تحنيط الحيوانات والكائنات البحرية والبرية يعني وبكل بساطة “تحنيط” البحث العلمي، وأيضا “تحنيط” الأفكار لصالح معتقدات رسخت همجية الإنسان، يوم استباح الحياة الطبيعية لصالح “ديكور” المنزل أو المكتب، ومثل هذه المفاهيم بدأت تنقرض مع تنامي الوعي إذ بدأ الناس في التخلي عن شراء طائر محنط أو أي كائن بري آخر، وفي الأساس تبقى الممارسات “التحنيطية” مفتقرة إلى منظومة القيم الإنسانية، فالحيوانات ليست مادة للعرض، ولا هي “تحفة فنية” تستحضر الجمال، لأن الجمال الأكثر دفئا يتمثل في مشاهدة معالم الطبيعة في بيئة ضاجة بالحياة.

وإذا كان العالم بدأ يحارب مثل هذه الممارسات، لجهة منع الاتجار بالكائنات البرية، فذلك ينم عن تطور معرفي بدأ يتصاعد، خصوصا إذا علمنا أيضا أن ثمة جهودا لمنع استخدام الحيوانات والكائنات البرية والبحرية في عروض السيرك، كل ذلك يفضي إلى أن احترام الحياة البرية ما عاد شعارا فحسب، وإنما هو استجابة لتطور المفاهيم العامة القائمة على احترام التنوع الحيوي لما له من أهمية قصوى في الحفاظ على بيئة سليمة.

الوطاويط البحرية

ما دفعنا للإطلال على هذه الإشكالية ما أوردته “الوكالة الوطنية للإعلام” قبل يومين من أن مجموعة من الوطاويط البحرية العملاقة والنادرة “التي تعيش في أعماق المحيطات”، علقت في شباك صيادي الاسماك في مدينة صور”، وتضمن الخبر تأكيد رئيس متحف الحياة البحرية والبرية الدكتور جمال يونس الذي عمل على تحنيطهم من اجل حفظهم ليكونوا في متناول زوار متحف الحياة البحرية والبرية أن نظافة مياه بحر صور والحفاظ على محميته الطبيعية بدأ يجذب أنواعا مختلفة من الاسماك والحيوانات البحرية، التي تعيش في أعماق المحيطات”، متوقعا أن “يكون بحر صور غنيا بأنواع جديدة سوف تظهر تباعا بعد استقرار درجة حرارة المياه”.

تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن ثمة إمكانيات متاحة لتصنيع مجسمات تمثل هذه الكائنات، بدلا من تحنيطها، إذا كان المقصود تعميم الفائدة حول أهميتها، على غرار المعرض الذي نظم قبل أيام في مدينة وضم مجسمات لسلاحف البحر، وهذا يسقط ذريعة التحنيط.

ردود فعل

هذا الخبر الذي انتشر على نحو واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أثار ردود فعل مستنكرة، خصوصا وأنه بدا واضحا أن هذه الأسماك لم تقع في الشباك دفعة واحدة، وإنما جرى تجميعها بعد شرائها من الصيادين، وهذا ما يعتبر مخالفا للقوانين المرعية الإجراء، لجهة بيعها وصيدها بغض النظر إن كانت حية أو نافقة، ذلك أن هذه الأنواع محظور مدرجة عالميا على قائمة الأنواع المهددة.

وفي السياق عينه، فإن شراء هذه الكائنات من الصيادين يشجعهم على صيدها مقابل الحصول على المال، وقد اعتبر البعض أن تحنيط هذه الأسماك لوضعها في المتاحف أو المنازل هو عمل لا قيمة له لا علميا ولا بيئيا ولا جماليا.

باريش

وفي هذا السياق قال أخصائي البيولوجيا البحرية وعلوم البحار والأستاذ في الجامعة الأميركية البروفسور ميشال باريش لـ greenarea.info: “إن الأسماك الغضروفية محمية بموجب اتفاقات دولية ويمنع صيدها وأكلها، لأن غالبية أنواعها شارفت على الانقراض، وفي شرق المتوسط، ولا سيما في لبنان وسوريا تتواجد بعض هذه الأنواع وتعتبر مهددة على نحو كبير، وبالنسبة إلى الصياد اللبناني فتقع في شباكه بالعرض، ولحمها غير مستساغ، ويجب التشديد على الصيادين لجهة عدم التعرض لها، ويجب عدم تشجيعهم على اصطيادها كي لا نفتح سوقا جديدة كاستخدامها للزينة كما هو الحال بالنسبة لتحنيط الحيوانات والطيور البرية”.

وأضاف: “ظهر في الصور التي عرضت على صفحة “البحر اللبناني” Sea Lebanon عدة أنواع من أسماك الوطواط، أحدها عرفنا حديثا أنها موجودة في بحرنا وهي مهددة بالانقراض عالميا، وتعرف باسم الـ Manta Ray وأيضا الـ Butterfly Ray، أما باقي الأسماك فمشوهة كثيرا ما يجعل من الصعب تحديد أنواعها بدقة.

تتخذ مجموعة واسعة َن الاشكال وألاحجام تتميز بعض انواعها من خلال ذيولها الاشبه بالسوط والمجهزة بأشواك دفاعية لاسعة تنتج السم وتسبب جروحا مؤلمة لمن يدوس الشفنينات او يحاول التقاطها.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This