تعاني معظم دول العالم من تلوّث الهواء، وبنسب كبيرة جداً وفوق المعدلات الطبيعية. ولم يعد يقتصر الأمر على الدول الصناعية، بل أنّ هذا النوع من التلوّث ينتشر في كل مكان، مهدداً حياة البشر بشكلٍ مباشرٍ.
إنتشار التلوّث
تعاني كافة الدول من تلوّث الهواء دون إستثناء، إذ أنّ عبء المرض الناتج عن الجسيمات الدقيقة في الجو، هو أكثر ثقلاً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لاسيما في إفريقيا وجنوب شرق آسيا وشرق المتوسط وغرب المحيط الهادئ.
في حين تستحوذ دول العالم العربي على الحصة الأكبر من تلوّث الهواء، وترتفع إلى حدٍ كبيرٍ نسبة تعرض الأطفال فيه لتلوث الهواء الخارجي، بالجسيمات الدقيقة لتصل إلى 100 في المائة، وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية.
وفيما توصي المنظمة بألا يتجاوز تركيز الجسيمات الدقيقة، التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون، في الجو 10 ميكروغرام في المتر المكعب، فإن قاعدة بيانات تلوّث الهواء، التي تضم 92 سجلاً لمدن عربية تشير إلى تجاوزها جميعها القيمة المسموحة. حيث وصلت التركيزات في بعض الأحيان إلى نحو 100 ميكروغرام في المتر المكعب، أي عشرة أضعاف الحد الأقصى المقبول، كما في القاهرة ومنطقة الدلتا في مصر، وينبع في السعودية، والدوحة في قطر، وأماكن عدة في الكويت.
الأسوأ عالمياً
بينما يمكن تبرير إرتفاع تلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة في العالم العربي، بأن الظروف الطبيعية تساعد في إنتشار الجفاف وإتساع التصحر، فإن مؤشرات تلوّث الهواء بثاني أوكسيد النيتروجين في المنطقة، مرتفعة إلى حدٍ كبيرٍ، وهذا النوع من التلوّث يُعزى بشكل خاص إلى الإنبعاثات الناتجة عن وسائل النقل.
ووفق دراسة نُشرت في دورية “لانسيت بلانيتري هيلث” خلال شهر أبريل (نيسان) 2019، فإن معدلات الإصابة بالربو بين الأطفال العرب، بسبب إنبعاث ثاني أوكسيد النيتروجين هي الأعلى عالمياً. ومن بين 194 دولة شملتها الدراسة، إحتلت الكويت المرتبة الأولى بمعدل 550 إصابة جديدة بالربو، لكل 100 ألف طفل سنوياً، وتلتها الإمارات بمعدل 440 إصابة، فيما جاءت البحرين في المرتبة الخامسة، وتبعها الأردن ولبنان وقطر، ثم السعودية في المرتبة 17 عالمياً.
وتشير الدراسة في دورية لانسيت إلى أن نحو أربعة ملايين طفل، يصابون بالربو كل سنة نتيجة تلوّث الهواء من السيارات والشاحنات، أي ما يعادل 11 ألف إصابة جديدة كل يوم. ولا يقتصر الضرر الذي يلحق بصحة الأطفال على الصين والهند، حيث ترتفع مستويات التلوث بشكل خاص. ففي مدن مثل دبي والرياض وجدة وعمّان، يلقي الباحثون باللوم على التلوث المروري، لنحو ثلث حالات الربو الجديدة في مرحلة الطفولة.
الأوزون الأرضي
هناك أيضاً ما يعرف بالتلوّث بالأوزون الأرضي، الناتج عن تفاعل الغازات المنبعثة عن العمليات الصناعية والنقل، بوجود أشعة الشمس. وفيما يلعب الأوزون دوراً وقائياً من مخاطر الإشعاع الشمسي بوجوده ضمن طبقات الجو العليا، فإنه يصنّف ضمن غازات الدفيئة عند وجوده بالقرب من سطح الأرض، ويشكّل مخاطر صحية على الإنسان، ويمكن أن يتسبب بأمراض تنفسية تؤدي إلى الوفاة.
بناءً عليه، توصي وكالة حماية البيئة الأميركية بأن لا يتجاوز الحد الأقصى، للتعرض للأوزون الأرضي 70 جزءاً بالمليار على مدار ثماني ساعات. ووفقاً لتقرير “حالة الهواء العالمي”، الصادر عن مؤسسة “هيلث إفكتس” سنة 2019، نجد أن مؤشرات عدد من الدول العربية تقترب من هذا الحد، حيث يصل التعرض في العراق إلى 70 جزءاً في المليار وكذلك في البحرين. أما نسبة التعرض في قطر فهي 69 وفي الأردن 68 وفي سورية 66، وفي لبنان 65 وفي الإمارات ومصر 64 وفي السعودية 63. علماً أن نسبة التعرض في الصين هي 68 وفي الهند 61.