كثرت الدراسات التي أثبتت في الفترة الأخيرة أهمية الغابات في حياة الإنسان واستمراريتها، وفي حين تعددت المعلومات حول دور الاشجار في الحفاظ على تغذية الاطفال في المستقبل، إضافة إلى ضمان التوازن البيئي والتنوّع البيولوجي فضلاً عن سلامة المنظومات البيئية.
ورغم التنبيهات والتحذيرات من مخاطر فقدان الثروة الحرجية، ورغم الخسائر الفادحة التي تسجّل سنويّا إن بسبب الحرائق أو بسبب النشاط البشري والقطع والزرع الجائر، لا يزال العالم وخصوصاً الوطن العربي يسجّل خسائر متتالية عاماً بعد عام.
في هذا الإطار حذر تقرير جديد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) من تقلص المساحة الإجمالية لغابات العالم يوما بعد يوم، وحث الحكومات على اتباع نهج شامل يعود بالنفع على كل من الأشجار والناس الذين يعتمدون عليها. التقرير الذي نشرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بعنوان حالة الغابات في العالم 2018، يقول إن “وقف إزالة الغابات وإدارتها على نحو مستدام، وتعافي الغابات المتدهورة، وإضافة المزيد من الأشجار إلى الغطاء الشجري في جميع أنحاء العالم، يتطلب تنفيذ إجراءات لتجنب العواقب المدمرة المحتملة على كوكب الأرض والسكان”.
وإذ يشير البيان إلى “دعم الغابات والأشجار لسبل عيش الإنسان أكثر بكثير مما هو متعارف عليه، حيث تلعب أدوارا حاسمة في الأمن الغذائي ومياه الشرب والطاقة المتجددة والاقتصادات الريفية.” وفضلا عن ذلك تقدم الغابات والأشجار حوالي 20% من دخل الأسر الريفية في البلدان النامية، وتوفر الوقود للطهي والتدفئة لثلث سكان العالم.. لا بد من الإشارة إلى تقرير مفصّل حول هذا الموضوع ، أثبتت دراسة نشرت في مجلة science advance أن الحفاظ على الغابات ضروري ويشكّل أداة هامة لتحسين تغذية الأطفال!!!
تثبت هذه الدراسة الأولى من نوعها، أن الأطفال في 27 دولة نامية لديهم تغذية أفضل – عندما يعيشون بالقرب من الغابات. ويقول رانيفو راسولوفوسون العالم في جامعة فيرمونت الذي قاد الدراسة : “تُظهِر البيانات أن الغابات ليست مرتبطة فقط بالتحسينات في الأنظمة الغذائية للناس بل أنها تسبب هذه التحسينات.”
ربطاً بهذه الدراسة أو بالأحرى تأكيداً لها، يشير تقرير “الفاو” إلى أن الغابات تعدّ ضرورية لسبل العيش، والغابات الصحية والمنتجة أساسية للزراعة المستدامة، وأن البرهان موجود على أهمية الغابات والأشجار في تحسين جودة المياه والمساهمة في تلبية احتياجات الطاقة في المستقبل.
وبينما يوثق تقرير هذا العام مدى أهمية الغابات في دعم أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، التي تشمل معالجة تغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي والحد من عدم المساواة، يقدم أدلة ملموسة على مساهمات الغابات المتعددة، بل ويقوم بتخطيط مسارات لها لتتمكن من تقديم المزيد… ونظراً لتلك الأهمية، تم في كاتوفيشي (جنوب بولونيا) في إطار أشغال المؤتمر الرابع والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 24)،اعتماد إعلان وزاري بعنوان “الغابات من أجل المناخ”. وقد اعتمد الإعلان من قبل 60 دولة في الوقت الحالي ، ورفضت تسع دول التوقيع عليه.
رغم ذلك، يتطرق تقرير”الفاو” إلى تأثير الوعي في عملية الحفاظ على الغابات، فيشير إلى أنه لا يزال هناك الكثير من الإجراءات التي يجب القيام بها، ويقدم أمثلة عديدة تشير إلى ارتفاع نسبة الوعي وزيادة تدريجية في الممارسات المستدامة المتعلقة بالغابات والأشجار في العالم.
فعلى سبيل المثال، يتم اليوم إعادة تدوير أكثر من 56% من الورق، بعد أن كانت هذه النسبة أقل من 25% عام 1970.
ويؤكد التقرير على أن الإدارة المستدامة للغابات ضرورة حتمية لتلبية احتياجات العالم من المياه والطاقة. إذ توفر العديد من المدن الكبرى مثل فيينا وطوكيو وجوهانسبرغ وبوغوتا كميات كبيرة من مياه الشرب من الغابات المحمية. وبحسب شعبة الغابات في الولايات المتحدة الأمريكية، يعتمد 180 مليون شخص فيها على الغابات للحصول على مياه الشرب.
وعلى الرغم من فقدان العديد من الغطاء الشجري في مستجمعات المياه الرئيسية في العالم، يشير التقرير إلى زيادة عالمية على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية في مناطق الغابات التي تدار الآن للحفاظ على التربة والمياه.