يُشبه تصريح رئيس أركان القوات المسلحة التركية، “يشار غيولير أكار” الذي قال فيه: “نحن نكافح من أجل الإستقرار في “إدلب” ووقف إطلاق النار”، الى حدٍ كبير تصريحات رعاة صفقة القرن، والتي يقولون فيها: إنَّ الصفقة ستساعد، في تحسين البنية التحتية في الأراضي المحتلة، وتحسين معيشة الفلسطينيين تحت الاحتلال (ذات الكذبة)

فالتركي حين يتكلم عن كفاحه من أجل إستقرار “إدلب”، يحاول التغطية على عمليات النهب المُنظم الذي مارسه خلال سنوات الحرب على سوريا، والتدمير الممنهج للإنسان السوري، ومثله يفعل أصحاب صفقة القرن، لكونها حفرة عصرية ستُدفن فيها القضية الفلسطينية، وعملية بيعٍ وقضم لما تبقى من فلسطين، ونهبٍ تدريجي، لثروات الخليج العربي(سيقوم “ترامب” بسحب الأموال الخليجية، وتحديداً السعودية والإمارات بمعدل 70% من تكاليف الصفقة و20% من الإتحاد الأوروبي، في حين لا تتجاوز مساهمة الولايات المتحدة الأميركية 10% فقط ).

المقاربة بسيطة وعميقة، بين كذبة سعي “تركيا” الى إستقرار “إدلب”، وهي التي  فتحت على مدى سنوات الحرب التسع، حدودها كاملة ليدخل كل إرهابيّ العالم الى سوريا، بحجة انه يساند “ثورة” شعب يطالب بحقوقه، وبين الكذبة الأكبر التي تصوِّر سعي منظري التطبيع وأرباب “صفقة القرن”، الى تحسين حياة الفلسطينيين، ولكن تحت الإحتلال الإسرائيلي، الذي يدعمونه بكل قواهم، ويقدمونه على أنه مسالم، حضاري ويكافح الإرهاب.

تصريحات “أكار” حول حرصِ بلاده الى تحقيق الإستقرار في “إدلب”، تتناقض مع  انخراطها، بشكلٍ مباشرٍ، في معركة “جيب إدلب” الأخيرة بكل قوتها، ودفعها بفصائل من “درع الفرات” لدعم المجموعات الإرهابية، وإرسالها ضباطاً للإشراف على غرف عمليات تقود المعركة هناك، وهذا التناقض الرهيب يحتمل مقاربته بتناقض فظيع بين تصريحات عرابي “صفقة القرن”، حول أن الصفقة ستحقق الإزدهار الإقتصادي وستنعش المجتمع الفلسطيني، وبين  إيقافهم  لكل أشكال التمويل الذي كانوا يقدمونه لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “الأونروا”، بهدف خنق الفقراء في غزة والضفة، وزيادة الحصار الإقتصادي عليهم، وعزلهم عن العالم.

كما أنَّ إدعاء  تركيا، محاربة الإرهاب في سوريا ( يعتبر الأتراك أنَّ “الكُرد” هم  الإرهابيون الوحيدون في سوريا)، فيما هي تدعم وبشكلٍ علني “جبهة النصرة” وأخواتها، وتعتبرهم حلفائها، تصح مقاربته مع منظري صفقة القرن، الذين يتهمون الفلسطنيين (أصحاب الأرض) الذين يدافعون عن بيوتهم وأراضيهم، بالإرهاب، فيما يدافعون عن الإسرائيلي ويصورونه على أنه إنسان حضاري ومُسالم،  وتجتهدون في تسليحه ( رصدت الولايات المتحدة الاميركية هذا العام، مبلغ  3.3 مليار دولار، لميزانية  وزارة الدفاع الإسرائيلية) لابل يسمحون له بإنتاج السلاح الكيماوي والنووي.

ويعمل رعاة “صفقة القرن”، ومعهم المطبعّون العرب، على  تلميع صورة الكيان الصهيوني، وإنكار جرائمه بحق الإنسان الفلسطيني، وقيامه باغتصاب الجولان السوري، مثلما تُنكر تركيا مجازرالجيش العثماني بحقِ الشعب الأرمني عام 1915، (قُتل ما يقارب  نصف مليون أرمني، وهُجر منهم  حوالي مليونين)، كما تُنكر مجزرة “سيفو” التي ارتكبها أجدادهم العثمانيون، في ذات الفترة 1914-1923، بحق السريان في “أورفة” و “طور عابدين” السوريتان، تنفيذاً لبرقية من وزير الحرب،  العثماني آنذاك طلعت باشا، المؤلفة من ثلاث كلمات فقط: احرق، دمر اقتل!!!

يجول الدركي التركي، في الدول العربية موسعاً “بيكاره” فيتدخل علانيةً في شمال غرب سوريا، وسراً في “ليبيا” (كشف الجيش الليبي وجود جنود وضباط استخبارات أتراك يقومون بتدريب الجماعات الإرهابية ويقاتلون في صفوفهم بالعاصمة الليبية طرابلس)، وفي مصر حيث أرسل ضباط استحباراته الى جبل الحلال بسيناء، ليدربوا ارهابيي “تنظيم بيت المقدس”، وتزدهر فجأةً وبقدرة قادر، مشاريعها الإستثمارية في “السودان” بعد سقوط نظام البشير، (حوالي 700 مليون دولار، تنفذها 200 شركة، في مجالات النفط والذهب)،  تحارب الدول العربية وتعمل على نهبها وتدمير اقتصاداتها، في الوقت الذي يشهد التبادل التجاري بينها وبين أحد أكبر المستفيدين من صفقة القرن “اسرائيل”  ارتفاعاً سنوياً كبيراً.

لا يزال مفعول الكلمات الثلاث التي تضمنتها برقية وزير الحرب،  العثماني: احرق، دمر اقتل، تسري في شرايين الدولة التركية الحديثة، التي تعمل وفق مخططاتٍ استعماريةٍ، وتدور في فلك الإمبريالية العالمية، والتي بدورها تخدم “إسرائيل” بصدق وتفانٍ،  ومستعدة “كرمى لعيونها”  أن تعقد ألف صفقة وصفقة مع خيام العرب المنصوبة من المحيط الى الخليج، محولةً الدم في شرايينهم الى ماء.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This