انطلقت عصر امس، فعاليات اليوم الاول من مهرجانات “ريف” السينمائية البيئية بدورتها الاولى لهذا العام بعد الدورة صفر العام الماضي، بلقاء بيئي في المركز الثقافي -القبيات، بعنوان “الكسارات في لبنان، الى اين؟”، بالاشتراك مع “المفكرة القانونية”، وحضور مستشار وزير البيئة العميد المتقاعد الياس أبو جودة، نائب رئيس بلدية القبيات جوزيف خطار وفاعليات وناشطين من مناطق الكورة وعكار والهرمل ومهتمين.
ضاهر
بداية، قال مدير المهرجانات الدكتور انطوان ضاهر: “ان مهرجانات ريف هي الاولى في لبنان والعالم العربي، والفضل في ذلك للمخرجة السينمائية اليان راهب التي نشكرها على جهدها وتعاونها”.
فيلم
ثم عرض فيلم “حبر على ورق” لرودريك زهر عن مساوىء الكسارات وآثارها الكارثية على محيطها المباشر، من بشر وشجر ومياه وحجر، تضمن شهادة حية لأحمد جعفر الذي فقد صوته جراء أذى الكسارات كنموذج عن المتضررين بصحتهم واملاكهم من الكسارات اعالي عكار.
وشكر جعفر معدي الفيلم والمهتمين ببيئة المنطقة، مطالبا وزير البيئة ب”ألا يخاف وأن ينفذ وعوده بحماية بيئة لبنان بعدما تسببت الكسارات بتهجير قسم كبير من الاهالي الذين يعيشون في محيطها”.
ندوة
بعد ذلك، كانت ندوة عن الكسارات، تحدث فيها كل من الدكتورة فدوى كلاب والصحافية سعدى علاو وتالا علاء الدين، وأدارها المحامي نزار صاغية الذي أثنى على فعاليات مهرجانات “ريف”، متمنيا ان “يتوسع ليشمل مناطق اكثر في لبنان وان تسمع اصوات الجميع”.
وقال: “اخترنا موضوع الكسارات بالنظر للضرر الكبير على الريف اللبناني وعلى كل الانشطة الزراعية، وألحق ضررا بالسياحة البيئية التي تتأذى من الكسارات”.
وأشار الى أنه “عندما تترك السلطة دون ان يتحرك الناس امر لا يمكن التكهن الى اين ينتهي”.
وتطرق الى الخطط التي وضعت لتنظيم الكسارات، فقال: “المهل الادارية التي اعطيت أتت بمجملها خارج القانون، الامر الذي فاقم من حجم الضرر. وثمة ضرورة لتطبيق مرسوم تنظيم الكسارات حيث اننا من العام 2002 وحتى 2018 تعمل الكسارات بشكل عشوائي وخارج القانون حيث الفساد والرشاوى مستشرية. والسؤال الكبير: من يحاسب على كل هذه الخروقات التي حصلت بموضوع الكسارات؟ وهل يجوز ان يبقى المرتكب خارج دائرة المحاسبة؟ هناك مراسيم اقرت ومراسيم يعمل على اقرارها، ونسأل هل ستطبق. تمنياتنا ان يطبق القانون لصون جبال لبنان واهالي هذا البلد”.
وختم: “هذه الندوة ومثيلاتها ضرورة للتأكيد على المتابعة وعلى اننا سنتابع ونلاحق كمجتمع اهلي وكحقوقيين”.
كلاب
بدورها، قالت كلاب: “نحن بحاجة لان يكون لحكامنا ضمير لحماية بلدنا وبيئتنا”. وتحدثت عن جملة المخططات التوجيهية للكسارات التي والى الان “لم تطبق للاسف”، وقالت: “المقالع والكسارات تنتشر في مختلف المناطق وفق المهل الادارية التي تعطى لها، وحتى الان لم يوضع تصور واضح لحل هذه المعضلة. ونرى ان ثمة تواطؤا قصديا من قبل المسؤولين بأن يبقى هذا الملف دون تنظيم بما يسمح بإفادة للمستثمرين المحميين من سياسيين بأن يستمروا في استباحتهم لطبيعتنا وبيئتنا”.
وشددت على دور البلديات في مواجهة هذا التحدي، وعلى المجتمعات المحلية التي هي “المتضررة الاكبر من فوضى الكسارات وما تخلفه من اضرار كبيرة وكبيرة جدا”، مطالبة وزير البيئة ب”الالتزام بحماية بيئة لبنان”.
