لم يعد نفوق الكائنات البحرية في لبنان مجرد حوادث عابرة تمر مرور الكرام، وهذا ما يؤكد أننا نسير نحو تكريس البحث العلمي سبيلا لفهم أكبر وأعمق لبيئتنا البحرية ولنظمها الإيكولوجية، وليس أمرا عاديا أن يصار إلى تشريح دولفين نافق، ومثل هذا الأمر لم نعهده من قبل، كما أنه ليس ترفا علميا أيضا، وإنما حاجة تمليها ضرورة البحث والتوثيق، وهي محط اهتمام عالمي توليه مراكز الأبحاث كل اهتمام وترصد لأجله موازنات لمشاريع تحث العلماء على ضرورة دراسة حالات رصد ونفوق الكائنات البحرية والوقوف على أسبابها.

ونظرا لأهمية المتابعة العلمية والعملية، واكب greenarea.info تشريح دولفين عدلون بعد أن واكب العثور عليه وإبلاغه بهذه الحالة من قبل “المركز اللبناني للغوص”.

 

وصول الفريق

 

وسط أجواء ماطرة وفي سياق متابعة موضوع الدولفين النافق على الساحل الجنوبي، توجهنا قبل يومين إلى شاطئ عدلون – قضاء صيدا لمواكبة باحثين من “مركز علم البحار – البترون” وكان في انتظارنا محمد الجندي الذي عثر على الدولفين على مقربة من منزله الشاطئي ورئيس “نادي الغوص اللبناني” يوسف الجندي الذي كان قد أبلغ “مركز علوم البحار” بحالة النفوق، وفي هذا الأثناء وصل فريق من الباحثين في المركز المذكور، ضم، كلا من: الدكتور غابي خلف، الدكتورة سيرين محفوظ والباحث أنطوني أوبا، فضلا عن عناصر من الصليب الأحمر اللبناني، وعناصر من القوى الأمنية التابعة لخفر الشواطئ في المنطقة.

وأحضر الفريق المعدات اللازمة للمباشرة بعملية التشريح وأخذ العينات، بداية، باشر خلف وأوبا سحب الدولفين نحو الشاطئ، حيث اختير مكان التشريح الأفضل نظرا لصعوبة نقله إلى المركز في البترون.

 

نوعه

 

وقال خلف لـ greenarea.info: “ينتمي هذا الدولفين إلى العائلة الدولفينية ورتبة الثدييات المائية، واسمه العلمي Tursiops tracatus ويعرف باللغة الإنكليزيةBottlenose Dolphin  وبالعربية دولفين كبير، ويعيش ضمن مجموعات كبيرة عادة، وهو من الأنواع المعروفة التي تعيش في بحر لبنان، إلا أن هذه العائلات أو المجموعات تنقسم في بحرنا إلى مجموعات صغيرة، نظرا لقلة الغذاء، بحيث لم ترصد في بحرنا مجموعات تضم أكثر من سبعة دلافين”.

 

أخذ المقاسات

 

ومن ثم بدأت عملية أخذ المقاسات من قبل الدكتورة محفوظ، الطول والعرض بما فيها طول الزعانف والذيل وغيرها، وحددت محفوظ جنس الدولفين، فأشارت لـ greenarea.info إلى أنه “أنثى بالغة إذ تبدو كبيرة في العمر”، لافتة إلى أنه لم يمض أكثر من أيام قليلة على نفوقها”.

بعد الانتهاء من أخذ المقاسات، بدأ أوبا عملية التشريح بأخذ عينتين من “العضل”، ثم قام بشق الدولفين من منطقة البطن، وفي هذه الأثناء انبعثت رائحة نتنتة، وواصل الفريق عمله، فاستخرت بداية الأمعاء، ومن ثم الكبد، القلب، وصولا إلى الرئتين اللتين كانتا بحالة طبيعية وغير منتفخة، مما يبعد فرضية اختناق الدولفين بشباك الصيد.

 

دولفين “عجوز”

 

تابع الفريق بإشراف الدكتور خلف استخراج باقي الأحشاء وصولا إلى المعدة التي بدت خاوية لا أثر فيها لبقايا طعام أو غيره، وقام الفريق بربط المعدة ووضعها كاملة في وعاء خاص إلى جانب باقي العينات، ومن ثم أخذت عينات من الأسنان، وأشار خلف إلى أن “ذلك لتحديد العمر”، موضحا بأن “هذا النوع من الدلافين قد يعيش لنحو خمسة وعشرين عاما”.

وتابع الفريق عملية التشريح وصولا إلى الرحم الذي بدا صغيرا وضامرا ومرد ذلك إلى أن الدولفين “عجوز”، ما يرجح فرضية النفوق الطبيعي بسبب التقدم في العمر.

 

أسباب النفوق

 

خلال عملية التشريح، قال خلف: “بأن أسباب نفوق الدلافين عديدة، منها العجز، ويعتبر طبيعيا كما في الحالة التي أمامنا نظرا لما رأيناه من حيث الحجم والطول، وبشكل عرضي حين يقع في شباك الصيادين فيقضي اختناقا، أو بالاعتداء عليه، وقد تنفق الأحياء البحرية نتيجة الاختناق بالبلاستيك، ونحن الآن بصدد أخذ العينات إلى المختبر في مركزنا في البترون للتأكد من وجود مواد سامة من عدمها.

 

ضرورة البحث العلمي

 

وأنهى الفريق عمله، ووضبت العينات وأعيد “الدولفين” إلى المياه ليتحلل طبيعيا في بيئته الأولى، وغادر الفريق واعدا بتزويدنا بنتائج التحاليل في سياق توثيق ودراسة هذه الحالة، شاكرا الجميع على التعاون وحسن التنسيق، لافتا إلى أن “يتخذ المواطنون خطوات مماثلة في حال العثور على كائنات بحرية نافقة لضرورة البحث العلمي أولا”.

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This