تعددت الإنذارات وكثرت التوقعات بمستقبل بعض المواقع التاريخية والأثرية في العالم، إلا أن النتيجة واحدة: ” تخوّف من إندثار تاريخ وحضارات شعوب بنى عليها أجدادنا ماضيهم وحاضرهم. فقد كشف علماء أن حوالي 50 موقعًا تاريخيًا وثقافيًا حول البحر الأبيض المتوسط عرضة إلى خطر التدمير في القرن المقبل، والسبب واضح : التغيّر المناخي!!
في أبسط الأمثلة، يشكل ارتفاع مستوى سطح البحر خطرًا على بحيرة البندقية وساحل أمالفي، وكذلك مدينة بافوس القبرصية وبيزا ديل دومو في Pisa , وقال العلماء إن مواقع اليونيسكو للتراث العالمي قريبة من المناطق الساحلية، ومن خطر الفيضانات الساحلية الشديدة، حيث يعد البحر الأبيض المتوسط موطنًا لعدد كبير من المواقع التاريخية، بسبب الأهمية التاريخية للموانئ التي تنتشر عبر المنطقة.
وأنشأ فريق من الأكاديميين، بقيادة لينا ريمان، من جامعة Kiel في ألمانيا، قاعدة بيانات لجميع مواقع اليونيسكو المعرضة إلى الخطر، واستخدم نماذج رياضية للتنبؤ بكيفية تأثير ارتفاع مستويات البحار عليها , ووجدوا أنه من بين 49 موقعًا ساحليًا حول البحر الأبيض المتوسط، سيكون اثنان فقط في مأمن من الفيضانات أو التعرية الساحلية بحلول عام 2100.
وكتب العلماء في دراستهم “مع تزايد الأخطار الساحلية مثل الفيضانات والتعرية مع ارتفاع مستوى سطح البحر، فإن عددًا كبيرًا من مواقع التراث العالمي الساحلية، سيتعرض بشكل تدريجي إلى هذه المخاطر في المستقبل، ما يهدد القيمة العالمية البارزة للمواقع المتأثرة، ويحتمل أن يؤدي إلى خسائر في الإيرادات الاقتصادية”.
ووجد العلماء أنه من بين 49 موقعًا ساحليًا تمت دراستها، يعد أكثر من 75% (37 منها) عرضة لخطر الفيضانات الشديدة بحلول عام 2100 , واعتبرت الدراسة أن هذه الكارثة ستكون “حدثًا فيضانيًا مدته 100 عام”، والذي يُعرّف بأنه حدث يحتمل وقوعه بنسبة 1% في أي عام.
ويمكن القول إن “Piazza del Duomo” في بيزا، وهي الكاتدرائية الشهيرة التي تتميز في برج بيزا المائل، الموقع الوحيد المعرض إلى خطر الفيضان فقط. وهناك المزيد من المواقع المعرضة إلى خطر التآكل الساحلي، حيث اكتشفت الدراسة أن حوالي 90% من المواقع (42) ستعاني كثيرًا بحلول نهاية القرن.
ويبدو أن 7 مواقع تعاني من التآكل، وهي رودس وSousse والمناطق الأثرية في بومبي، وHerculaneum وتوري، وبلدة كورفو القديمة ومدن Late Baroque في فال دي نوتو، وأيضًا مدينة تل أبيب البيضاء وسهل ستاري غراد في قبرص , وستكون جميع المواقع باستثناء موقعين (مدينة تونس العتيقة وXanthos-Letoon في تركيا)، عرضة إلى أحد أنواع هذه المخاطر.
وبحلول عام 2100، قد تزيد مخاطر الفيضانات بنسبة 50% ومخاطر التعرية بنسبة 13% في جميع أنحاء المنطقة , ويمكن بسهولة استنساخ النتائج وتطبيقها على مناطق أخرى، حيث من المحتمل أن يتعرض عدد كبير من مواقع التراث العالمي إلى خطر الكوارث الساحلية، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر , على سبيل المثال، جنوب شرق آسيا. وقال العلماء إنه يمكن للنتائج رفع مستوى الوعي لدى صناع السياسات ومديري التراث، من خلال الإشارة إلى الحاجة الملحة للتكيف مع الوضع الراهن.
على ما يبدو ، فإنه رغم تعدد التحذيرات في هذا المجال، إلا أن لا أذان صاغية فالصرخة تتعالى منذ سنوات والقادة يتلهّون بأمور تدمّر البيئة والمجتمع بدلاً من حماية الإنسان والحياة على هذه الأرض!!