يصادف يوم 10 آذار من كل عام اليوم الوطني للمحميات الطبيعية الذي يحتفل لبنان به سنوياً بفتح أبواب تلك المحميات مجاناً أمام الراغبين بالسياحة البيئية!
لأول وهلة، وفي ظل الفوضى القائمة في معالجة ملف النفايات ورسم السياسات البيئية الجدية في لبنان، قد يفرح اللبنانيون بهذا الخبر إن بهدف الإكتشاف أو بهدف التنزّه وحتى للأذيّة عبر الإكثار من الزوّار وترك الأوساخ في أرض المحميات وتشويهها.
السياحة البيئية مفهوم غير متخمّر عند الكثير من الأشخاص وبالتالي فإن “البيئة” مفرد في قاموس اللغة العربية لا يدرك أهميته الجميع، رغم أن السنوات الأخيرة كانت كفيلة في جعله العنوان الأوسع دون أن يصبح الهم الأكبر !
في مناسبة هذا اليوم، وككل عام أعلن وزير البيئة الحالي فادي جريصاتي فتح باب المحميات مجاناً امام المواطنين، ونحن من موقعنا وككل عام نكررّ المطالبة بإقرار المرسوم الحكومي المتعلق بقانون المحميات والذي أحيل الى مجلس النواب عام 2012 لضرورته في فترة يعاني فيها لبنان من تراجع المساحات الحرجية والزحف العمراني والمقالع والكسارات والمرامل والحرائق وغيرها من التعديات التي تقضي على ثروة لبنان الأغلى والتي تتناقص بشكل غير قابل للتعويض!
يضمن مشروع القانون المتعلق بالمحميات الطبيعية آلية جديدة لتعريف جميع المحميات والحمى والمتنزهات الطبيعية وغيرها من الأراضي المحمية بموجب قوانين ومراسيم تخضع لسلطة الوصاية من قبل وزارة البيئة، ويتضمن القانون مواد تحدد حق المحميات وحق الشخصية المعنوية بالتملك والتصرف. كما تم اعداد مشروع مرسوم تطبيقي لهذا القانون الذي حدد الإطار القانوني لفئات المناطق المحمية المختلفة بما فيها الأهداف، والتصنيف والإدارة وآليات التمويل، ما يتيح للهيئات التي ستدير المنتزهات الطبيعية المستقبلية التقدم للحصول على قروض والعمل مع القطاع الخاص.
طرح مرسوم القانون عام 2012 ولا يزال حتى اليوم يقبع في أدراج المجلس، فما نفع فتح باب المحميات مجاناً في حين أن قدسيتها غير مصانة وقضاياها الأساسية باتت تفاصيل صغيرة مملّة؟
على عهد الوزير طارق الخطيب، وافقت لجان المحميات الطبيعية في لبنان على طرح وزير البيئة طارق الخطيب القائم على اقتراح النائب نعمة الله ابي نصر ولجنة محمية شننعير الطبيعية بإطلاق اتحاد المحميات الطبيعية في لبنان بهدف تفعيل الشبكة الوطنية للمحميات الطبيعية وتقوية روابط التعاون بين كافة لجان المحميات في لبنان وتنسيق جهودها وتعزيز تبادل الخبرات الوطنية فيما بينها، وتفعيل قدراتها التقنية والإدارية، وتقوية موقع المحميات الطبيعية في لبنان تجاه مختلف المنظمات الوطنية والاقليمية والدولية التي تعنى بشؤون البيئة والتنمية المستدامة.وإتفق على تشكيل لجنة صياغة للنظام الاساسي والداخلي للاتحاد بمشاركة ممثلين عن عدد من لجان المحميات.
وأكد الخطيب في كلمته ” أن هذا الاتحاد يهدف لتطوير منظور متكامل لشبكة وطنية للمحميات الطبيعية في لبنان، يرتكز على التراث اللبناني التقليدي المميز وسماته البيئية والاجتماعية والاقتصادية، من أجل تحقيق التنمية المستدامة. كما انه يهدف الى دعم المحميات الطبيعية في لبنان وتقوية الروابط بينها وتعزيز موقعها وموقفها، والى التشجيع الى انشاء وادارة واستدامة المحميات في لبنان “.
وقال ” سيتم من خلال هذا الاتحاد العمل لتوفير الفرص والمخصصات والمحفزات الآتية على سبيل المثال لا الحصر :
تأسيس شبكة وطنية للمحميات الطبيعية لرفع مستوى العمل الوطني والجهود المبذولة في مجال المحميات الطبيعية إلى مستوى العمل الإقليمي والدولي.
تخصيص مبلغ من موازنة وزارة البيئة لصالح الاتحاد على غرار اتحاد البلديات.
تعزيز فرص الاستفادة من المشاريع الدولية المخصصة لشبكات المحميات الطبيعية، والتقدم الى الجهات المانحة بمشاريع مشتركة، وتنفيذ مشاريع اقليمية مشتركة على كافة الأصعدة: الابحاث، التوعية البيئية، والسياحة البيئية وغيرها
دعم اللجان الأعضاء في الاتحاد لإجراء تقييم للمحميات الطبيعية، متضمنا تحليل الاحتياجات واستشراف المستقبل
العمل من اجل اقتطاع جزء من رسوم البناء في المنطقة الانتقالية المحيطة بالمحميات وتخصيصها لصالح المحميات
اعفاء المساهمات المالية المقدمة من الافراد والقطاع الخاص الى لجان المحميات من ضريبة الدخل
تخصيص موظفين للاتحاد يخضعون للضمان الاجتماعي.
انشاء شرطة بيئية تابعة للاتحاد الذي يقوم بدوره بتوزيع عناصرها على جميع المحميات من اجل تفعيل ضبط المخالفات حول المحميات الطبيعية .
تبادل المعرفة والخبرات بين اللجان الأعضاء في الاتحاد من خلال تبادل الزيارات والاجتماعات وورش العمل، والاستفادة من تجارب كل محمية من اجل تفعيل عمل جميع المحميات طبيعية
تعزيز الجهود بين اللجان من اجل تقوية آلية منع اية تعديات على المحميات
العمل على تنسيق مواقف اللجان الأعضاء في الاتحاد داخل المحافل الوطنية والدولية حول القضايا المتعلقة بالمحميات الطبيعية
تسهيل الانضمام الى اتحادات المحميات الطبيعية المنشأة على الصعيد الاقليمي والدولي والتوقيع على مذكرات تفاهم مع الاتحادات أو المؤسسات أو المنظمات الإقليمية أو الدولية
التنسيق والتكامل بين لجان المحميات الاعضاء في الاتحاد في مجال إدارة المحميات الطبيعية وتطويرها
تقوية موقع وموقف كل محمية عضو في الاتحاد
ترويج السياحة البيئية داخل المحميات من خلال خلق رزم للسياحة البيئية مشتركة وخاصة بشبكة المحميات الطبيعية الوطنية مما يساهم بجذب عدد اكبر من الزوار الذين يساهمون بدورهم برفع المدخول العائد للمحميات وللمجتمع المحلي الذي يعيش بمحيطها، كما انه يعطيها اهمية على النطاق الدولي ويضعها على الخريطة الدولية “.
… إلى الآن يبقى السؤال موجّه إلى وزارة البيئة: ما الذي حقّق من هذه الوعود ؟ وألا تتطلّب هذه المحميات أكثر من فتح أبوابها للزائرين مجاناً؟