معاناة كبيرة بدأت تواجه المزارعين في مختلف المناطق اللبنانية، مع تراجع وتدني إنتاجهم من الفاكهة الصيفية، وثمة أسباب كثيرة مجتمعة، يبقى أهمها ما هو على صلة بالتغير المناخي، خصوصا وأن هذه المشكلة لا تقتصر على لبنان فحسب، وإنما تطاول العالم مع دراسات علمية أطلقت جملة من التحذيرات، خصوصا وأن عوامل المناخ تؤثر سلبا على الإنتاج الزراعي نوعا وكما، إن لجهة تكاثر الآفات وإن لجهة ما يعرف التقلبات المناخية التي تؤثر في أنماط سقوط الأمطار والمواسم الزراعية، وكذلك الظواهر المناخية المتطرّفة مثل الجفاف إلى كثرة الفيروسات وتلوّث الهواء.
وفي لبنان ثمة مفاعيل اقتصادية واجتماعية لتراجع الانتاج، خصوصا وأن آلاف العائلات تعتمد قطاع زراعة الفاكهة مورد رزقٍ أساسيا، فيما كثيرون يعتمدونه رافدا مهما في ظل الأزمة الاقتصادية، ويعولون على الإنتاج في تغطية وتأمين حاجاتهم الضرورية، ومن هنا ثمة مشكلة اقتصادية غير منفصلة عن تداعيات التغير المناخي.
فيديو صادم
وفي هذا السياق، إنتشر في اليومين الماضيين عبر وسائل التواصل الإجتماعي فيديو بدا صادما، وتم تداوله على نطاق واسع، وهو يظهر امرأة تفاجأ بديدان داخل ثمرة كرز، وتبين لاحقا أنها تعرف باسم “ذبابة البحر الأبيض المتوسط”، وهي نوع من أنواع “حشرات الفاكهة” تضرب أكثر من مئتين وخمسين نوعا من الفاكهة حول العالم، وهي تبدأ في هذه الفترة بالظهور على اللوزيات (كرز، مشمش، خوخ ودراق) قبل أن تنتقل إلى التفاحيات.
وزارة الزراعة
وبحسب مصدر مسؤول في وزارة الزراعة، فإن “هذه الآفة التي أصابت بشكل خاص محصول الكرز ناجمة عن التأخر في توزبع البروتينات والزيوت الخاصة على المزارعين للتخلص من هذه المشكلة، مما أدى إلى تكاثر هذه الحشرات وخسارة المحصول الزراعي”.
وأشار المصدر أيضا إلى أنه “يمكن مكافحة هذه الحشرات والحد من إنتشارها من خلال وضع “مصايد” للتخفيف من أضرارها”.
الخبير الزراعي حنا مخايل
وفي رصدنا لهذه الظاهرة، تواصلنا مع المهندس الزراعي والخبير في علم الحشرات حنا مخايل، فقال لـ greenarea.info: “إن ذبابة البحر الأبيض المتوسط المعروفة باسم Ceratitis capitata هي حشرة فاكهة تضرب اكتر من ٢٥٠ نوع فاكهة وخضار في كافة أنحاء العالم”.
ولفت إلى أن “هذه الحشرة هي حشرة حمضيات لكن مع التغيير المناخي ومنذ تسعينيات القرن الماضي بدأت تظهر على اللوزيات في مختلف الأماكن في العالم، وفي العام 2010 بدأت بالظهور على التفاحيات”.
دورة حياتها
وعرض مخايل لدورة حياة “ذبابة البحر الأبيض المتوسط”، مشيرا إلى أن تبدأ من بيض وثم شرنقة وبعدها مرحلة البلوغ Adult، وتبدأ حياتها عندما تصبح دودة بالغة، فتضع بيوضها في ثمرة الفاكهة الناضجة ما يتسبب بوقوعها على عالأرض، وبكون فيها ما بين 250 و300 بيضة، وهذه البيوض تدخل في السبات الشتوي hibernation بالتربة وتنتظر الوقت المناسب لتعود وتبدأ دورة حياة جديدة”.
وقال مخايل: “إن ذبابة الـ Medfly تضرب الفاكهة الناضجة وعلامة الضرر تكون واضحة، وتكون عبارة عن نقطة سودا على الثمرة، وإذا تأخرت المكافحة تكبر النقطة وتتسبب بسقوط الثمرة”، ولفت إلى أن “هذه الآفة تتسبب بخسائر اقتصادية كبيرة بالبساتين إذا لم نحمِ الإنتاج بطريقة صحيحة”.
وعن طرق الحماية، قال مخايل: “يمكن مكافحة الآفة برش مبيدات كيميائية عادة بين سبعة وعشرة أيام”، لافتا إلى أنه “ينصح بوضع مصائد في البساتين لمراقبة حركة الذبابة”.
مضاعفات في الجهاز الهضمي
ثمة من يرى أن هذه الآفة لا تأثير لها على الصحة إذا تناول الإنسان ثمارا تحتوي هذه الديدان، فيما أشار مصدر طبي إلى أنه “يمكن أن يكون لهذه الديدان مضاعفات في الجهاز الهضمي تختلف وفق نوعها”، ومنوها إلى أن هناك أعراضا عدة “إسهال أو إمساك أوجاع في البطن، الأمر الذي قد ينجم عنه فقر دم والتهابات في مجرى الكبد إضافة إلى أنّها تؤثر على الرئة”.
لكن الأمر وبحسب المصدر عينه لا يثير القلق والخوف، وإن كان يتطلب مراجعة طبيب مختص للمعالجة من خلال إجراء بعض الفحوصات وتناول الأدوية المناسبة”.
