تتابع وزارة البيئة وباهتمام إجراءات “المصلحة الوطنية لنهرالليطاني“ تجاه المؤسّسات الصناعية وغير الصناعية الملوثة للنهر،وتعتبرها خطوة أساسية تفعيلاً للالتزام البيئي وصولاً إلى “استعادةنهر الليطاني وانقاذه“، الا أن الوزارة كان لديها في هذا الخصوصتحفظات على بعض أهم وأكبر المصانع الملوثة، فقد أشارت مراراوتكرارا إلى أنّ هناك ست مؤسّسات على حوض الليطاني منخرطةفي مشروع مكافحة التلوّث البيئي LEPAP الذي تنفّذه وزارة البيئة،بالتعاون مع وزارة الصناعة و“جمعيّة الصناعيين اللبنانيين“ و“اتحادغرف التجارة والصناعة والزراعة“، وبتمويل من البنك الدولي ومصرفلبنان والحكومة الإيطالية، من خلال برنامج الامم المتحدة الإنمائيUNDP، والذي يسهّل عمليّة الالتزام البيئي من قبل المؤسّساتالصناعية، وذلك من خلال دراسات بيئية مجّانية وقروض ميسّرة لتنفيذتوصيات هذه الدراسات.
وبحسب الوزارة، فقد بلغت هذه المؤسسات مراحل متفاوتة على مستوى التنفيذ، وهي: معمل قساطلي شتورة، معمل ألبان لبنان،شاتو كسارة، معامل ماستر شيبس، ميموزا وسيكومو.
“مكافأة” الملوثين
في هذا السياق رعى قبل نحو شهرين رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري حفل توقيع اتفاقية تكافئ الملوث بمليون دولارمعفاة من أي فوائد بين شركة “ألبان لبنان“ وشركة Livestock Water Recycling (LWR) الكندية، لإنشاء محطة لمعالجةالنفايات السائلة الناتجة عن المصنع والمزرعة التابعين للشركة فيمنطقة حوش سنيد في محافظة بعلبك – الهرمل.
وبقيت أسباب التلوث قائمة ولم تحرك وزارة الصناعة ساكنا إزاء المخالفات، متذرعة بحرصها على دعم الإنتاج الوطني ومواكبته في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، وبدأنا نشهد حملات ودعوات لمقاطعة الملوثين من قبل “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” وناشطين في المجتمع المدني، ما أثار ردود فعل ترافقت مع شكاوى الصناعيين والعاملين الذين تمسكوا بالنصوص القانونية البيئية لجهة الالتزام البيئي التي تمنحهم مهلا زمنية لتسوية أوضاعهم، تمتد حتى نهاية 2020، ما يعني إمعان هذه المؤسسات في التلويث، وقد شهدنا في الأيام القليلة الماضية أخذا وردا بين المصلحة وشركة “ميموزا” للأوراق الصحية، الأولى تتهمها بالتلويث، والثانية تدلي ببيانات تؤكد فيها استيفاءها الشروط والمعايير البيئية في كل مفاصل الإنتاج في معاملها، وبشهادة وزارتي الصناعة والبيئة.
“ميموزا” تلوث الليطاني
في ما أكدت “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” أن تحقيق مقتضيات الالتزام البيئي يتم فقط من خلال الحصول على شهادة الالتزام البيئي المنصوص عنها في المرسوم 8471 تاريخ 4 تموز (يوليو) 2012، وشددت المصلحة على أن الالتزام البيئي هو موجب مستمر يتم التأكد منه من خلال تطبيق أحكام الرقابة على هذه المؤسسات والعقوبات التي عالجها المرسوم 9765 تاريخ 11 آذار (مارس) 2003، المتعلق بالرقابة والتدابير والعقوبات المتعلقة بالمؤسسات الصناعية، مع ما يستوجب ذلك من أخذ لعينات من النفايات السائلة، التي تصب في نهر الليطاني من قبل الجهات المعنية، والتأكد من مطابقتها للمواصفات.
وفي هذا السياق، وبعد الكشف من قبل فريق “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” تبين تحول نهر البردوني في قاع الريم إلى اللون الأسود، وبمتابعة الكشف، تبين أن الصرف الصناعي لمعمل “ميموزا” والذي يصب في النهر غير معالج، وبعد امتناع إدارة الشركة عن السماح لفريق المصلحة بإجراء الكشف، تم الاتصال بالشرطة القضائية ليصار إلى إجراء الكشف بحضورها، فيما أكد رئيس بلدية قاع الريم المهندس وسام التنوري أن سبب تحول المياه إلى اللون الأسود يعود إلى تسرب من أحد قساطل الصرف الصحي والمياه السطحية في قاع الريم، والتي يتم حاليا استبدامها في إطار مشروع منفذ من قبل “مجلس الإنماء والإعمار”.
حملات افتراء!
ولفت التنوري إلى أن “موظفي مصلحة الليطاني وبحضور مختلف عناصر ودوريات الأجهزة الأمنية كشفوا على المياه الخارجة من المعمل وتبين أنها سليمة ونظيفة، ثم انتقلوا إلى معامل أعلى من معمل (ميموزا) وتبين وجود هذه المياه السوداء في أحد القساطل التي لا تتصل بشبكة معامل (ميموزا)”، معتبرا أن “هذه المواد قد دُست وسط حملات افتراء”.
إقفال مؤقت
إزاء تكرار هذه المخالفات من قبل “ميموزا – صليبا – تنوري وشركائهم” أجرى الفريق الفني في المصلحة الإقليمية لوزارة الصناعة في البقاع كشفين على المصنع بتاريخ الثلاثاء 11-12-2018، فتبين من خلالهما أن الشركة المذكورة لا تعمل بالشكل الكافي والمطلوب لمعالجة مياهها الصناعية، وترمي مخلفاتها مباشرة في النهر، ونتيجة تقرير الفريق الفني اتخذ وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن قرارا حمل الرقم 7699/ت، بتاريخ الأربعاء 12-12-2018، أقف بموجبه، بصورة مؤقتة المصنع المذكور، وطلب من محافظ البقاع تطبيق مضمون القرار.
إخبار أمام النيابة العامة
كما وتقدمت “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” بإخبار أمام النيابة العامة المالية بوجه شركة “ميموزا” وممثلها رئيس بلدية قاع الريم وسام التنوري بتهمة التلويث والاعتداء على الموارد المائية، وإقدام ممثلها على استعمال نفوذه ودوره كرئيس بلدية لتسهيل عمل الشركة الملوثة، علما أن الإخبار مسجل تحت الرقم 7631 بتاريخ 12 كانون الأول (ديسمبر) 2018.