لا يزال السرطان في القرن الواحد والعشرين يهزم العالم، أطفالاً، كباراً وعجزة، وإذ لا حلول في الأفق إلا العلاجات الكيماويّة مع ما تحملها من أوجاع وتداعيات على صحة الإنسان، فضلاً عن عمليات الإستئصال الجراحية، يحاول العلماء كما الاطباء أقصى جهدهم للحد من تفاقم هذا المرض وحصاد حياة البشر.
في هذا الإطار، كانت أول معجزة حقيقية في متناول اليد عام 2008 بلقاح يخفّف من تداعيات سرطان عنق الرحم لدى النساء، ثاني أكثر السرطانات النسائية انتشاراً بعد سرطان الثدي، وقد أكدت الدراسات العديدة والمكثفة على قدرة اللقاح في تفعيلٍ عالي المستوى لجهاز المناعة ومضادات الأجسام للفيروس بما يؤمّن حماية أكبر وتحصيناً منيعاً تصل نسبته الى 100%.
في عام 2010 ، أعلنت منظمة الغذاء والدواء FDA عن أول لقاح ضد السرطان وهو أول اكتشاف يُمثلُ ثورة حقيقية لعلاجات السرطانات. وقد تم تسمية هذا التطعيم الجديد “البروفينج ” “Provenge ويقوم العقار باستهداف سرطان البروستاتا، حيث أوضحت التجارب المعملية المبدئية أنه أطال أعمار المرضى أربعة أشهر مقارنة بالدواء التقليدى. ويشير التقرير إلى أن اللقاح الجديد ليس شفاءً وليس تطعيماً واقيا كغيره من لقاحات الحصبة أو لقاحات التهاب الكبدى الوبائى وغيرها وإنما هو لقاح علاجى يقوي الجهاز المناعي للمريض وهو يُستخدم بعد تشخيص سرطان البروستاتا.
في العام 2017، أعلن العلماء في معهد موفيت لأبحاث السرطان بولاية فلوريدا الأميركية، التوصل لتطعيم جديد يعالج سرطان الثدي ويساعد على انكماش الورم وذكرت صحيفة ديلي إكسبريس البريطانية، نقلاً عن العلماء، أن العلاج يساعد على تقوية الجهاز المناعي ويمكن أن يوقف انتشار سرطان الثدي في جميع أنحاء الجسم.ووجد العلماء أن العلاج الجديد ساعد على تحفيز جهاز المناعة لدى ٨٠% من النساء اللواتي شاركن في التجارب السريرية. وتقلص سرطان الثدي لدى ما يقرب من ربع المشاركات بعد ٦ أسابيع. ووجدوا أيضاً أن العلاج يكون أكثر فعالية في المراحل الأولى من المرض.
علاجات تشكّل بارقة أمل لكل إنسان، مصاب أو غير مصاب، فما من أحد محميّ من هذا المرض، لكن الجديد في الأمر، الحديث عن تجربة تتناسب مع كل أنواع السرطانات قد أثبتت إمكانية إيجاد لقاح موحّد، وقد أثبتت نجاحها على الفئران، على أن يتمّ تجربتها على الإنسان نهاية هذا العام؟
هو لقاح تمكّن من علاج نسبة عالية من الفئران المصابة بمختلف أنواع السرطان، وشفاء نسبة 97% من حالة الاورام اللمفاوية لديها، واليوم يستكمل الباحثون التجارب البشريةالتي يقولون إنها ستكتمل بحلول نهاية عام 2018.
وقد وجد باحثون في كلية الطب بجامعة ستانفورد إن ضخ كميات ضئيلة من اثنين من العوامل المحفزة للمناعة مباشرة في أورام صلبة في الفئران يمكن أن يزيل كل آثار السرطان في الحيوانات بما في ذلك النقائل البعيدة غير المعالجة. وذلك عبر تعرّف عوامل التحفيز على الخلايا السرطانية والعمل على تدميرها مهما كان مكان تواجدها في الجسم. وقد وجدت الدراسة أن هذا النهج يعمل مع العديد من الأنواع المختلفة من السرطانات ، بما في ذلك تلك التي تظهر تلقائياً.
ويعتقد الباحثون أن التطبيق المحلي للكميات الصغيرة جداً من العوامل يمكن أن يكون بمثابة علاج سريع وغير مكلف نسبياً للسرطان ، دون أن يتسبب بآثار جانبية سلبية غالباً ما تظهر مع التحفيز المناعي للجسم.
الخلايا التائية ، وتسمى أيضًا الخلايا اللمفاوية ، هي خلايا الجهاز المناعي التي لها تأثير مضاد للسرطان. ولكن في حالات كثيرة ، لا تستطيع هذه الخلايا أداء وظائفها ، إما بسبب تشابه الخلايا السرطانية مع تلك السليمة ، أو بسبب طرد المواد الكيميائية من الخلايا الخبيثة، والتي يمكن أن تمر دون أن يلاحظها أحد وبالتالي دون ان تتعرّض للهجوم.
قد لا يبدو هذا الأمر كلقاح عادي يقوم به أي إنسان لتجنّب إصابته بالسرطان، بل هو طريقة علاج عبر لقاحات تعطى على فترة معيّنة، وبالتالي، فإن الباحثين أنفسهم استخدموا مصطلح “اللقاح” ، على الرغم من أنه ليس لقاح حقيقي ، باستثناء طريقة إدارة المنشطات ، وهذا يعني عن طريق الحقن.
أظهرت الدراسة كيف أن حقن مزيج من مادتين في الفئران نجح في تعبئة الخلايا المناعية ضد الخلايا السرطانية القريبة ، بالإضافة إلى النقائل البعيدة. بالإضافة إلى ذلك ، كان العلاج فعالا في مجموعة متنوعة من الأورام ، مع 87 من أصل 90 الفئران الشفاء. لذلك، اليوم يقيّم الباحثون حقنة الإنسان ويأملون في اختبار العلاج بحلول نهاية العام .
يعتزم مؤلف الدراسة رونالد ليفي ، رائد العلاج المناعي ، جمع 35 مريضا لاختبار “اللقاح”: سيخضع المرضى أولا للعلاج الإشعاعي بجرعات منخفضة للتغلب على بعض الخلايا السرطانية وإضعاف أكثرها مقاومة. ، لإتباعها بالحقنتين.
الهدف من التجارب البشرية هو تحديد الجرعة المثلى من كلا المكوّنين، من أجل تحسين عمل المضاد للورم وتقليل الآثار الجانبية التي لا علاقة لها بالعواقب المدمرة للعلاج الكيميائي. ويشير الدكتور ليفي إلى أن هذين المادتين ، من شركتين صيدلانيتين مختلفتين، قد تم اختبارهما بالفعل على البشر ، لذا يجب اختبار التركيبة.
تجارب كثيرة ساهمت في زرع الأمر في نفوس المرضى والراحة في نفوس غير المرضى، إلا أن واقع العلاج المطروح حالياً قد يشكّل ثورة في مجال الطب تعقد الآمال عليه في ظل انتشار مدوّي لمرض لا يرحم لا عمر ولا جنس إنسان، وإن صحّت التجارب وحققت المطلوب فإن الربح في الحرب ضد السرطان باتت قريبة.