ينعقد المؤتمر الرابع عشر للدول الأطراف في اتفاقية بازل بشأن النفايات الخطرة في أواخر نيسان (إبريل) وبداية أيار (مايو) 2019 في جنيف، المدينة السويسرية.
من أهم القضايا، التي سيقرها المؤتمر دخول قرار الحظر رقم 3/1 حيز النفاذ. هذا القرار ينص على حظر تصدير النفايات الخطرة من الدول الصناعية المتقدمة إلى الدول النامية. إن نفاذ هذا القرار ودخوله حيز التطبيق يشكل نقلة نوعية وتاريخية بشأن حركة النفايات الخطرة عبر حدود الدول. لكن حسن تطبيقه يتطلب جهودا كبيرة، تتظافر دول العالم كلها للحد من نشاط مافيات تهريب النفايات الخطرة بطرق غير مشروعة عبر تزوير وثائق النقل، ووضع تعريف كاذب في بيانات نقل هذه النفايات من البلدان المتطورة إلى البلدان النامية، ويتطلب تطوير أنظمة مراقبة عالية الدقة عند أجهزة الجمارك والأجهزة الرقابية الأخرى لكشف أشكال التزوير، التي تتبعها مافيات الإتجار غير المشروع بالنفايات الخطرة، وفي بعض الأحيان يتم ذلك بتسهيلات من بعض الموظفين في سلطات بلدان الإستقبال نفسها.
سيبحث المؤتمر أيضا قضايا هامة أخرى، مثل تلك المتعلقة بوضع دلائل توجيهية بشأن الإدارة البيئية السليمة للنفايات الخطرة. وفي هذا المجال تبرز مخاطر الموافقة على اقتراح الإتحاد الأوروبي، الذي تقدم به في اجتماع مجموعة العمل مفتوحة العضوية في اجتماعها الحادي عشر، الذي عقد في جنيف شهر أيلول (سبتمبر) من العام 2018، الذي يقول برفع حد حد محتوى الملوثات العضوية الثابتة في النفايات كي تصنف نفايات خطرة، وهذه واحدة من المسائل المشتركة بين اتفاقيتي بازل وستوكهولم.
يظهر هذا الإقتراح في الورقة رقم UNEP/CHW.14/7/Add.2 من وثائق عمل المؤتمر في النقطة 4 (ب) من جدول الأعمال، بشأن الدلائل التوجيهية التقنية Technical Guidelines، وذلك في الملحق الإضافي 2 Addendum، المتعلق بالدلائل التوجيهية التقنية بشأن الإدارة السليمة بيئيا للنفايات، التي تتكون من، أو تحتوي على، أو ملوثة بالبارافينات المكلورة قصيرة السلسلة،
Technical guidelines on the environmentally sound” management of wastes consisting of, containing or “contaminated with short-chain chlorinated paraffins
وذلك في الفقرة الثالثة، النقطتين (أ) و(ب)، التي تحمل عنوان “المحتوى المنخفض للملوثات العضوية الثابتة”، في الموضوعات رقم 50 و51 و 53، التي تتضمن رفع الحد إلى واحد من خيارين، الأول 100 ملغ/كلغ، والثاني وهو الأخطر 10000 ملغ/كلغ (اقتراح الإتحاد الأوروبي خلال إجتماع أيلول الماضي). أما في النقطة (ج) التي تحمل عنوان، الحماية من النفايات وتخفيفها، في الموضوعة رقم 63 يجري الحديث عن حد 10000 ملغ/كلغ فقط.
من أهم القضايا، التي سيبحثها المؤتمر أيضا، في النقطة 5 (د) من جدول الأعمال، النقطة المتعلقة بالتآزر من أجل الحماية ومكافحة الإنتقال والإتجار غير المشروع للكيمياويات الخطرة والنفايات.
