تتوالى الملفات والتقارير حول نهر الليطاني وجميعها صادم، لا بل مخيف، بالاستناد إلى الأرقام والمعطيات الميدانية، فيما نرى استمرار الخطاب الشعبوية من قبل بعض المسؤولين ممن أرادوا الليطاني منصة لإطلاق المواقف، دون إجراءات تواكب ما تقوم به “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني”، وآخرها ما ذكره وزير الصناعة وائل أبو فاعور في لقاء أقيم في زحلة، واعدا بـ “صفر تلوث صناعي في الليطاني قريبا”، وإن كان أبو فاعور واضحا في محاسبة الملوثين، إلا أنه ليس ثمة “صفر تلوث” في كل أقاصي الأرض على مستوى الأنهر والمسطحات المائية، حتى في المناطق ثمة تلوث مع تبعات ظاهرة الاحترار.

ومن هنا، لا يمكن المعالجة باندفاع غير محسوب، فالحماس مطلوب لكن في حدود الممكن، خصوصا وأن ثمة وضعا كارثيا أكبر بكثير من إمكانيات وزارة بعينها، ما يتطلب خطة طوارئ محصنة بقضاء فاعل بعيدا من وصايات سياسية.

 

الصرف الصناعي والصحي

 

يكفي أن نذكر أن المصلحة الوطنية لنهر الليطاني وبعد مسح ميداني أجرته مؤخرا على المصانع في الحوض الألعلى والتي بلغ عددها 185 مصنعا، تبين أن معدل تصريف الصرف الصناعي يبلغ 10268 مترا مكعبا يوميا، أي حوالي 4 مليون متر مكعب سنويا، علما أن “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” ستستكمل المسح على كافة المصانع المرخصة أو غير المرخصة والتي يقدر عددها بـــــ 865 مصنعا مما يجعل هذا الرقم قابلا للزيادة مع عمليات استكمال المسح.

وبالإستناد الى المعطيات والأرقام والإحصاءات المتداولة عن عدد السكان في حوض الليطاني تبين في المسح الأخير أيضا أن معدل التصريف اليومي لمياه الصرف الصحي يبلغ 128154 متر مكعب/يوم أي ما يعادل حوالي 46 مليون متر مكعب سنويا تصب بمعظمها في النهر مباشرة أو تتسرب الى المياه الجوفية، وذلك في ظل غياب أو تعطل محطات التكرير، وهي تشمل ضمنا الصرف الصحي الصادر عن النازحين في قرى الحوض الأعلى.

 

الأمطار… نعمة أم نقمة؟

 

إزاء هذا الواقع، امتلأت بحيرة القرعون بنحو 160 مليون متر مكعب من المياه في التقديرات الأخيرة، لكن ما يفترض أن يكون بشرى خير بات نذير مشكلة، فنعمة الأمطار التي من المفترض أن تجلب معها الخير جاءت لتفضح واقع التلوث، حتى أننا نتساءل كيف تحولت نعمة السماء إلى نقمة؟

وفي هذا السياق، ارتفع منسوب المياه في القرعون من 25 مليون ليتر 165 م. ل، إلا أنه هذا الأمر، لا يعتبر مؤشرا إيجابيا، ذلك أن الملوثات ما تزال موجودة، فضلا عن أن ثمة فضائح جديدة زادت وفاقمت حجم التلوث، وسببها غياب تطبيق القانون والرقابة من البلديات، إضافة إلى أن الصرف الصحي والصناعي لم يتوقف ويتجمع في بحيرة القرعون، حيث تنتشر “السيانو كبتيريا” على نحو كبير، إضافة إلى أن الصرف الصحي والصناعي ومختلف الملوثات لم تتوقف وتصل إلى بحيرة القرعون وتتجمع فيها، حيث تكاثرت  “السيانو بكتيريا”، وأشار الدكتور كمال سليم لـ greenarea.info إلى أن “ارتفاع منسوب المياه لن يخفف من حدة  (السيانو بكتيريا) ولا من انتشارها”، بل على العكس مع وجود الملوثات العضوية التي تغذيها ما يؤكد أن لا حلول مع تدفق هذه المواد”.

