نشرنا منذ بضعة سنوات نتائج دراسة قمنا بها في لبنان في إطار دراسة دولية لمستويات الرصاص في الدهانات الزيتية، التي تصنع في لبنان وتباع في السوق اللبنانية، حيث تبين أن كل الماركات، التي تم فحصها تحتوي على كميات كبيرة جدا جدا من الرصاص، وخصوصا في اللونين الأصفر والأحمر. تتجاوز هذه المستويات المعايير العالمية بألوف المرات، وأحيانا بعشرات ألوف المرات.
بعد نشر هذه النتائج والحملة الإعلامية، التي قمنا بها عبر الصحافة المكتوبة والإلكترونية والتلفزيون والراديو، وفي العديد من اللقاءات، التي نظمناها أو شاركنا فيها، ناشدنا الوزارات المعنية، الصناعة والصحة والبيئة، وجمعية الصناعيين، أن يأخذوا الأمور بالجدية المطلوبة، ويبادروا إلى وضع معيار وطني للرصاص في الدهانات الزيتية المسموح تسويقها في لبنان، إن من المنتجات المصنعة وطنيا أم المستوردة، بحيث لا يتجاوز هذا المعيار 90 جزء من مليون من الرصاص في الدهانات.
قمنا في حينها بمبادرة الإتصال بفريق وزارة البيئة المعني بموضوع الكيماويات وإدارتها، وطرحنا خطورة أن يستمر لبنان بإنتاج وتسويق الدهانات، التي تحتوي على تراكيز خطيرة جدا من الرصاص، دون أن يكون هناك أي خطة وطنية لاحتواء هذا الأمر تدريجيا، ووضع معيار وطني للرصاص في الدهانات. وكان الجواب في ذلك الوقت، أي منذ سنوات، أن هناك لجنة في إطار “ليبنور”، مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية، تشارك فيها الوزارات المعنية، بما فيها الصناعة والصحة والبيئة، وهي تعمل على وضع مسودة معيار وطني للرصاص في الدهانات تمهيدا لإقراره. مرَّ ما يزيد عن 4 سنوات على هذه المعلومات، ولكن حتى يومنا هذا، لم يرَ المعيار الوطني للرصاص في الدهانات النور.
بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، وتماشيا مع نداء برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي للتخلص من الرصاص في الدهانات، ندعو إلى تحرك وطني جاد لوضع وإقرار معيار وطني في مهلة زمنية محددة. وندعو الوزارات المعنية لتشكيل لجنة عمل تقنية وطنية تضم وزارة الصناعة ووزارة الصحة ووزارة البيئة ومؤسسة المعايير والمقاييس اللبنانية، وكل الجهات الرسمية المعنية، بالإضافة إلى ممثلين عن جمعية الصناعيين ولجنة صناعة الدهانات وممثلين عن المجتمع المدني العامل في هذا الميدان، والناشط في مجال الإدارة السليمة للكيماويات الخطرة. نقترح أن نكون ممثلين في هذه اللجنة لاعتبارات عديدة، أهمها أننا قمنا بالدراسة المذكورة وبالنشاط الإعلامي على المستوى الوطني في هذا الموضوع، وأننا جهة الإتصال غير الحكومية الوطنية للنهج الإستراتيجي للإدارة العالمية للكيماويات SAICM، الذي يعنى مباشرة وبتعاون وثيق مع التحالف العالمي للتخلص من الرصاص في الدهانات وبرنامج الأمم المتحدة للبيئةربمسألة تحقيق هذا الهدف.
65 دولة في العالم قد عبرت عن إلتزامها بالتخلص من الرصاص في الدهانات، وهناك عدد كبير من الدول المتقدمة والنامية قد أنجزت مهمة وضع معيار وطني للرصاص في الدهانات لا يتجاوز 90 جزء من مليون، وبعضها وضع مهل زمنية لوضعه موضع التطبيق الفعلي بعد إقراراه، تترواح بين سنة وسنتين بعد تاريخ إقراره.
ندعو الوزارات المعنية مباشرة إلى المبادرة السريعة لتشكيل لجنة العمل التقنية الوطنية، التي نقترحها لتبدأ عملها فورا، وفي مهلة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، أن تقدم معيارا وطنيا كاملا يشمل التركيز الأقصى المسموح به، بحيث يكون 90 جزء من مليون من الرصاص في الدهانات، ويشمل طرق أخذ العينات وتحليلها، وطرق المراقبة والرصد، والمهلة المعطاة لدخوله حيز النفاذ، بحيث تأخذ الصناعة الوطنية وقتا معقولا، لا يتجاوز السنتين، لتكيف تقنياتها مع المعيار الوطني الجديد.
ليكن احتفالنا باليوم العالمي للبيئة في 5 حزيران، خطوة عملية في هذا الإتجاه، وكفى تردادا لشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.