تبدل المشهد أو يكاد، لكن بالتأكيد نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة نعلق فيها آمالا كبيرة على تنظيم ملف الصيد البري بأبعد مما شهدناه في السنوات الماضية، خصوصا وأن ثمة توجها لوزير البيئة فادي جريصاتي بدا متسما بجدية تلمسناها في جولاته الميدانية على سائر المناطق اللبنانية في موضوع الصيد البري، فضلا عن أن وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن واكبت الأمر من خلال توجيه كتاب إلى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، طلبت فيه اتخاذ إجراءات عاجلة لتسهيل عملية تطبيق قانون الصيد البري في لبنان.

لا يعني ذلك أن ثمة ترجمة عملانية سريعة تطبيقا للقانون بسائر بنوده، لكن بدأنا نشهد تراجعا في مجال المجازر التي كانت تستهدف الطيور المهاجرة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هناك جهودا موازية من قبل مؤسسات المجتمع الأهلي وبعض الجمعيات المعنية بالصيد المستدام، وهذا مؤشر إيجابي على طريق التكامل بين سائر الجهات المعنية، الرسمية والأهلية.

 

مجازر جديدة

 

ما أثار قلق البيئيين في لبنان وأوروبا الشرقية، ارتكاب مجازر طاولت طيور اللقلق في شمال لبنان قبل أسابيع عدة، وقد أكد وزير البيئة يوم أمس الأول، خلال جولته في منطقة عكار والشمال أن هذا الامر “يجب أن نتوصل فيه إلى ضوابط تحد من التعديات وتحمي الطيور المهاجرة، وان يكون لبنان حمى طبيعيا لهذه الطيور”.

وبالتوازي، أعرب ناشطون من أوروبا الشرقية عن قلقهم (عبر وسائل التواصل الاجتماعي) إزاء الصور ومقاطع الفيديو الحديثة للعديد من اللقالق البيضاء التي تم صيدها من أجل المتعة في لبنان في الأيام القليلة الماضية، في مناطق مرياتا، هيلان، البقاع الغربي، تل الأخضر، وعكار، لذا، نطالب من السلطات اللبنانية العمل بشكل فوري لحماية كافة الطيور المهاجرة التي تمر فوق لبنان في الأيام والأسابيع القادمة.

 

رسالة إلى الرئيس عون

 

في هذا السياق، أرسلت مجموعة SOS Tesla – Save White Storks وهي مجموعة تضم ناشطين من عدد كبير من بلدان العالم، يتابعون هذه الطيور الأيقونة في أوروبا على طريق هجرتها من إستونيا والنرويج حتى جمهورية جنوب إفريقيا ومن ضمنها لبنان، رسالة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعنوان “اللقالق البيضاء – الطيور الأيقونة تقتل في لبنان “White Storks – Icon Birds Killed in Lebanon، وهذه الرسالة هي الثانية التي ترسلها المجموعة بعد رسالة بعثت بها العام الماضي، تدعو فيها الرئيس والمعنيين في الدول اللبنانية، لحماية هذه الطيور أثناء مرورها فوق لبنان، خصوصا وأنها تتعرض خلال هجرتها عائدة نحو أوروبا من أفريقيا لمجازر عدة تطاولها وفي مناطق عدة من لبنان.

وجاء في الرسالة الجديدة: “الوضع عاجل، فمجموعة مكونة من عدة آلاف من اللقالق البيضاء موجودة في هذه اللحظة بالذات بالقرب من لبنان، وتستعد للطيران فوق بلادكم، وبعد أن رأينا بالفعل مصير بعض الطيور الذين سبقتها – هذا العام وفي السنوات السابقة – نشعر بقلق عميق على سلامتها خلال الأيام المقبل”.

وتوجهت إلى الرئيس عون: “ندعوكم وندعو حكومة لبنان، إلى إرسال أجهزة الأمن على وجه السرعة إلى (مناطق القتل) المذكورة أعلاه، وإلى البقاع، الضنية والشوف، لوضع حد للمذابح غير القانونية التي يشهدها العالم مرة أخرى في بلادكم، مع فائق الاحترام، فمن الضروري التصرف فوراً لمنع وقوع المزيد من المجازر، وإن لم تفعلوا ذلك، فنحن نخشى أن يشهد العالم مرة أخرى مجازر غير متوقعة للطيور في الأيام القليلة المقبلة”.

وحثت الرسالة على “بذل كل ما في وسعكم لضمان تطبيق القانون بشكل صارم وثابت، حتى يتم التحقيق الكامل في كافة الحالات التي يتم إبلاغ السلطات بها، وتقديم جميع الصيادين المتهمين إلى العدالة، إلى جانب شركائهم والمحرضين وما استخدموه في قتل الأنواع المحمية، وأن يتم تنفيذ كافة التدابير المناسبة المتاحة وإنفاذها لضمان منع إطلاق النار على الأنواع المحمية وقتلها،كما يجب حماية الطيور المحمية في بلدانها الأصلية في أوروبا، وذلك وفقا للقانون 2004/580، أثناء طيرانها فوق لبنان، ومع ذلك، من الواضح – على الرغم من التعبير عن المخاوف في كافة أنحاء العالم في السنوات السابقة – لا يزال هذا القانون غير نافذ.

 

جمعيات الصيد المستدام: المطلوب أكثر

 

وفي اتصال مع عدد من ممثلي جمعيات المعنية بالصيد المستدام، أكدوا لـ greenarea.info أن “الأوضاع اليوم، وبالرغم مما شهدنا من تعديات يظل أفضل بكثير من العام الماضي، ولكن ذلك لا يبرر أن تستمر استباحة وقتل الطيور العابرة”، ونوهوا إلى أن “المطلوب أكثر، فاليوم لا بد من تنظيم حملات إعلامية وإعلانية للتعريف على أهمية الطيور المهاجرة وما تسديه من خدمات للمزارع اللبناني، لا سيما وأنها تقتات في مسار هجرتها فوق لبنان على القوارض التي تهدد المواسم الزراعية”.

تجدر الإشارة إلى موقعنا greenarea.info كان قد واكب حالات كثيرة من تجاوزات في الأعوام الماضية وساهم مع جمعيات بيئية ومبادرات فردية في علاج العديد من الطيور المصابة وإعادة إطلاقها، وهذه الظاهرة تراجعت هذه السنة، ما يعني أن صدى التحركات البيئية متوازية مع ما قد تتخذه وزارتي الداخلية والبيئة من تدابير يمكن تؤتي ثمارها في حدود مشجعة، ولا بد في الوقت عينه من ملاقاة هواجس المنظمات البيئية المعنية بالطيور في بعض دول أوروبا لتغيير الصورة النمطية عن لبنان باعتباره موقع خطر على الطيور المهاجرة ولا سيما منها اللقالق والجوارح.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This