 

حيوانات نافقة ونفايات طبية

 

وفي هذا السياق أيضا، وفي ظل غياب البلديات وانعدام الوعي العام لدى المواطنين، عثر مراقبو “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” على براميل عائمة ومقفلة في بحيرة القرعون جرفها نهر الليطاني، وتبين لاحقا انها تحتوي على حيوانات وكلابا نافقة.

وقد وثقت “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” فضيحتين أمس، لا بد أن يكونا موضع متابعة من قبل الجهات الأمنية والقضائية والجهات المفترض أن تكون معنية، ولا سيما منها وزارات ومؤسسات الدولة، فإلى العثور على حيوانات نافقة في البحيرة، عثر عمال وموظفة المصلحة على نفايات ومخلفات طبية وبلاستيكية.

وأشار مدير عام مدير عام “المصلحة الليطاني لنهر الليطاني” الدكتور سامي علوية لـ greenarea.info إلى أن “مستشفيات البقاع لا تزال ترفد نهر الليطاني بالنفايات الطبية”، ولفت إلى أنه “رغم مضي أكثر من شهر على إحالة الإخبار المقدم من المصلحة الوطنية لنهر الليطاني الى المدعي العام البيئي اياد البردان، لم تسفر التحقيقات عن اي اجراء في هذا المجال”.

a

التعديات مستمرة

 

وفي متابعة لإحصاءات المصلحة المتعلقة بنسب التلوث في نهر الليطاني وبحيرة القرعون، لا بد من الإشارة إلى أن الاضرار المباشرة تطاول المواطنين، والمشكلة أن أحدا لا يلتزم بحد من شروط بيئية وصحية، وتستمر التعديات، وما تزال “المصلحة الوطنية لنهر الليطاني” تتقدم بإخبارات إلى النيابة العامة البيئية ولسائر أجهزة الدولة المعنية، لكن دون الوصول إلى أية، فمنذ نحو يومين، قامت “مؤسسة صلاح صالح مكلفة من المتعهد الاساسي مارويس البعيني لصالح وزارة الطاقة والمياه بتمديد شبكات مياه في بلدة القرعون، وتقوم برمي نفايات وردميات ناجمة الاشغال في بحيرة القرعون، على نحو شكل تعديا من متعهد أشغال عامة على الاملاك العامة وعلى البيئة وعلى المياه، وعلى نحو يقوض الجهود الرامية الى رفع التلوث وهدر المليارات المرصودة لصالح وزارة الطاقة لتنفيد مشاريع رفع التلوث.

والجدير ذكره، أن النائب العام الاستئنافي في البقاع منيف بركات تحرك على الفور وأوعز باستدعاء المدعى عليهما الى مخفر القرعون والزمهما بمباشرة رفع الردميات من البحيرة وحرمها فورا، ويجري حاليا رفع الردميات تحت إشراف الجهات الامنية المختصة.

c (1)

الأجهزة الرقابية البيئية

 

وإذا أردنا نُجمل التعديات الموثقة، وهي لم تتوقف أساسا، فثمة ضرورة لمقاربة قانونية وسياسية لملف الليطاني وبحيرة القرعون، انطلاقا من مكافحة الفساد، وهذه مسألة ينتظر أن يبت فيها مجلس الوزراء قريبا، لكن شرط عدم التمييع.

وهنا ثمة ضرورة أيضا لتفعيل الأجهزة الرقابية البيئية، والتي شكلت بقرارات واضحة، وتنتظر تفعيل عملها، كي لا نظل في موقع “مكانك راوح”، وعلى حساب صحة المواطنين، علما أن نهر الليطاني هو نموذج ومثال عن سائر الأنهر في لبنان!

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This