يكتسب المؤتمر القادم أهمية إستثنائية لما تعقد عليه من آمال في وضع حد لما يشهده العالم منذ بداية العام الفائت 2018، عندما توقفت الصين عن استيرادها لما يزيد عن 56 بالمئة من نفايات البلدان الصناعية المتطورة، بما فيها النفايات البلاستيكية والنفايات الإلكتروونية، واتخذت قرارات حازمة بمنع استيرادها، حيث انتقلت وجهة هذه النفايات بملايين الأطنان إلى ماليزيا بشكل رئيسي، وبعض بلدان شرق آسيا مثل فييتنام وأندونيسيا وتايلاند ولاووس وكذلك الهند.
منذ ذلك التاريخ، تحولت هذه البلدان، ولا سيما ماليزيا، إلى وجهة لاستقبال آلاف المستوعبات أسبوعيا من النفايات الإلكترونية، حيث تصل موانيء ماليزيا وتفرغ حمولتها من النفايات الإلكترونية، بوثائق مزورة تشير إلى أن الحمولة هي من خردة المعادن لإعادة التدوير، في حين أنها محملة بنفايات إلكترونية تشتمل على أجهزة كومبيوتر وتلفزيونات وطابعات وأجهزة سكانر وستيريو وماكينات نسخ وأجهزة فاكس، وكلها مصنفة نفايات إلكترونية تحتوي على معادن ثقيلة عالية السمية.
تشكل النفايات الإلكترونية كميات كبيرة جدا من نفايات الدول المتطورة، تأخذ طريقها إلى البلدان النامية تحت عناوين مختلفة، لإعادة بيعها وإستعمالها على الرغم من انتهاء عمرها التقني أو الفعلي، ولإعادة تدوير مكوناتها المعدنية عالية الثمن، وكذلك للتخلص النهائي منها.
يلجأ المتاجرون بهذه النفايات إلى تزوير وثائق النقل والتجارة، حيث يتم التلاعب بتسمية البضاعة ورقمها الرمزي المنسق، بغاية تضليل أجهزة الجمارك في الدول المستقبلة، ولا سيما عند اعتماد المراقبة الإلكترونية أو الرقمية الممكننة لبيانات البضائع المستوردة. وغالبا ما يتم اللجوء إلى تسميتها بخردة المعادن القابلة للتدوير، في حين إنها نفايات إلكترونية لها تصنيف خاص وفق اتفاقية بازل للنفايات الخطرة.
إن هذه النفايات الإلكترونية تحتوي على كميات كبيرة من معادن ثقيلة عالية السمية، مثل الرصاص، الذي يشكل خطورة كبيرة على صحة الأطفال والكبار، ويؤدي التعرض له إلى اضطراب عصبي وعقلي يؤثر على الإنتباه والسلوك، ويؤدي أيضا إلى الإرتجاف، ورفع ضغط الدم، واضطرابات نفسية – عصبية وأمراض القلب. والكادميوم، الذي يتراكم في الكبد والكليتين ويؤدي إلى أمراض مزمنة واضطرابات عصبية أيضا، والزئبق، الذي يؤدي إلى تخريب في الدماغ والجهاز التنفسي والجلد. والكروم سداسي التكافؤ، الذي يؤدي إلى أمراض الربو والجهاز التنفسي وتخريب في الحمض النووي للخلايا مما يسبب الإصابة بالسرطان غيرها من الأمراض المزمنة المستعصية.
إن تدوير النفايات الإلكترونية صناعة تتطلب إجراءات حماية صحية وبيئية دقيقة وشاملة، وهذا ما لا يتوافر في معظم مشاغل التدوير في البلدان النامية لهذا النوع الخطير من النفايات.
ندعو الحكومة اللبنانية، ولا سيما وزارة البيئة، جهة الإتصال الوطنية، والسلطة المختصة بتطبيق إتفاقية بازل، أن تتخذ كل الإجراءات المؤدية إلى حماية لبنان من أن يتحول إلى وجهة للإتجار غير المشروع، ووجهة لاستقبال النفايات الخطرة، باستعمال بيانات مزورة أو تضليلية عبر تغيير الإسم والرمز المنسق الحقيقي للبضائع.