من شارك في احتفالية إطلاق صغار السلاحف البحرية من على شاطئ حمى المنصوري في قضاء صور، أدرك أن الاستدامة لم تعد شعارا، وتيقن أيضا أن السياحة البيئية يمكن أن تكون عنوان حياة لشاطىء يعاني وبيئة تنتهك، ما ينقض “سياحة الإسمنت” ويناقض استنزاف الموارد وهدم وتخريب الموائل، لا بل راوده شعور ينم عن ثقة بأن لبنان قادر وجاهز ليكون حاضرا في مشاريع حماية سلاحف البحر، وأن يكون كذلك جزءا من منظومة العمل القائم في حوض دول حوض البحر المتوسط، وأن الممارسات الرشيدة ترفعنا كلبنانيين إلى مصاف الشعوب اللاهثة من أجل حماية تنوعها الحيوي، سبيلا لتكون الحياة أكثر جمالا ودفئا.

ومن أبحر في عيون الأطفال والأولاد وهم يتحلقون حول كائنات بدت وكأنها تحبو مغتبطة لملاقاة الموج، وجهتها المياه ومداها الآفاق القصية في هذا المدى المتوسطي، لعرف أن الدهشة لا تستحضر الفرح والتأثر فحسب، وإنما ترسخ في نفوسهم حب الطبيعة، ليكونوا غدا أمناء على إرث لبنان من تنوع بيولوجي ونظم إيكولوجية، وأن هذا الإرث أمانة الكبار للصغار، أمانة من رائدة حماية السلاحف البحرية في لبنان منى خليل، وقد قالت كلاما مؤثرا وهي التي تخطت العقد السابع لافتة إلى “انني اليوم هنا لأهتم بالشاطئ كما فعلت خلال التسعة عشر عاما وغدا لن أكون بينكم فعليكم حمايته”.

mona-jressati

مشاركة الوزير جريصاتي

وما أضفى على هذه الإحتفالية طابع الإستثناء حضور ومشاركة وزير البيئة فادي جريصاتي، وهو أول مسؤول في لبنان يؤثر أن يكون في قلب معادلة الحياة، وما لفت انتباه الجمهور المحتشد قبيل إطلاق السلاحف أن جريصاتي حضر بعيدا من الإعلام، تخلى عن قيود الموقع وأتى مع عائلته، ليؤكد دعمه للسيدة خليل بعيدا من أبراج عالية غالبا ما يفرضها المسؤول في سياق تعاطيه مع المواطنين، فلم يرافقه إعلاميون، وما أراد أن يتصدر “كادر” الكاميرات لمراسلين وصحافيين، جاء ليؤكد على ضرورة توفير الرعاية والحماية للشاطئ، وليثنى “على الجهود الجبارة التي قدمتها خليل خلال السنوات الطويلة التي عملت فيها على حماية الشاطئ والسلاحف دون أي التفاتة أو تقدير رسمي”.

لم يكتفِ جريصاتي بحمل سلاحف صغيرة وإطلاقها بنفسه، لا بل توجه عقب انتهاء الإحتفالية إلى المنتجع السياحي المجاور، بعد مناشدات طالبت القيمين عليه بمراعاة الحد الأدنى من شروط لجهة اعتماد إنارة حمراء بدلا من البيضاء الساطعة والحد أيضا من الضوضاء، خصوصا وأن القيمين على المنتجع كانوا قد أبدوا بعض التجاوب، ولكن دون المطلوب، وهذا ما ساهم في تراجع أعداد الأعشاش بالمقارنة مع سنوات ماضية، وتأتي خطوة حريصاتي هذه للتأكيد على أهمية السياحة الإيكولوجية في لبنان.

وفي هذا السياق، لا بد من الإفادة من الحمى على غرار ما هو قائم في دول الجوار، وسط تمنيات أن يكون الالتزام كاملا في السنة المقبلة.

mona-jressati2

إطلاق 156 سلحفاة

 

وكانت منى خليل الناشطة البيئية صاحبة مشروع “البيت البرتقالي” لحماية السلاحف البحرية السيدة، والراعية لحمى المنصوري مع الناشطين في استقبال الوزير فادي جريصاتي وعائلته والمواطنين والناشطين الذين حضروا للمشاركة في إطلاق 156 سلحفاة بحرية من النوعين اللذين يعيشان في البحر اللبناني (السلحفاة الخضراء والسلحفاة ذات الرأس الكبير) والتي جهزت للبدء بالتوجه نحو عالمها.

وكانت مناسبة قدم خلالها الناشطون في الحمى عرضا مميزا للتعريف بالحمى وما تعرض له من مخاطر أدت الى إنخفاض أعداد الأعشاش إلى أدنى مستوى سجل منذ 19 عاما، كما تحدثوا عن السلاحف البحرية بشكل عام وعن أهمية الشاطىء لإستمرار ديمومة هذه الكائنات، وشرحوا سبل حماية صغار السلاحف ورعايتها.

 

خليل

 

وإذ رحبت خليل بجريصاتي بداية، خاطبت الحضور قائلة بعفويتها المعهودة: “شوفوا مين في هون، هيدا وزيرنا إجا يوقف حدنا”، ورحبت بالضيوف وتمنت عليهم وعلى اللبنانيين المحافظة على الشاطئ.

وأكدت خليل لـ greenarea.info على مواصلة مسيرتها “التي انطلقت قبل 19 عاما بحماية الشاطىء والسلاحف”، مشيرة إلى أن “شاطئ المنصوري وضع على الخارطة العالمية لحماية السلاحف، وعليه يجب الحفاظ على هذا الشاطىء موئلا للسلاحف”.

وإذ شددت على “ضرورة العمل مستقبلا على حماية الشاطئ ضمن المعايير والشروط البيئية المعروفة”، قالت: “انني اليوم هنا لأهتم بالشاطئ كما فعلت خلال الـ 19 عاما وغدا لن أكون بينكم فعليكم حمايته”.

 

شلهوب

 

وقالت الناشطة في “البيت البرتقالي” Orange House وحمى المنصوري فاتن شلهوب لـ greenarea.info: “هناك نوعان من السلاحف يعيشان في البحر اللبناني هما السلحفاة الخضراء Chelonia mydas والسلحفاة ذات الرأس الكبير Loggerhead Turtle”، وشددت على ضرورة حمايتها، وتحدثت عن مراحل حياتها وأهميتها وآلية الاهتمام ببيضها وصغارها في الحمى.

وأكدت شلهوب أن “الدعوات عامة، وعلى اللبنانيين جميعا متابعة صفحة البيت البرتقالي عبر فيسبوك والحضور والمشاركة في عمليات الإطلاق التي تستهدف الأطفال بشكل خاص، نظرا إلى ضرورة تنشئتهم وتوعيتهم على أسس بيئية سليمة تساهم في كف الضرر وحماية ما تبقى من شواطئ وكائنات أصبحت بمعظمها مهددة بالانقراض”.

 

إحتفالية مميزة

 

أطلقت السلاحف وسط دهشة الحضور وفرح الأطفال وتصفيقهم في إحتفالية مميزة، واختتم النشاط بقطع قالب حلوى بمناسبة العيد الـ 71 للسيدة خليل والعيد 19 لتأسيس مشروع البيت البرتقالي.

تجدر الإشارة إلى أن حصيلة هذا الموسم لم تتخط الـ 13 عشا، نتيجة الاضواء والضوضاء، وكان ثمة ما يشبه التعهد من الجميع للتعاون في الموسم المقبل، لتحقيق الالتزام البيئي.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This