فيما كنا نشهد سابقا استهتارا ولا مبالاة حيال تعرض الكائنات البرية للتعدي عن قصد أو بالعرض، نرى اليوم اهتماما يعكس تنامي الوعي البيئي والمجتمعي، وهذا ما يمكن أن نبني عليه إذا ما أردنا حماية هذه الكائنات والحفاظ عليها بما يبقيها بعيدة من خطر الإنقراض، خصوصا وأن سائر الكائنات البرية في لبنان تناقصت أعدادها على نحو كبير وخطير، ومرد ذلك إلى جملة عوامل وأسباب، من بينها انحسار الموائل بسبب التمدد العمراني وانتشار المرامل والكسارات والمقالع، فضلا عن المفاهيم الخاطئة والتعديات المباشرة وغيرها.

بشكل عام، يمكن اعتبار أن سائر الحيوانات البرية مهددة بالانقراض فعلا، ومثل هذا التهديد سيترك آثارا سلبية على مجمل النظم الإيكولوجية في البرية اللبنانية، وبالفعل فنحن اليوم نواجه تكاثر الخنازير البرية بسبب فقدان أعدائها الطبيعيين كالذئاب والضباع، كما أن انتشار القوارض وتهديدها المزروعات سببه أيضا غياب أعدائها الطبيعيين كالثعالب وابن آوى والطيور الجارحة، وهنا نخلص لنقول إن الوعي مطلوب لا بل وملِحٌّ أيضا، علنا نتمكن من بلورة وعي يكون مدخلا للحفاظ على ما بقي من كائنات وحيوانات مهددة.

 

غرير طورا

 

ما استوقفنا بالأمس، أن ينتشر خبر العثور على حيوان “غرير” في بلدة طورا في قضاء صور كالنار في الهشيم، وتصدر هذا الحيوان الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا إلى الطلب من “جمعية Green Area الدولية” التدخل لإنقاذه وإعادة إطلاقه في البرية، ولا سيما من قبل الناشطة البيئية غنى نحفاوي التي تواصلت معنا بهذا الخصوص.

وتواصلت معنا أيضا جمعية “بيتا” بشخص محاميها عدنان لبَّان الذي تواصل مع القوى الأمنية للتدخل وإجراء اللازم، فيما لم تتوقف المناشدات من قبل الجمعيات والناشطين والمهتمين، وقد أبدت جمعية “ليبانيز وايلد لايف” استعدادها لتسلم “الغرير” والاعتناء به طبيا قبل إعادة إطلاقه في بيئته الطبيعية. 

كما كان هذا “الغرير” الذي عثر عليه شبان من بلدة طورا موضع اهتمام ومتابعة من القوى الأمنية وبلدية طورا.

 

غرين إيريا الدولية

 

بدورها “جمعية Green Area الدولية” توجهت صباحا إلى بلدة طورا لاستلام “الغرير”، والتقت رئيس البلدية محمد حيدر الذي كان قد أبلغ الجمعية أن “الغرير” نفق، وقامت الجمعية بتسلمه نافقا بهدف إعادته إلى البرية للتحلل طبيعيا مع إمكانية أن تقتات عليه الحيوانات اللاحمة.

ونقلت الجمعية “الغرير” النافق إلى الناقورة ووضعته في مكان ناء بعيدا من أعين الفضوليين، وقد رافقت الجميعة الناشطة يارا خشاب، وتم توجيه رسالة مصورة دعت فيها Green Area المواطنين إلى التعرف على مجمل الحيوانات البرية وأهميتها وعدم التعرض لها.

 

حيدر

 

رئيس بلدية طورا محمد حيدر قال لـ greenarea.info: “بعد انتشار الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي البلدة، تواصلنا مع الشبان الذي عثروا على الغرير وأكدوا أنه كان ملقى على الطريق ما يرجح أن تكون ثمة سيارة صدمته، لا سيما وأنه لم تظهر عليه أية جروح، ومن ثم حاولنا إطلاق في البرية، إلا أنه لم يكن بحالة جيدة تسمح له بالفرار”.

وأضاف: “إن فصيلة درك العباسية المجاورة كانت قد اتصلت ببلدية طورا للوقوف على الأمر، وطلب منا تسليمه لجمعية بيئية”، وختم حيدر قائلا: “إن الحيوان لم يكن مستهدفا وما حصل كان مجرد حادثة عرضية”.

 

مهدد بالانقراض

 

تجدر الإشارة إلى أن الغرير واحد من حيوانات برية كثيرة معرضة للانقراض وثمة ضرورة لحمايتها أجل الحفاظ على التوازن الطبيعي والبيئي في لبنان، لا سيما وأن خسارة أي نوع من الحيوانات البرية تترتب عليه نتائج سلبية على الإنسان.

وبحسب ما أشار سابقا لـ greenarea.info رئيس “مركز التعرف على الحياة البرية” الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية – كلية العلوم البروفسور منير أبي سعيد، فإن “الاسم العلمي لهذا الحيوان هو Badger والموجود منه في لبنان هو من نوع الغرير الأوروبي – الآسيوي”.

 

… دعوة لحمايته

 

وأضاف أبو سعيد: “إن (الغــرير) يأكــل النـفايات ولا يلحق ضرراً بالمزروعات، باستثنــاء حقول الذرة، وإذا ما علمنا مدى الفوائد التي يحصل عليهــا المزارع من هذا الحيوان، فإن الأمر يستدعي إقامة ســياج لحماية حقول الذرة، وهي كفيلة بحــل هذه المشكلة، فيما بعض المزارعين يشتكــون من أن الغــرير يدخل الأراضي الزراعـية ويــقوم بحفــر التــراب، وهم يظنون أنه يخرب الأراضــي الزراعية، فيما الحقيقة هي أن الغرير يبحث وســط الخضار المزروعة عن (المالوش) وهو عبارة عن حشرة تضر بالمزروعات وتقضي أيضاً على الأشجار إذا تمكنت من قضم أغصانها وجذورها، وهو إلى (أي الغرير) ذلك يأكل الأفاعي والسحليات”.

وأشار إلى أن “المخاطر التي تتهدد الغرير وقد تؤدي إلى انقراضه هي بالدرجة الأولى الصيد، الدهس بالسيارات ومــن ثم استــخدام المبـيدات التي تتسبب بموته مبـاشرة أو تؤثــر على إمكــانية الإنجاب لديه”، وأكد أبو سعيد أن “الغرير بات وجوده نادراً وهو مهدد بالانقراض ومن هنا دعوتنا لحماية الغرير”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This