قبل نحو أسبوعين نشرت الناشطة البيئية، المشرفة على حمى المنصوري للسلاحف البحرية منى خليل، على صفحتها في “فيسبوك” وأعلنت استغرابها لجهة ما اعتبرته “مكافأة” لها على حماية شاطئ المنصوري في قضاء صور، إذ أشارت إلى أنه عليها تسديد رسم مالي بقيمة عشرة ملايين كحق مرور سيارة من عقار إلى عقار، معتبرة أن رفع قيمة هذا الرسم الذي شمل الجميع دون تمييز بين من يستغل أملاك الدولة بالملايين وبين المزارعين ما هو إلا تصرف عشوائي وغير منصف.
لم تعترض خليل يوما على تسديد الرسوم إلى الدولة، وهي لم تنتظر أن تكرمها يوما مع ما بذلته طيلة ثمانية عشر عاما من تعب وجهود دون مقابل لحماية سلاحف البحر، لكن الأمر كان مستنكرا من قبلها ومن قبل متابعيها من مختلف المناطق اللبنانية، ما دفعهم للتعليق على موضوع سكة الحديد الذي غالبا ما يثير سخريتنا جميعا كلبنانيين، خصوصا وأن ثمة 12 ألف بناء معتد على خط السكة في لبنان ولا وجود لقطار، بالإضافة إلى أن ثلاثمئة موظف يتقاضون رواتبهم من مصلحة متوقفة، فيما كان من المفترض أن نتبين بأن هذا الرسم تتقاضاه وزارة المالية ولا علاقة لسكة الحديد بالأمر.
وزير البيئة
بعد أن انتشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، كان مفاجئا لخليل اتصال من وزير البيئة فادي جريصاتي للوقوف على تفاصيل هذا الموضوع، إلى جانب ما تتعرض له الحمى منذ سنوات مع توالي محاولات التعدي وعدم التزام الشروط البيئية من جيران الحمى.
وأكد جريصاتي أنه اطلع على ملف حمى المنصوري الموجود في وزارة البيئة واعدا بزيارة خليل وتفقد الحمى، كإجراء “أقل ما يمكن أن يقوم به تجاه امرأة حلمت بلبنان مختلف، جميل، نظيف والمحافظة على ثروته البيئية”، بحسب تغريدة له على حسابه في “تويتر”، وأردف قائلا لخليل: “ستبقى أبواب وزارة البيئة مفتوحة لكِ ولكل من يغار على بيئة لبنان، كما أتمنى أن أزوركِ قريبا”.
وتعتبر خطوة الوزير جريصاتي سابقة على مستوى وزراء البيئة، إذا ما استثنينا الوزير الأسبق ناظم الخوري الذي ساهم في وقف التعدي على الحمى.
خليل
وقالت خليل لـ greenarea.info: “إن ما تم تداوله بشأن الرسم المالي الذي نسدده سنويا كضريبة مرور على خط سكة الحديد في أرضنا الخاصة في بلدة المنصوري، لا علاقة لمصلحة سكة الحديد فيها، إنما هذا البدل نسدده لوزارة المالية، وهو لا ينطبق علينا حصرا، بل على كل من ينتفع بالمرور من على خط سكة الحديد، أي كل من لديه أرض تمر بها السكة ونحن ندفعها سنويا منذ عشرات السنين، إلا أن الرسم تضاعف بشكل غير مقبول من مليون ليرة سنويا، إلى مليونين ومؤخرا بلغ عشرة ملايين ليرة”.
وأشارت إلى أن “هذا الرسم (عشرة ملايين ليرة) قد تم تسديده مع الاعتراض عليه، كيلا تتضاعف علينا الغرامات ولا نصل لوضع تقوم فيه وزارة المالية بوضع الإشارة على العقار”، ولفتت إلى أنه “حاليا أوكلنا محام لمتابعة القضية مع الجهات المعنية، وسنقوم بزيارات عدة، ومنها لمدير مصلحة سكة الحديد، ووزير النقل والأشغال”.
وأكدت خليل أنه “طوال السنوات الماضية كنا نسدد الرسم في الوقت المحدد ولا كسور علينا خلافا لما أشيع حول هذا الأمر”، واعتبرت أن “مشكلتنا ليست مع سكة الحديد وإنما في ارتفاع قيمة الرسم بشكل عشوائي”، وقالت: “إن الضرر لا يطاولني وحدي وإنما جميع المالكين على خط السكة، وقبل هذه الفترة كانت ثمة محاولة لرفع الرسم إلى خمسة ملايين ليرة ولكننا اعترضنا مع الكثير من المالكين وأعيد الرسم إلى ما كان عليه، أي مليون ليرة”.
محاولة لتهجيرنا
أحد المالكين في العقارات المجاورة لحمى المنصوري (آثر عدم ذكر اسمه) أكد لـ greenarea.info أن “أراضينا زراعية وفي معظمها تزرع حمضيات، والكل يعلم ما تواجهه الزراعة في لبنان، ما يتطلب دعم المزارع لتكون كلفة إنتاجه مقبولة ومنافسة في الأسواق”، وأضاف: “لكننا نرى في عشوائية رفع الرسوم محاولة لتهجيرنا من أراضينا عبر تكبيدنا مبالغ دون وجه حق، بحيث أن كثيرين منا لن يتمكنوا من تسديد الرسوم ما يعني وضع الإشارة على العقارات أو اضطرارنا لبيعها”.
وأضاف: “إن كل لبنان يعلم أننا لا نعطل سكة الحديد فهي متوقفة أساسا منذ أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وعليه لدينا مطالب مشروعة لجهة إسقاط هذه الرسوم وإعفائنا منها، خصوصا وأننا التزمنا الدفع لعشرات السنين وحافظنا على خط السكة خلافا لما شهدته مناطق كثيرة، وعلى الدولة أن تكافئنا لجهة حفاظنا على هذا الملك العام والالتزام بالقوانين حتى في ظروف الحرب”.
وقال: “لتذهب الدولة لرفع التعديات عن استملاكاتها وتجبي الرسوم ممن اعتدى على الملك العام، فضلا عن مصادرة الأملاك البحرية، أي أن هناك ضرورة لاستعادة أموال الدولة المنهوبة وفي الموقع الصحيح، لا أن تصوب علينا في إجراءات نشتم منها رائحة التهجير”.