لم يعد من الجائز أن يظل لبنان متخلفا في مجال الطاقة المتجددة، فيما العالم يتوجه بخطى حثيثة نحو الطاقة المتجددة، وهذا ما بات حقيقة راسخة مع ما نشهد من تطور كبير في تقنيات حديثة تأكد معها أن مصادر الطاقة البديلة والنظيفة، قربت العالم أكثر ليلج عصر ما بعد النفط، فضلا عن أننا نعيش اليوم هذا التحول الكبير نحو الاستدامة، ما يؤكد أن عصر النفط إلى أفول، حتى قبل أن تجف منابعه، فالطاقة المتجددة باتت أقل كلفة وأكثر إنتاجية مع التنافس المستعر بين كبيرات الشركات في العالم، ولا سيما الصين لذا لا نستغرب أن يصبح التحول هذا مسارا عالميا ثابتا، وهو قد بدأ فعلا.

وزارة الطاقة والمياه

في لبنان لا تزال الطموحات متواضعة نسبيا، بالرغم من أن وزارة الطاقة والمياه قدمت في نيسان/أبريل 2019، ورقة سياسة قطاع الكهرباء حتى العام 2026، بهدف تزويد الطاقة على مدار الساعة بحلول العام 2020 بأقل تأثير ممكن على الاقتصاد والبيئة، وحددت فيها

ضرورة بناء وإعادة تأهيل محطات الطاقة الحرارية وإيلاء القليل من الإهتمام إلى كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة.

بالتأكيد لا نحمل الوزارة تبعات هذه الخطة أو هذه الورقة السياسية لقطاع الطاقة، خصوصا وأننا نعيش في لبنان واقعا سياسيا وإداريا مأزوما، إلا أن المطلوب أكثر لنكون حاضرين في رحاب العصر، وقادرين على جبه التحديات البيئية والصحية والخدماتية والطاقوية واعتماد الاستدامة سبيلا للتنمية الأمثل والأقل ضررا من حيث النتائج المدمرة.

غرينبيس

في هذا السياق، جاء تقرير غرينبيس الشرق الأوسط وشمال افريقيا الصادر حديثا ليقدم إضافة مهمة ورؤية تحليلية في مقاربة لمشروع الوزارة وتقديم سيناريو أمثل من قبلها، والذي يدعم نشر أهمية الطاقة المتجددة إلى جانب تدابير كفاءة الطاقة، خصوصا وأنه أظهر أن الدولة سوف تستفيد أكثر إذا اعتمدت السيناريو المقترح.

وبحسب هذه المقاربة، فإن ثمة إمكانية للدولة تتيح لها الحصول على ربح أعلى عبر سيناريو “غرينبيس” المقترح، وذلك من خلال وصول نسبة الطاقة المتجددة في استهلاك الكهرباء إلى 31.2 بالمئة بحلول العام 2026، الأمر الذي سيرفع من الربح الذي تحققه شركة كهرباء لبنان بنسبة تصل على الأقل الى 14 بالمئة بالمقارنة مع الربح الذي ستحققه من خلال خطة الوزارة الحالية.

يقترح السيناريو الأمثل، بحسب “غرينبيس”، بالاضافة الى مجموعة توصيات أخرى، اعطاء أهمية أكبر لكفاءة الكهرباء للحد من معدل نمو الطلب على الطاقة السنوي من 3 الى 1.5

بالمئة وتوفير تغذية إضافية مقدرة 1200 ميغاواط من الرياح و2000 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية بحلول العام 2030.

ويقترح السيناريو الأمثل المقترح من غرينبيس إلغاء 740 ميغاوات من الطاقة الحرارية التي تعادل خطط إلغاء محطة جديدة لتوليد الكهرباء في محطة الذوق وتقليص مصنع الجيه بمقدار 190 ميغاواط مما سيؤدي إلى فوائد صحية وبيئية عامة كبيرة، على الرغم من أن هذا التحليل يركز فقط على المنظورات التقنية والاقتصادية، فإن الفوائد البيئية والصحية العامة للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة لا يمكن إنكارها، وسيؤدي أيضًا إلى فوائد اقتصادية غير مباشرة لم يتم تحديدها بالأرقام.

بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، يعد الاستثمار في الطاقة المتجددة ضرورة ملحة بشكل خاص للبنان بالنظر إلى مشاكل تلوث الهواء المتفشية في البلاد والتي تم توثيقها جيدًا، بما في ذلك التحليل العالمي الذي أجرته منظمة غرينبيس خلال الفترة الممتدة من تموز إلى تشرين الأوّل 2018 وفيه تصدرت جونيه المرتبة الخامسة لأكثر المدن الملوثة بثاني أوكسيد النيتروجين في العالم العربي والثالثة والعشرين عالمياَ.

وبحسب “غرينبيس”، فإن “المزيد من الطاقة المتجددة يعني المزيد من الفوائد الاقتصادية والبيئية والصحية”، وخلص إلى أن “لا مزيد من الأعذار وآن الأوان للانتقال الى الطاقة المتجددة بجدية”.

جريصاتي

وفي هذا السياق، أشار مسؤول الحملات في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جوليان جريصاتي لـ greenarea.info إلى أن “تحليلنا يظهر بوضوح أنه من خلال تفضيل

الطاقة المتجددة على الغاز الطبيعي، ستتمكن وزارة الطاقة من توفير كهرباء نظيفة وآمنة على مدار الساعة وبسعر أرخص!”.

وقال جريصاتي: “سيكون قرارا انتحاريا عدم تطوير الرؤية الوطنية في موضوع الطاقة لا سيما بالنسبة لبلد مثل لبنان، الذي يعاني من تلوث الهواء المتفشي والصعوبات الاقتصادية، ولكن مع إمكانات كبيرة للطاقة الشمسية، ولذلك لا يمكن أن يدير ظهره للطاقة المتجددة”.

وحث “وزارة الطاقة على اتخاذ القرار الصائب والشجاع بإستبدال بعض محطات الطاقة الحرارية المخطط لها بالطاقة المتجددة من أجل تحقيق الهدف الطموح المتمثل بـ 30 بالمئة من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030”.

ورأى أن “الاستثمار بالطاقة المتجددة أكثر ربحية من الغاز الطبيعي والنفط وأفضل من الناحيتين البيئية والصحية، وما سيوفره ذلك من فواتير اقتصادية غير مباشرة، لأنه كما نعلم الطاقة المتجددة لا تصدر عنها أية انبعاثات، وهي بالتالي آمنة على الصحة والبيئة”.

وأشار جريصاتي إلى أن “تحاليل غرينبيس أظهرت أن المشروع الوزاري لا يتماشى مع التزام البلاد بتخصيص 30 بالمئة من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030 (استهلاك الكهرباء)، رغم أنها ذكرت هذا الالتزام في خطتها”.

وأشار إلى أن “وزارة الطاقة تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة IRENA من أجل أن تطلق في شهر أيلول (سبتمبر) تقريرا هو بمثابة خارطة طريق لتصل إلى هدفها بالالتزام بنسبة 30 بالمئة طاقة متجددة وهو التزام الدولة اللبنانية، ونعتبره في (غرينبيس) هدفا طموحا”.

ورأى أن “وزارة الطاقة لديها الجرأة لاستبدال بعض القدرة المركبة للطاقة التقليدية بطاقة متجددة، لأنه إذا ظلت الخطة الحالية كما هي، فمن الصعب الوصول إلى 30 بالمئة، وهذا ما يتطلب مجهودا أكبر في مجال الطاقة”. ملاحظة: للاطلاع على التقرير اضغط “هنا”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This