وقالت: “ان التنمية المستدامة تتطلب المحافظة على مواردنا الطبيعية ووقف التعديات عليها. ويجب تقديم دعاوى محلية ودولية وللامم المتحدة بحق المعتدين على بيئة البلد”.
علاء الدين
من جهتها، قالت علاء الدين باسم “استوديو اشغال عامة” عن المخططات التوجيهية للمناطق: “ان الرؤية الوطنية للتنمية الاقتصادية في لبنان مجتزأة والاهتمام اساسا يتوجه نحو قطاع البناء، الامر الذي شكل اساءة للبيئة بمجملها”.
وشددت على “اهمية بناء استراتيجية وطنية تحمي البيئة وتحافظ على ديمومتها واستمرارها بما يضمن بقاء الناس في اراضيهم وممتلكاتهم، فالكسارات والمقالع تشكل خطرا داهما على البيئة”، داعية الى “مسار يحفظ الخصائص المحلية للمناطق وان يشارك الناس في ايجاد الحلول”.
علاو
وتحدثت المسؤولة الاعلامية في “المفكرة القانونية” سعدى علاو عن دور الاعلام في تسليط الضوء على مخاطر الكسارات ومثيلاتها من التعديات الجائرة على بيئة وحياة الناس، عارضة لحجم الكوارث البيئية الناتجة عن معامل الاسمنت والكسارات في منطقة الكورة على سبيل المثال، مشددة على “ضرورة تسليط الضوء ايضا على حكايات الناس المتضررين وحجم معاناتهم على كل الصعد الصحية والزراعية والانسانية عموما”.
ضاهر
بدوره، قال رئيس مجلس البيئة في القبيات مدير مهرجانات “ريف” الدكتور انطوان ضاهر: “الارض أمنا ومن الضروري ان نحب أمنا. ان عكار وبيئتها للاسف، غير موجودة على لائحة اهتمام الدولة، والكل مشترك في جريمة نهب الاراضي عبر الكسارات والمقالع الموجودة بالقسم الاكبر منها على اراضي الدولة”.
ودعا الى “مواجهة هذا التحدي، فالاهالي متضررون وقلة قليلة مستفيدة”.
أبو جودة
أما مستشار وزير البيئة فلفت الى “المجازر التي شاهدها في المقالع والكسارات في عكار”، مشيرا الى أنها مجازر لا تغتفر”. وقال: “أؤكد ان وزير البيئة مدافع حقيقي عن البيئة في لبنان، فلنعطه فرصة للعمل وهو جاد في حماية البيئة، لكن جميعكم تدركون حجم الضغوطات والتدخلات السياسية الكبيرة في قطاع الكسارات”.
أضاف: “60 بالمئة من المقالع والكسارات التي زرناها اتخذ قرار بإقفالها. وثمة مشروع قانون لتنظيم المقالع والكسارات، نعد له في وزارة البيئة وسيصدر قريبا. ونتطلع لان يحترم الجميع القانون”.
وتابع: :الفساد سنحاربه، ممنوع توقيع اي رخصة مخالفة، ونحن نتقدم بادعاءات بيئية بحق المخالفين”.
وأشار الى أن “المهل الادارية المتعلقة بالمقالع والكسارات قد صدرت بقرار من مجلس الوزراء”.
نقاشات
بعد ذلك، كانت نقاشات بين الحضور والمتحدثين تناولت مختلف الشؤون المتصلة بالكسارات ومساوئها والحلول العملية لهذا الملف الشائك في الكورة وعكار والهرمل.
وتمحورت النقاشات حول عدة عناوين، كما طرحت جملة اسئلة منها: “من يملك الحق في افتتاح كسارة؟ وما هي الشروط المتوجب مراعاتها في هذا السبيل؟ وهل تلتزم الكسارات في لبنان دفاتر الشروط الموضوعة؟ وهل يسمح القانون بمحاكمة المتخلف عن احترام كل الشروط التي وقع عليها؟ وماذا عن بدع الستوكات والمهل، واي موقع لها في النص القانوني؟ ماذا عن الكسارات غير الشرعية وتلك التي تعمل على اراض مملوكة للدولة؟ وماذا عن الوضع القانوني للشاحنات الشرعية والتي تعمل على نقل اتربة وبحص ورمول استخرجت بطريقة غير شرعية؟”.
يشار الى أن “ريف” هو من تنظيم مجلس البيئة في القبيات، بالشراكة مع “الصالون الثقافي”، وجمعية “بيروت دي سي”، وبالتعاون مع “مهرجان طرابلس للأفلام”.