قام مفتشون من قسم الضمانات في “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وللمرة الأولى في لبنان، بمهمة تفتيش على مدى يومين في الأسبوع الماضي، وفقا للمادة 70 من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تمنح الوكالة الحق بايفاد مفتشين دوليين بغية التحقق من دقة المعلومات الواردة في التقارير التقنية الرسمية اللبنانية حول كميات المواد النووية المستخدمة سلميا وأمكنة تواجدها وآلية دخولها الى لبنان والتي ترسل دوريا الى الوكالة الدولية. وهي مهمة التفتيش الأولى منذ ابرام لبنان معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في العام 1973، وتوقيعه مع الوكالة الدولية على بروتوكول ضمانات الكميات الصغيرة العائد للمعاهدة المذكورة.
وهدفت زيارة المفتشين الى تحديد حاجات الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية (الجهة الحكومية الموكلة رسميا باعداد التقارير التقنية ورفعها الى الوكالة الدولية) بغية تعزيز قدراتها في منظومة تعداد المواد النووية ومصدرها، وكيفية الابلاغ عنها ومراقبتها.
شملت مهمة المفتشين محاور عدة ومنها: زيارة بعض المنشآت الطبية والصناعية والبحثية التي تستخدم المواد النووية في تطبيقاتها السلمية المتعددة، والكشف عن المواد المشعة اليتيمة الموجودة في المخزن المؤقت للنفايات المشعة، والاطلاع على آليات ضبط المواد النووية والاشعاعية في المرافق الحدودية اللبنانية.
نصولي
وفي كلمة لرئيس الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية الدكتور بلال نصولي، قال: “إن لبنان من الدول غير النووية اذ لا يمتلك منشأة نووية تنتج أو تعالج مواد نووية (مواد انشطارية كنظير اليورانيوم – 235، والبلوتونيوم 238-239، والثوريوم -236)، ولا يستخدم مواد نووية بكميات كبيرة غير أن لبنان يستخدم مواد نووية بكميات صغيرة وبطريقة سلمية في بعض القطاعات ومنها الصناعة، الاستشفاء، الزراعة، والبحث العلمي”.
أضاف: “إن الزيارة شملت مختبرات الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية وأقسامها، والجامعة الأميركية في بيروت التي تستخدم بعض المواد النووية في القطاع الاستشفائي والبحوث العلمية، ومركز الصيانة التابع لطيران الشرق الأوسط في مطار رفيق الحريري الدولي الذي يستخدم مواد مشعة للتصوير في مجال صيانة مولدات الطائرات، والمخزن المؤقت للنفايات المشعة في لبنان”.
إشارة الى أن هذه المهمة تعد مثيلة للمهمات التي يقوم بها المفتشون الدوليون في مختلف الدول في العالم ومنها سوريا، ايران، العراق وكوريا الشمالية وغيرها. في العام 1961، أصبح لبنان عضوا في “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”. ومنذ 20 عاما، تتعاون الهيئة مع مختلف وحدات الوكالة الدولية ومنها التعاون التقني، الأمن والأمان النووين، التطبيقات النووية بهدف ضمان الاستخدام الآمن والمأمون للمواد المشعة المستخدمة على الأراضي اللبنانية، وانشاء مختبرات علمية لدى الهيئة اللبنانية تستخدم التقنيات النووية المختلفة في البحوث العلمية التطبيقية التي تلبي حاجات المجتمع التنموية في مجالات العلوم الجنائية، والأثرية، والبيئية وعلوم المواد وغيرها.
وفي العام 2008، وافق مجلس الوزراء على التعديلات الواردة في بروتوكول الكميات الصغيرة العائد لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وكلف الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية اجراء مسح شامل للمواد النووية والمشعة على كافة الأراضي اللبنانية واعداد التقارير العلمية والتقنية للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكما أوعز الى المديرية العامة للجمارك بمنع دخول المواد المستوردة التي تحتوي مادة نووية ما لم ترفق بترخيص دخول خاص من قبل الهيئة. ومنذ العام 2008، يقوم مفتشو وتقنيو الهيئة بمتابعة كمية المواد النووية المستوردة ونشاطها وآلية استخدامها في لبنان وباعداد التقارير الدورية في هذا الاطار ورفعها الى الوكالة الدولية.
أما في تشرين الثاني 2018، قام رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بانشاء هيئة وطنية، لدى رئاسة مجلس الوزراء ويترأسها الدكتور بلال نصولي، لتنفيذ التزامات لبنان تجاه الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية (CBRN) وادارة ومواجهة مخاطر أسلحة الدمار الشامل. وتضم ممثلين عن الأجهزة العسكرية والأمنية والوزارات والادارات المعنية. ترتكز بعض مهام الهيئة الوطنية على اجراء تقييم للمخاطر والتهديدات المنضوية على استخدام مواد CBRN وعلى اقتراح الخطط اللازمة للاستعداد والحماية والكشف والاستجابة وتحديد الحاجات واقتراح الأولويات، وعلى اعداد التقارير الملزمة ضمن اطار الاتفاقيات الدولية وارسالها الى المنظمات الدولية المتخصصة. وتم ابلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤخرا، بمهام الهيئة الوطنية في التنسيق معها فيما يخص جميع شؤون الأمن النووي والضمانات العائدة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.