لا يخلو العالم من عجائب وغرائب، لكن تلك المتوافرة في لبنان مثالية! أولى المثاليات في حكّام حريصين أشدّ الحرص على مستقبل المواطنين، الذين لا يتكلّف معظمهم، إن لم نقل جميعهم، عناء المحاسبة ومطالبتهم بالعدالة بعيداً عن الإنتماءات السياسية والدينية وغيرها.
أما الغرابة فتتجلّى في كيفية مقاربة بعض المواطنين لأي أزمة مناخية، تكون طبيعية في غالب الأحيان، كحال العواصف الكانونية، التي تزيّن فصل الشتاء وترطّب جفاف صيف امتدّ لسنوات ليست قليلة. ومثالية هذه الغرابة التركيز على وسائل التواصل الإجتماعي كي تشكّل مصدر أساسي لاستقصاء المعلومات، حفظها ونشرها دون التأكّد حتى من صحتها. وفي حال تم تصديقها، فالتضارب في الأخبار هو سيّد الموقف.
هو شهر كانون الثاني، الشهر الأقوى في فصل الشتاء، الذي يفترض أن يشهد العواصف والأمطار والبرد والثلوج والجليد، فلماذا هذا التهويل؟
ما يحصل في الأيام الاخيرة يترجم المثل القائل ” بيغرق بشبر مياه”، فكمية نقل الأخبار المغلوطة في ما بين الناس فاقت كل مستويات الذكاء!! وإن جمعنا عيّنة من تلك الأخبار، نحتار في صحّة أي منها.
فمنذ إعلان أصحاب الإختصاص المعنيين في متابعة أحوال الطقس عن اقتراب عاصفة إلى منطقة الشرق الأوسط وتحذيرهم من سرعة الرياح وانخفاض مستوى الثلوج، إضافة إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير… اجتاحت رسائل الواتساب الصوتيّة تحذيرات من مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي مع تعدد أسماء المدراء بين رسالة وأخرى، تتحدث إما عن تسونامي سوف يجتاح المنازل المحاذية للشاطىء وارتفاع موج البحر إلى 15 متراً مع تحديد فترة حصول ذلك من الساعة كذا إلى الساعة تلك، أو عن سرعة رياح ستتخطى الـ 150 كلم / الساعة ، إضافة إلى دخول لبنان عين العاصفة في الساعتين المقبلتين… وسيول في مناطق معيّنة من لبنان وسوريا أيضاً، فضلاً عن انتشار فيديوهات وصور قديمة وبعضها مركّب!!!
علي القشر، جوني أيوب، جورج خضر .. كم من مصلحة أرصاد جويّة في لبنان؟ كم من مدير لها؟ لماذا هذا التهويل وما النفع من استغباء الناس وفبركة هذه الرسائل الصوتية والمعلومات. والسؤال الاكثر طرحاً، كيف يتناقل اللبنانيون نفسهم رسائل صوتية تتحدّث عن الموضوع نفسه بوصف مغاير والصفة نفسها بأسماء متعددة؟
كيف ينشر البعض عبر صفحاته على مواقع التواصل الإجتماعي أخباراً وفيديوهات مغلوطة قد لا تعود إلى هذه السنة وبعضها الآخر لم يحصل في لبنان !!
فئة كبيرة من الناس تعتمد على هذه المعلومات، حتى ولو كانت مغلوطة، لتحديد برامج تحركها ورسم تحركاتها ذهاباً وإياباً، وبالتالي فإن هذه المعلومات أولاً تضع المواطن في حيرة، ثانياً تزرع الهلع في النفوس وثالثاً تفقد المراكز المعنيّة والمختصة صدقيتها أمام الناس. وبالتالي ما على المواطن إلا استقصاء المعلومات من مصادر موثوقة كنشرات الطقس على المحطات التلفزيونية والنشرات الدورية للمديرية العامة لقوى الامن والدفاع المدني ومصلحة الأرصاد الجوية دون غيرها !