يحتفل العالم، في السّادس من تشرين الثاني/نوفمبر، من كلّ عامٍ، باليوم العالمي لمنع استغلال البيئة في الحرب والنزاعات المسلحة.

ويشير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) إلى أن ما يزيد عن 40 في المائة من النزاعات والحروب في العالم، خلال السّتين سنة الماضية، تمّ فيها استغلال الموارد الطبيعية، إمّا بسبب قيمتها، كالألماس والذّهب والمعادن النّادرة كالتيتانيوم واليورانيوم والثّروات المائية والحيوانية والأخشاب وغيرها، أو بسبب أهمية موقعها (تلوّث الممرّات المائية والأنهار بالنّفايات الحربية السّامة وإحراق الغابات وقتل الحيوانات البرية).

فعندما قرر جورج بوش الإبن (ومن قبله بوش الأب)، غزو العراق، لنهب ثرواته، تسلح بعبارة “العناية والإرادة الإلهية”، يومها لم يكن “راعي البقر” يهتم الى أن حربه تلك ستلوث مياه نهري دجلة والفرات،وستتسبب بالإضافة الى تدمير البنية التحتية، بموت وتهجير وتشريد الإنسان والحيوان.

وبفضلِ تلك “العناية والإرادة الإلهية” تسببت الحروب التي شنّها “اليانكي” وتحالفه الإستعماري، من أجل النّفط والغاز في العراق، بتلوث الهواء والتُربة والمياه، وحولّت العراقيين، جميعهم، الى ضحايا صامتة، فمثلاً: خلال صيف عام 2016، لم يتمكن سكان مناطق عديدة في سوريا والعراق من رؤية الشمس، ذلك لأن دخاناً أسود  كثيفاً خرج من آبار النّفط التي أحرقتها المجموعات الإرهابية (بهدف إعاقة العمليات الجويّة العسكرية ضدهم)، قد غطى السّماء، ما أدى الى  تدمير عناصرالحياة  الطبيعية بشكلٍ شبه كامل.

 

كما أنّه، وباسم “العناية والإرادة الإلهية”شنّوا حربهم على سوريا، حرباً لم تكن أقل ضراوةً. فجميع المجموعات الإرهابية التي درّبتها دول الإستعمار ودعمتها بالمال والرّجال والسّلاح، تستخدم ومنذ بداية الحرب 2011، أسلحة و ذخيرة محليّة الصّنع، تحتوي على مواد كيميائية سامة ( معادن ثقيلة ومواد مسرطنة).نتيجة لذلك، بدأت تظهر أمراضٌ كانت قد اختفت نهائياً من البلاد، منذ بداية الألفية، هذا عدا عن التّلوّث الخطير الذي تسبّبت بهِ النّفايات السّامة التي خلّفتها الأسلحة الثقيلة.

 

الضحايا لم تقتصر على الإنسان السوري، وإنما هناك “ضحايا صامتون” من الطبيعة الأم، كآلاف الهكتارات من الغابة السورية، تسببت الحرب بإحراقها، والمحميات الطبيعية التي دُمرَمعظمها وسرق، وألاف الأنواع من الحيوانات والنباتات النادرة التي تعرضت للسرقة والتهجير والقتل.

 

كذلك فعلت حروب “العناية والإرادة الإلهية” فِعلَها، في القارة الإفريقية، الغنية بكل شيء ( الذهب والألماس، النحاس واليورانيوم، الألمونيوم، الحديد، الفوسفات، النفط، البن والشاي، الأقطان وقُمُوح، الأخشاب والثروات الحيوانية)، فأغرقتها في الجوع، المرض والجهل، عبرَ تأجيج نار النزاعات القبلية والطائفية( دعمت ودربت فصائل شبيهة بـ”داعش” مثل حركة “الشباب” فى الصومال و”بوكو حرام” فى نيجيريا)، وبدل أن تُرسل لهم رسُل الحرية والديمقراطية، التي تحت رايتها يشنون حروبهم، أرسلت بعثات للتنقيب عن الثروات، وفرقٍ خبيرةٍ بنهب كل الموارد، وأخرى لتدمير التنوع البيئي وعناصر الطبيعة( نشطت تجارة الحيوانات النادرة، والعاج الأفريقي بعد دخول الدول الإستعمارية في تلك الدول) فازداد بذلك التخلف الفكري والثقافي، وتعمقت التبعية الإقتصادية، وبالتالي عُزلت أمم القارة عن بعضها البعض، كما عن أمم الأرض الأخرى.

ذاتها “العناية والإرادة الإلهية”، هي التي تسلحت بها الدول الإستعمارية، (الولايات المتحدة، فرنسا وبريطانيا) للتدخل في بلدان أميركا الوسطى والكاريبي وكل أميركا اللاتينية ، ومن ثم نهبها، فالمصالح الأميركية هناك، تبدأ بالنفط والمعادن(الذهب، النحاس والفضة)، ولا تنتهي بالقهوة والفواكه وغيرها من المحاصيل الزراعية العملاقة، وعلى رأسها الموز، أضف إليها السّيطرة على قناة بنما(يعبر ها 50٪ من الواردات البترولية و 40٪ من التجارة الأميركية‏‏)،والموارد المائية والثروات الحيوانية الهائلة، فالقارة الغنية تم إفقارها بالقوة، وتغييرها ديموغرافياً، وتغيير ملامحها الجغرافية وحقائقها التاريخية.

اليوم، وبفضل “العناية والإرادة الإلهية”، تريد دول الإستعمار الحديث، أن تسيطر على ثروات الشعوب، ولعب دور الشرطي العالمي، وتحويل البلدان الى أقفاص تُحبس فيها كل الأنواع الحية حتى تنقرض، بما فيها الإنسان وريث الحضارات القديمة (السريان، الآشوريين، الكلدانيين، اليزيديين، الأقباط)، اليوم، أيضاً يقتلون أطفال اليمن، ويزيديون دعمهم للإرهابين في صحراء سيناء كي يُمعن هؤلاء بوحشيتهم في قتل الأقباط، ويضغطون على فنزويلا،كوبا ،كوريا الشمالية ،الصين وايران، يحصّرون الأمم التي تواجه الغطرسة الإمبريالية، مُستخدمين “العناية والإرادة الإلهية”،الى كل ذلك  سبيلاً ،وليذهب الفقراء إلى الجحيم.‏‏

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This