفراغ الإنسان السوري من محتواه الحقيقي وصولاً الى تمزيق المجتمع السوري ككل) .

وقد عملت دول التحالف الإستعماري الفاشي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، بشكل مباشر و غير مباشر، على إطالة أمد  هذه الحرب المُدمرة، وذلك من خلال إمعانها في إدخال مختلف الفصائل الإرهابية الى سوريا، بدءاً بجماعة الخوذ البيض وليس انتهاءً بـ”داعش”، بعد تدريبها في معسكرات أقامتها خصيصاً لهذه الغاية في الدول المجاورة (الأردن، تركيا والعراق) كما عملت على مدِّها بكافة أنواع الأسلحة المتطورة.

ففي أواسط العام الماضي 2017 ،أشار تقرير للأمم المتحدة، حرفياً، إلى أن “السلطات الإسرائيلية تقوم بانتظام بتقديم المال والسلاح للمقاتلين – الإسلامويين، الذين يحاربون الحكومة الشرعية في سوريا وقواتها المسلحة في مرتفعات الجولان”. في حين أكد ربيب الولايات المتحدة الأميركية وحليفها في الحرب علينا، لص اسطنبول “اردوغان” أن الولايات المتحدة الاميركية، أرسلت خمسة آلاف شاحنة وألفي شحنة جوية تحمل أسلحة إلى شمالي سوريا، بذريعة مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي.

بعدها بشهرين فقط وفي أواخر شهر تموز/يوليو الفائت، أبرز الكاتب البريطاني المختص في شؤون الشرق الأوسط “روبرت فيسك” مقالٍ في صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، إعترافات مدير مصنع “زاستافا” للأسلحة في صربيا. حول دفعاتٍ من الأسلحة، صُنعت في مصنعه، ووصلت فعلاً الى أيدي الإرهابيين في سوريا، وأن جميع هذه الأسلحة كانت  قد صُدِرَت الى السعودية  في مطلع 2016.

الجدير ذكره هنا وغير المُستغرب، هو أن هذه الأسلحة صُنعت في مصنعٍ اعترفت إدارته بأن كل إنتاجه يخضع لرقابة الولايات المتحدة وحلف الناتو، لمعرفة وجهة كلِّ قطعة ينتجها، مؤكدةً أن المصنع لا يُصدر أسلحة إلى سوريا ولا يقدمها للجماعات الإرهابية، وأن السعودية والإمارات تعتبران من أهم زبائنها، في المنطقة.

وصلت هذه الأسلحلة التي إستوردتها السعودية الى أيدي الفصائل الإرهابية، وبشكل خاص، الى إرهابيي “جبهة النصرة” التي انبثق من رحمها تنظيم مايسمى بـ”هيئة تحرير الشام” المتواجدة حالياً في إدلب والرافض الأول والأكبر لإتفاق المنطقة المنزوعة السلاح.الذي وقعه الروس مع اردوغان والذي يقضي بتجنيب ادلب الضربة العسكرية التي سيذهب ضحيتها  (فيما لو حصلت) مليون طفل سوري (بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، بالتالي فإن تحرير الشام تدفع باتجاه كارثة إنسانية جديدة!!

كيف وصل السِّلاح الى الإرهابيين في سوريا؟

يُعتبر الطريق عبر بلغاريا إلى سوريا الأكثر نشاطاً في تزويد المسلحين بالسلاح، ففقد عُثرَ في حلب بعد تحريرها،على رشاشات ثقيلة من إنتاج مصنع ВМЗ-سبوت البلغاري، وتم تصديرها من خلال شركة آركوس من مدينة لياسكوفيتس، ولكن صُدرت حسب إدارة المصنع الى السعودية( بحسب صحيفة ديلان البلغارية). كما استدعى جهاز الأمن البلغاري، أواسط العام الفائت، الصحفية البلغارية “ديليانا غايتاندزيفا” لإستجوابها بهدفِ معرفة من قدم لها الوثائق المتعلقة بالرحلات الدبلوماسية التي أطلقتها شركة الطيران الأذرية، بالتعاون مع دول الناتو، (350 طائرة مدنية حملت مئات الأطنان من الأسلحة، كانت تتوقف لإفراغ حمولاتها في دولٍ منغمسةٍ في الحرب السورية، مثل تركيا والمملكة العربية السعودية وإسرائيل) فيما كشف صحافيون بلغار آخرون أن الباخرة الدنماركية “ماريان دانيكا”. ساهمت بنقل السلاح شهرياً من ميناء بورغاس البلغاري إلى ميناء جدة السعودي.

وبحسب باحثون متخصصون في مكافحة الإرهاب في مركز بحوث الجريمة المنظمة ومكافحة الفساد في صربيا، فإن أموالاً قطرية، قدرت ب1,5 مليار دولار، تم دفعها ثمناً لأسلحةٍ تم شرائها من دول البلقان، وأجورتسهيلات تركية لوجيستية، لتهريبها إلى أمراء الحرب في سوريا.

كما دفعت مملكة الرمال، في عام 2013 ثمن كميات من الأسلحة الكرواتية (حملتها طائرات نقل مدنية تركية وأردنية ،من مطار “بلستو” في العاصمة زغرب) بتوجيه من الولايات المتحدة الأميركية،الى داخل سوريا من الأراضي الأردنية، هذه المعلومات كانت قد كشفتها صحيفة “نيويورك تايمز” بعد أن قامت قناة العربية السعودية بتوصيف أنواع الأسلحة، والحديث مطولاً عن مدى فعاليتها وتأثيرها، مايدل على  معرفة مُسبقة بها كونها ممولة من صاحبة القناة.

لايزال نواطير الكاز، يدفعون تكاليف إطالة الحرب في سوريا، فيما تدعم الإدارة الأميركية وحلفائها، المجموعات الإرهابية وتجار السلاح ووسطائهم، كي يستمروا في عملية تدمير الحياة السورية بكافة نواحيها، فيدفع فقراء الشعب السوري، ثمن هذه السياسة الفظة للدول الإستعمارية، من  صحتهم ،حبهم، فرحهم….إنهم يدفعون  حياتهم.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This