مع ما نشهد من حالات نفوق لسلاحف البحر على امتداد الشاطئ اللبناني، ثمة مخاوف حقيقية من أن تنقرض وتتراجع أعداد هذه الكائنات ونفتقد خدماتها في النظم الإيكولوجية البحرية، مع ما يترتب على هذا الأمر من تبعات لا يمكن للإنسان أن يكون في معزل عنها، خصوصا وأنه جزء من هذه النظم يتفاعل معها وتمده بأسباب العيش، ولا سيما في ما يتعلق بقطاع صيد الأسماك خصوصا والبحر بشكل عام.
والبيئة عموما هي الفضاء الذي يعيش فيه الإنسان بسائر كائناته، والحفاظ عليها بات قضية كونية، ومن هنا، لا يمكن أن نغض الطرف عن كل ما نشاهد بين ظهرانينا من حالات نفوق لكائنات أو تغيرات قد تكون مؤشرا على اختلال في منظومة بيئية بعينها، ولو حالات قد تبدو لعين المواطن عادية، فيما ترتدي أهمية استثنائية بالنسبة للباحث والمراقب والخبير.
قاعدة بيانات
من هنا، لا يمكن أن نتغاضى عن ما نشاهد ونرصد من ظواهر يفترض أن نلاقيها باهتمام، علنا نتمكن من تدارك الأسوأ، وهذا ما دفعنا كـ “جمعية Green Area الدولية” وكموقع greenarea.info، إلى التوقف عند صورة لسلحفاة خضراء نافقة على شاطئ حمى المنصوري، نشرتها على صفحتها في “فيسبوك” الراعية لهذا الموقع البيئي الحامي لسلاحف البحر والبيئة البحرية عموما السيدة منى خليل.
ولأننا من الداعين لبلورة مفاهيم خضراء، ولأننا أيضا ندعم كل ما من شأنه أن يعزز مفاهيم الاستدامة، ومن الداعين دائما إلى بناء قاعدة بيانات Database خصوصا لجهة توثيق حالات نفوق السلاحف ودراستها، استوقفتنا “السلحفاة الخضراء” Green Turtle، خصوصا وأنها مهددة بالانقراض بحسب القائمة الحمراء Red List لـ “الاتحاد الدولي لصون الطبيعة” IUCN.
وفي التفاصيل، لفظت الأمواج السلحفاة الخضراء قبل يومين إلى شاطئ المنصوري، وهي أنثى صغيرة بدا أنها تعرضت لصدمة قوية هشمت رأسها، إلا أن ذلك لم يكن مبررا لعدم تشريحها، وقد اتصل بنا الدكتور علي بدر الدين من “مركز علوم البحار” في البترون، وهو الذي لبى دعوتنا قبل أيام لتشريح سلحفاتين نافقتين في صور من نوع “كاريتا كاريتا” Caretta Caretta، للقيام بما يلزم لناحية توثيقها كحالة وتشريحها للدراسة.
بدر الدين
ولاقت الفكرة ترحيبا من السيدة خليل، فتوجهنا إلى الشاطئ وبادرنا إلى تشريحها، في ما يمكن اعتباره عملا ضروريا يصب في سياق ما نحن بحاجة إليه لجهة بناء قاعد بيانات، لتكون المنطلق العلمي لمعرفة التحديات التي تواجه هذه الكائنات البحرية، والسبل الآيلة إلى حمايتها.
وارتأى الدكتور بدرالدين ضرورة تشريحها، ولفت إلى أن “إمكانيات لبنان في هذا المجال العلمية والمادية ما زالت متواضعة، وهكذا دراسات بحاجة للتمويل لضمان استمرارنا في متابعتها”، وشكر “جمعية Green Area الدولية على اهتمامها ومواكبتها الدائمة”.
وأكد بدرالدين أنه “لا بد أيضا من استخراج الجهاز الهضمي للسلحفاة لدراسة الحالة أكثر، وهذا ما قمنا به”، وشكر السيدة خليل على ما تبذله من جهود ولسنوات طويلة في الحفاظ على الشاطئ والكائنات في فضاء الحمى”.
خليل
وتمنت خليل “ترك السلحفاة في العراء وعدم دفنها في الرمال، لتكون جزءا من دورة الحياة الطبيعية في الحمى”، لافتة إلى أن “هناك من يتغذى عليها من الحيوانات كالثعالب وغيرها”، ورحبت خليل بأي “مبادرة تصب في حماية هذه الكائنات والحمى”.
وأكدت أن “باب العمل التطوعي مشرع أمام كل من يبدي الجدية والاهتمام والمثابرة في حماية هذه الكائنات”.
وختمت خليل: “نحن بصدد الإعلان عن خطوة مهمة سنعلن عنها في حينه، وتصب في ما يخدم أهداف الحمى”.
تقرير
تجدر الإشارة إلى أننا “جمعية Green Area الدولية ننتظر تقريرا حول هذه السلحفاة الخضراء وكذلك بالنسبة للسلحفاتين اللتين نفقتا في صور قبل أيام وتم تشريحهما من قبل الدكتور بدر الدين.