في فترة قريبة زمنيا لا تتعدى الدقائق القليلة تم العثور أمس يوم الثلاثاء 18 الجاري على سلحفاتين نافقتين في مدينة صور، الأولى عند شاطىء “النبي إسماعيل”، فيما عثر على الثانية قرب “بركة الصليب” بالقرب من الفنار في “منطقة الخراب”، ومع استمرار هذه الظاهرة، تتراجع أحيانا أو تتخطى المعقول أحيانا كثيرة مع تسجيل نفوق أعداد كبيرة من السلاحف على الشاطئ اللبناني، وكنا قدر حذرنا سابقا من تفاقم هذه الظاهرة، مع ما يترتب عليها من تبعات ونتائج تطاول النظم الإيكولوجية البحرية في لبنان.
لكن في المقابل، هناك ما يمكن أن نتوسم به خيرا، لجهة رصد ومتابعة حالات النفوق هذه والوقوف على أسبابها، مع ما أبداه الباحث الدكتور علي بدرالدين في “مركز علوم البحار” في البترون، من حماس لجهة استعداده لتشريح السلاحف البحرية النافقة، التي نقوم بإبلاغه بها في “جمعية Green Area الدولية”، وتوثيقها ودراسة الأسباب، وذلك بعد إنهائه دورة تدريبية في تونس مكنته من معرفة التقنيات لإثراء الدراسات بهدف متابعة أفضل لهذه الكائنات الموجودة في بحرنا، فضلا عن أن مديرة “محمية صور الشاطئية”الدكتورة ناهد مسيلب أكدت أن ثمة جهودا ستبذلها في هذا المجال المحمية لجهة تجهيز “مركز الإنقاذ“ Rescue Center الذي سيمكنها أيضا من معالجة ومتابعة السلاحف المصابة التي تتطلب علاجا وتأهيلا ورعاية.
اهتمام المواطنين
وفي التفاصيل، اتصلت المواطنة حوراء فران محفوظ بموقعنا greenarea.info لتعلمنا عن وجود سلحفاة نافقة عند شاطئ“النبي إسماعيل”، وطالبت من موقع حرصنا كموقع على هذه الكائنات أن نقوم بما يلزم، وقالت: “لا بد من معرفة سبب النفوق للحفاظ على هذه الكائنات المهمة على صعيد الحياة البحرية”.
وبفارق دقائق تلقينا اتصالا من المواطن ميلاد خوري أبلغنا فيه عن وجود سلحفاة ثانية نافقة قرب “بركة الصليب”، وأشار إلى “انها بدأت بالتحلل ما يعني أنها نفقت منذ أيام عدة قبل أن يلفظها البحر إلى الشاطئ”.
ما يثير الاهتمام في هذا المجال، بدا واضحا مع اهتمام المواطنين بهذه الكائنات البحرية من جهة، والاتصال بـ جمعية Green Area من جهة ثانية، وهذا ما يؤكد أن الوعي صار حاضرا أكثر ويمثل جزءا من ممارسة يومية، فضلا عن التكامل بين الناس والجهات المعنية بالبيئة عموما.
بدر الدين
وفي هذا السياق، قمنا كـ “جمعية Green Area الدولية” بالتنسيق مع الدكتور علي بدرالدين من “مركز علوم البحار” في البترون، وبمديرة محمية صور الشاطئية الدكتورة ناهد مسيلب، وكان ثمة اهتمام للمتابعة وتشريحهما لمعرفة أسباب النفوق.
فأشار بدرالدين بعد تشريح السلحفاتين إلى أنهما “من نوع “كاريتا كاريتا“ ضخمة الرأس وهما أنثيان، ولفت إلى أن “الأولى نفقت نتيجة تعرضها لصدمة في مؤخرة القوقعة، أما الثانية فلم تتعرض لصدمة”، وقال: “في الحالة الثانية نأخذ الجهاز الهضمي إلى المختبر لمعرفة ما تناولته من غذاء، ولا سيما إذا ما كان سبب النفوق عائدا لتناولها البلاستيك”.
وأضاف بدرالدين: “إن السلحفاتين، ومن خلال معاينتهما، تبين أنهما نفقتا قبل نحو خمسة أيام”.
مسيلب
وأشارت مسيلب إلى “اننا نود أن نعلمكم عن خبر، حيث بدأنا الإعداد لتشغيل مركز الإنقاذ Rescue Center، كي نتمكن في حال العثور على سلحفاة تعرضت لصدمة أو جروح من جلبها إلى المركز في المحمية ومعالجتها إلى أن تستعيد عافيتها، ومن ثم نعيد إطلاقها في البحر”، لافتة إلى أن “المركز موجود لكن تنقصه معدات”.
وأضافت مسيلب: في السنة المقبلة سنستكمل عملية التجهيز وإعادة تفعيله بشكل مدروس، وهذا ما يساعدنا كثيرا، بحيث يكون لدينا مركز متخصص على صعيد لبنان”، وأشارت إلى وجود مشروع يهتم بتوثيق السلاحف عبر “مركز الأنشطة الإقليمية للمناطق المتمتعة بحماية خاصة” RAC/SPA في محيط البحر المتوسط، وتم تكليف ثلاثة أشخاص من لبنان لجمع عينات من السلاحف النافقة والحية إذا أمكن لدراستها”.
ونوهت “بالتعاون الذي يبنى عليه وخصوصا مع تعاوننا كمحمية وجمعية Green Area في متابعة قضية الغيلم (ذكر السلحفاة) الذي تم إنقاذه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في صور”، وقالت: “بالرغم من إصابته البالغة في الرأس إلا أن تضافر الجهود شكل علامة فارقة في تكريس التعاون الذي ساهم في إنقاذه وعودته إلى عالمه الرحب”.
وأثنت مسيلب على “ما تقوم به جمعية Green Area خصوصا لجهة التعريف عن محمية صور الشاطئية ومواكبتها”.
في هذا المجال، ننتظر أن يرفع الدكتور بدرالدين تقريرا علميا إلى مركز علوم البحار ومحمية صور وGreen Area يتضمن نتائج التحاليل”.