لا تخرج أي حركة لأي انسان عن السكة التي ترسم الصح والخطأ، وإن كانت ممارسات المواطن هي الأساس في تخفيف أو تأجيج وضع الإحترار المناخي، فإن كل خطوة يقوم بها – مهما كانت صغيرة- يجب أن يحسب لها ألف حساب. وبالتالي فأنه لا دخان بلا نار، وكل تفصيل بسيط في حياتنا اليومية يدخل في صلب رفع حدة تداعيات التغير المناخي نحو الأسوأ. وفي أبسط دليل على ذلك، فإن أعقاب السجائر المرمية، التي لا يبحث في طريقة رميها من يدخّنها قد تؤدي في الحقيقة إلى انعدام الحياة النباتية ومن بعدها زعزعة التنوّع البيولوجي في المكان المحدّد.
ففي كلّ دقيقة، يطفئ حوالى 11 مليون مدخن في العالم سيجارة، وتسجل 10 وفيات بسبب التبغ الذي يدرّ سنويا رقم أعمال يناهز 700 مليار دولار والذي باتت الوفيات الناجمة عنه تتخطى تلك التي خلّفتها الحربان العالميتان معا . ويعتقد الكثير من المدخنين أن أعقاب السجائر تتحلل بسرعة، وبالتالي لا يعتبرونها فضلات، إلا أن الفلتر مكون من نوع من البلاستيك الحيوي يمكن أن يستغرق سنوات إن لم يكن عقودا حتى ينهار، وبالتالى تتسبب في أضرار جسيمة للبيئة. فقد باتت الفلاتر المصنوعة من أسيتات السيليلوز، وهي مادة غير قابلة للتحلّل العضوي، المخلّفات الأكثر انتشارا في شواطئء العالم، وفق مجلة “إنترناشونل جورنال أوف إنفايرنمنتل ريسيرتش أند بابليك هيلث”.
في هذا الإطار، اكتشف فريق من الخبراء وجود تريليونات من أعقاب السجائر كل عام فى جميع أنحاء العالم، وينتج عنها بقايا بلاستيكية تمنع النباتات من النمو، حيث يلقى الأشخاص حوالى 4.5 تريليون منها على مستوى العالم، وقد يستغرق الأمر أكثر من عقد من الزمن حتى تتحلل. ووفقا لما ذكرته صحيفة “ديلى ميل” البريطانية، وجد الباحثون فى جامعة أنجليا روسكين أن المرشحات البلاستيكية فى هذه الأعقاب يمكن أن تمنع نمو العشب والبرسيم بشكل طبيعى، فينمو عدد أقل من ربع البذور فى التربة التى تحتوى على مرشحات السجائر.
ووجدت الدراسة أن ظهور العشب أقل بنسبة 10 %، هي نتيجة لا تظهر عادة إلا في المروج والحدائق التي تعاني من الجفاف، ولكن المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة فلاتر السجائر البلاستيكية تسبب الإجهاد أيضا للنباتات بنفس الطريقة التي تسبب بها نقص المياه. كما أن النباتات المعرضة للأعقاب لها سيقان أقصر وجذور أقل، وبما أن كان هذا التأثير من أعقاب السجائر غير المدخنة، فمن المحتمل أن يكون السبب هو سم البلاستيك وليس التبغ.
وفي حين يقدّر عدد المدخنين في العالم بحوالى مليار شخص من إجمالي السكان البالغ عددهم 7,5 مليارات، وفق منظمة الصحة العالمية. وهم يستهلكون كلّ سنة 5700 مليار سيجارة ويخلفون حوالى مليون طن من أعقاب السجائر، وفق “ذي توباكو أطلس” وهي مبادرة تكافح التدخين منبثقة عن الجمعية الأميركية للسرطان .. فكيف لنا اذن أن نحافظ على الحياة النباتية؟