يحصد الإنسان ما يزرع فعلاً، وإذ أن ما يزرعه ساكن البيت الأبيض الرئيس الأميركي دونالد ترامب من حقد هنا وانتقام هناك، وتهكّم في مجالات متعددة أهمّها اعتبار تغيّر المناخ بدعة، وبالتالي انسحابه من إتفاق باريس الذي وقّعه الرئيس الأسبق باراك أوباما.. هو الأن يحصد النتائج السلبية. وفي حين أن لغة ترامب الأساسية تتركّز على “الاموال”، فقد جاء تقرير جديد يحدّثه باللغة التي يهواها!!
فقد قال تقرير حكومي صدر يوم الجمعة إن تغير المناخ سيكلف الاقتصاد الأميركي مئات مليارات الدولارات بحلول نهاية هذا القرن مما سيضر بكل شيء من صحة الإنسان إلى البنية التحتية والإنتاج الزراعي.
وأوجز التقرير الذي كتبته أكثر من 12 وكالة وإدارة حكومية أميركية التأثيرات المتوقعة لارتفاع حرارة الأرض، في كل ركن من المجتمع الأميركي وذلك في تحذير شديد يتناقض مع برنامج إدارة الرئيس دونالد ترامب المؤيد للوقود الأحفوري.
وقال تقرير الجزء الثاني من التقييم الوطني الرابع بشأن المناخ ”مع استمرار زيادة الانبعاثات بمعدلات تاريخية، فمن المتوقع أن تصل الخسائر السنوية في بعض القطاعات الاقتصادية إلى مئات المليارات من الدولارات بحلول نهاية هذا القرن وهو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي الحالي في العديد من الولايات الأمريكية“.
وقال التقرير إن ارتفاع حرارة الأرض سيضر بالفقراء بشكل غير متناسب وسيقوض على نطاق واسع صحة الإنسان ويدمر البنية التحتية ويحد من توافر المياه ويغير الخطوط الساحلية ويزيد التكاليف في الصناعات من الزراعة إلى مصائد الاسماك وإنتاج الطاقة.
من جهته، وكعادته طبعاً، رفض البيت الأبيض التقرير وقال إنه غير دقيق، إلا أن التفاصيل تشير إلى أنه إذا تم كبح انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل كبير، فيمكن أن تتغير التوقعات الخاصة بحدوث المزيد من الأضرار بالرغم من أن الكثير من تأثيرات تغير المناخ بما في ذلك العواصف والجفاف والفيضانات الأكثر تواترا والأكثر قوة، قد بدأت بالفعل.
ويكمل هذا التقرير دراسة صدرت في العام الماضي خلصت إلى أن البشر هم المحرك الرئيسي لارتفاع حرارة الأرض وحذرت من تأثيرات كارثية محتملة على الكوكب.
وتتعارض هذه الدراسات مع السياسات في عهد ترامب الذي تراجع عن حماية البيئة والمناخ إبان فترة الرئيس السابق باراك أوباما، ليزيد إنتاج الوقود الأحفوري المحلي بما في ذلك النفط الخام وهو بالفعل عند أعلى مستوى في العالم بما يفوق السعودية وروسيا.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض لينزي والترز إن التقرير الجديد ”يستند بدرجة كبيرة إلى أكثر سيناريو تطرفا والذي يتناقض مع الاتجاهات القائمة منذ فترة طويلة بافتراض أنه… ستكون هناك تكنولوجيا محدودة وابتكارا محدودا وزيادة سريعة في تعداد السكان“.
وكان الرئيس ترامب قد أعلن في العام الماضي عن نيته سحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس لعام 2015 التي اتفق عليها ما يقرب من 200 دولة لمكافحة تغير المناخ بحجة أن الاتفاق سيضر بالاقتصاد الأمريكي ولن يقدم فائدة بيئية ملموسة. كما أثار ترامب وعدد من أعضاء حكومته الشكوك مرارا حول علم تغير المناخ دافعين بأن الأسباب والتأثيرات لم يتم التثبت منها بعد.
وقالت جماعات مدافعة عن البيئة إن التقرير عزز دعوتهم للولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ.
وشاركت 13 إدارة ووكالة حكومية من وزارة الزراعة وحتى إدارة الطيران والفضاء (ناسا) في اللجنة التي أعدت هذا التقرير الجديد.