لا شك أن وزارة البيئة تبذل جهودا للخروج من أزمة النفايات، التي ترمي بثقلها على بيئة البلد وصحة الشعب والمال العام منذ سنوات طويلة.
هذا يظهر لأي متابع موضوعي لما يحدث، ولكن الأمور لا تبنى بالنوايا الطيبة فقط، بل تحتاج إلى تغيير عميق في منهجيات وضع السياسات والخطط والاستراتيجيات. هذا ما لا نزال نفتقده في ما يحصل بشأن إدارة النفايات في الأسابيع والأيام الأخيرة.
- نعم هناك حاجة فعلية لأن تستعاد الثقة بين المواطنين والدولة، ولكن هذه الثقة لا يتم ترميمها بالكلام الجميل والإبتسامات وبتنشيط الحراك الإعلامي والتواصل. باعتقادنا ليس هذا هو المدخل الصحيح لاستعادة الثقة، وخصوصا في ملف إدارة النفايات، بعدما وصلت إليه حالة النفايات في لبنان إلى ما وصلت إليه من وضع متأزم يلقي بظلاله السوداء على البيئة والصحة العامة. إن الاستمرار في مخالفة القوانين والمراسيم والتشريعات الناظمة لا يشكل أساسا صالحا لاستعادة الثقة وبناء الثقة بين المواطن والمسؤولين في مختلف المواقع في السلطة، وتحديدا في وزارة البيئة. إن أساس استعادة الثقة وبنائها وتعزيزها يرتكز على الإلتزام بالقوانين والمراسيم والتشريعات النافذة.
- نحن لا ندعو للسحر ولا للتخمين، بل نحن بالذات من يطالب اعتماد العلم والدراسات العلمية والإحتكام لها. كل ما نطلبه ونلح عليه ونعتبره أمرا طبيعيا وبديهيا هو إجراء إخضاع الخطة لدراسة “تقييم بيئي استراتيجي” تدرس فيها كل أبعادها البيئية والصحية والإقتصادية –الإجتماعية. ووضع دراسات “تقييم أثر بيئي” للمواقع والمنشآت المنوي إقامتها وفقا للأصول، وحسب ما تقتضيه القوانين والمراسيم، بما في ذلك مشاركة العامة، ولا سيما الناس المتأثرين بالمشروع، باتخاذ القرار بشأنها.
- نحن نرى أن ليس التوافق السياسي على مواقع المطامر هو المعيار، الذي على وزارة البيئة الإرتكاز عليه، بل يجب أن تبادر إلى درس البدائل وإخضاعها إلى تقييم أثر بيئي وصحي واجتماعي شامل وكامل.
- الفرز من المصدر هو مدخل إلى الإدارة المتكاملة وليس هدفا بذاته ولذاته. وبالتالي يجب أن يكون المرسوم متعلقا بكل مراحل الإدارة المتكاملة، وليس فقط بمدخلها وخطوتها الأولى الفرز من المصدر على الأهمية القصوى لهذا المدخل.
- ليس مقبولا أن يسخِّف المسؤول رأي المعترضين على سياسته، ولا تجاهل صحة وسلامة وعلمية وعمق ما يطرحون، ولا دعوة الجمهور إلى القبول بتجاهل القوانين والمراسيم والتشريعات والآليات الناظمة لمعالجة مستدامة للأزمات الحادةـ التي يعيشها قطاع إدارة النفايات في لبنان.
- ليس صحيحا “أن الجمهور عايز كده”، بل الصحيح هو أن الجمهور ينتظر منكم سياسات وخططا مستدامة، تنطلق برؤية استراتيجية، وتعتمد على الآليات والأنظمة النافذة، وليس بتجاهلها التام والسير خلف ظهرها.